بينما تنشغل العيون بصفوف الناخبين أمام اللجان، يقف الشحات إسماعيل، عامل النظافة البالغ من العمر 54 عامًا، على بعد أمتار من المقر الانتخابي بمدرسة الشيخة جواهر في بولاق الدكرور بالجيزة، يرتدي بدلته الخضراء التي بهت لونها من أثر الشمس والغبار.
يمسك إسماعيل بمكنسته القديمة كأنها رفيق عمره، بينما يجر عربته الصغيرة، غير مبالٍ بضجيج الميكروفونات أو صور المرشحين المعلقة في كل زاوية، ما يعنيه فقط أن يبقى الشارع نظيفًا.
يعمل إسماعيل مع ثلاثة من زملائه في فريق واحد، يتحركون في صمت وسط الزحام، يجمعون الأعلام والمنشورات التي تسقط أولا بأول على الأرض، ويقول لـ«الشروق» بابتسامة متعبة وهو يلتقط بطاقة دعائية ممزقة: "بننضف أول بأول.. علشان الصورة تفضل حلوة".
ويقول زميله، إبراهيم محمود، 52 عامًا: "إحنا شغلنا ما بيقفش، طول ما الناس داخلة وخارجة، الأرض لازم تفضل نضيفة".
ويضيف محمود، وهو يتابع حركة الوافدين: "كل واحد هنا ليه هدف، واللي جاي يصوت واللي جاي يشجع، أما إحنا هدفنا بس إن المكان يفضل نظيف".
ورغم ازدحام الشوارع بالأطفال والشباب الذين يوزعون منشورات الدعاية الانتخابية، بدا المكان أمام اللجان نظيفًا ومنظمًا، وكأنه لم يشهد سباقًا انتخابيًا.
وفي مشهد يُحتف فيه بالمرشحين، يمر هؤلاء العمال غالبًا بلا انتباه، لكن وجودهم هو ما يحفظ النظام والجمال وسط ضجيج السياسة.
وشهدت بولاق الدكرور منافسة بين 15 مرشحًا، حزبيين ومستقلين، على 3 مقاعد فردية في مجلس النواب. ونظم أنصار بعض المرشحين وقفات ومسيرات بالأعلام والرايات، وزعوا خلالها أوراقا وبطاقات دعائية على المارة.