ملحمة عن تعاليم الإسلام السمحة وسيرة النبى العطرة بمشاركة 750 فنانـًا
شاعر سعودى وملحن بحرينى ومطربون من مصر وعدة دول وأوركسترا برلين
جاءت الليلة الأخيرة لعرض الأوبريت الملحمى «عناقيد الضياء »، باستاد الدفاع الجوى لتشكل لحظة فنية وإنسانية مبهرة وساحرة، علت فيها روح الإبداع، وصيحات المتلقى إعجابا وتأثرا، حيث استطاع العمل أن ينفذ إلى وجدانه واستثارة شجونه بمكوناته السردية والبصرية والموسيقية ومضامينه الإنسانية وأشكاله التعبيرية.
العمل الذى أهدته إمارة الشارقة إلى مصر بمناسبة الاحتفال بذكرى انتصارات أكتوبر، يعكس قيم الإسلام المتمثلة فى المحبة والعدل والتسامح، وهى رسالة مباشرة عن تعاليم الإسلام السمحة، ومحاولة لترسيخ مفهوم الدين الإسلامى الصحيح فى قلوب المتابعين له. وهو بحق سيبقى ماثلا فى الذاكرة، عبر صورته التى شكلت تناغما متكاملا بكلمات الشاعر السعودى عبدالرحمن عشماوى، والتى تناولت سيرة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، وحملت فى مفرداتها معانى ضياء الرسالة المحمدية، وهى تحاكى الأماكن المقدسة ووقائع السيرة وهجرة الرسول وحتى فجر الاسلام.. من ولادة أشرف الخلق إلى غار حراء، ومن جبل النور إلى رحاب الأرض، إلى الوفاة. وقد حمل النص الشعرى شحنة روحانية متناغمة مع ألحان الموسيقار والملحن البحرينى خالد الشيخ الذى استطاع أن يجسد تلك المشاعر بجمل موسيقية لها خصوصيتها بصحبة أربعة من نجوم الغناء فى العالم العربى هم: على الحجار (مصر) وحسين الجسمى (الإمارات) ولطفى بوشناق (تونس) ومحمد عساف (فلسطينى) الذين تألقوا بأصواتهم الملهمة واستطاعوا تجسيد روح العمل ومناخه الآسر.
أيضا الرؤية البصرية نجحت فى خلق صورة جمالية وقد أعادت إحياء المكان بكل تفاصيله المعمارية وفضاءاته التاريخية، عبر استخدام تقنيات إضاءة باهرة وفق صيغة إخراجية جعلت من العرض عملا استثنائيا. ومجموعة كبيرة من الممثلين والمؤدين حيث قدموا ملحمة تحاكى قيمة الاسلام وتروى سيرة الرسول، وكان من أروع لوحات الأوبريت إبداعا، مشهد معركة بدر، وهو المشهد الذى رسخ لقيم وأخلاقيات تعامل الجنود فى المعارك والغزوات مع العدو، حيث كان الرسول يطالب جنوده بألا يقتلوا الشيوخ والسيدات والأطفال، ولا يمثلوا بالجثث، ولايقطعوا الأشجار، ويحسنوا معاملة الأسرى، وألا يهاجموا أى رجل التزم منزله. حيث رأينا فى العرض صوت بلال وهو ينقل وصايا الرسول الكريم إلى المجاهدين بأن «لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة، ولا كبيرا، ولا منفردا بصومعته، ولا تمثلوا بالجثث، ولا تقطعوا شجرة، ولا تهدموا بيتا»، فعلى خطاب مكارم الأخلاق هذا فى ساحات الحرب. صورت الملحمة نشيد انتصار معركة بدر، وهو ما يجعل العمل مناسبا لذكرى انتصار آخر هو انتصار أكتوبر، رغم رؤية البعض بأنه مناسب أكثر لذكرى دينية.. فوصايا الرسول للجنود هى لكل الأزمان.
وهناك أيضا مشهد رحلة الاسراء والمعراج، ومشهد الهجرة الكبير ومشهد يوم الفتح العظيم لمكة، بينما كان أكثرها تأثيرا مشهد خطبة الوداع والرحيل وذلك بمؤثراته الدرامية المفعمة بالحزن، حيث تبدو الأصوات الغنائية فى لحظة تهدج، وموسيقى تبدو باكية وهى تعزف لحن رحيل سيد المرسلين، رغم أن عناقيد الضياء لم تزل تضئ الأرض، حيث كشفت تلك المشاهد قدرة الإخراج على خلق الانسجام والتكامل بين عناصره الجمالية وأشكاله التعبيرية.
وكانت كلمات مشهد نهاية العرض، الذى استغرق مائة دقيقة، معبرة عن الرسالة كلها «اسعدينا يا عناقيد الضياء.. وازيحى الليل عن صدر الفضاء.. وابعثى النور الينا رائدا.. وأرينا وجه خير الأنبياء.. وافتحى دروب الخير بما.. يقرأ الانسان من وحى السماء».
وكان الشيخ سلطان بن محمد بن سلطان القاسمى، ولى العهد ونائب حاكم الشارقة، قال إن العمل تم الاستعانة فيه بمجموعة موسيقية متخصصة من أوركسترا برلين لتنفيذه، كما أن العمل ضم 190 عاملا فى مجال الإنتاج والإدارة من مختلف بلدان العالم، بينها الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والبحرين، وعمان، وأستراليا، والنمسا، والولايات المتحدة الأمريكية، واسكتلندا، وانجلترا، وإيطاليا، والأردن، والكويت، ورومانيا، ولبنان.
وأوضح أن المؤدين بلغ عددهم 186 فردا من دول لبنان، وعمان، والإمارات، والسودان، وأن عدد الأشخاص الذين تواجدوا خلف كواليس هذا العمل بلغوا 350 فردا، و750 شخصا موسيقيا قاموا بتسجيل العمل فى الإمارات، وبرلين، وجمعهم 5 مؤلفين كبار، كما بلغ عدد ساعات العمل فى تسجيل هذا العرض نحو، 3080 ساعة، مؤكدا أن الأوبريت محاولة لإظهار ونشر ثقافة الإسلام من خلال عمل فنى يحمل أبياتا شعرية ورسائل سلام لكل العالم.
