بعد فوزه بجائزة أحمد شوقى: الشاعر عبدالمعطى حجازى لـ«الشروق»: مقولة إننا فى «زمن الرواية» كلام فارغ - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 2:33 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد فوزه بجائزة أحمد شوقى: الشاعر عبدالمعطى حجازى لـ«الشروق»: مقولة إننا فى «زمن الرواية» كلام فارغ

حوار ــ محمد بلال:
نشر في: السبت 13 أبريل 2019 - 3:20 ص | آخر تحديث: السبت 13 أبريل 2019 - 3:20 ص

الشعر فى مصر بخير.. والمشكلة فى غياب دور التعليم وتراجع النشاط الثقافى واختفاء «الوسائط»
عندما نقرأ ما خلفه لنا مثقفو الزمان القديم ومنهم شيوخ الأزهر نجد لغة رديئة وأخطاء لا يجب أن يقع فيها أحد
هناك روائيون لا يعرفون النحو.. ووسائل التواصل الاجتماعى لا تساعد على نشر الثقافة
تعددت المحطات الإبداعية والجوائز فى مسيرة الشاعر أحمد عبدالمعطى حجازى الأدبية منذ «مدينة بلا قلب»، 1959، و«أوراس»، 1959، و«لم يبق إلا الاعتراف»، 1965، و«مرثية العمر الجميل» 1972، و«كائنات مملكة الليل» 1978، ومروربـ«أشجار الاسمنت» 1989، و«دار العودة» 1983، وصولا إلى فوزه مؤخرا بجائزة أمير الشعراء الممنوحة من اتحاد الكتاب المصرى.. خاض عدة معارك وأثار الكثير من الجدل.. فى بداية الحوار قال: إن «جائزة أمير الشعراء بالنسبة لى كانت مفاجأة؛ لأن
نقابة اتحاد كتَّاب مصر تمنحها، وهى مؤسسة مستقلة عن مؤسسات الدولة الرسمية التى تكاد محصورة فى المجلس الأعلى للثقافة، وكذلك هى جائزة تحاط بحرية واسعة، وأتصور أنها ستحظى بمكانة كبرى، خاصة أنها مخصصة للشعر الذى يعد الأقرب للمصريين. بالطبع المصريون أبدعوا فى مجال الرواية إلا أن الشعر هو البداية التى تأسست عليها كل مجالات الحركة الأدبية المصرية والعربية.

* إذن الشعر فى مصر لابد أن تكون له مكانة خاصة؟
ــ هناك دائما شعراء كبار عرب فى العراق وسوريا ولبنان غير أن هؤلاء فى الغالب كانوا أفرادا ولم يكن وجودهم ضمن تيار أو حركة كالتى رأيناها فى مصر، وتأسست عليها الثقافة الحديثة.. عندما نقرأ ما خلفه لنا مثقفو الزمان القديم، ومنهم شيوخ من الأزهر الشريف، سوف نجد لغة رديئة وسوف نجد أخطاء لا يجب أن يقع فيها أحد. لكن النهضة الثقافية وقت محمد على باشا فقد تمثلت فى التأليف والترجمة وإرسال البعثات إلى أوروبا، التى عادت مؤسسة نهضة ثقافية أظهرت محمود سامى البارودى وعلى مبارك والإمام محمد عبده وإسماعيل صبرى، لنصل إلى أحمد شوقى وحافظ إبراهيم. والدور الذى أداه البارودى وكل من أتى بعده مهم جدا، المتمثل فى إحياء اللغة والشعر والنثر أيضا؛ لأن إحياء اللغة من شأنه إحياء الفنون جميعها.

* وماذا عن حال الشعر فى مصر الآن، وهل يتناسب مع تلك المكانة التى ذكرتها؟
ــ نعم فالشعر فى مصر بخير، والمشكلة ليست فى الشعراء، المشكلة أن الشعر كأى فن آخر يحتاج لوسائط، فهناك شاعر ومتلقٍ وهناك الوسيلة مثل الصحيفة أو الراديو، وهناك الناقد الذى يساعد على التذوق. وظنى أن هذا الدور يجب أن تبدأه المدرسة والبيت أيضا، فعندما يبدأ نشاط الطفل الثقافى، ويجد فى منزله ديوان شعر، وأسرة تهتم بالشعر ومدرسته تهتم بالشعر فتنتقل إليه العدوى ويبدأ هو بالكتابة ويجد من يشجعه ويدفعه للأمام. تلك الخطوات الآن مستبعدة، ولا أظن أن الشعر له المكانة التى كانت موجودة من خمسين عاما فى البيت أو المدرسة. والدولة أيضا لا تضع الثقافة فى مكانها ولا تقدم لها ما يجب تقديمه لكى تزدهر. والمؤسسات الثقافية بها موظفون ولكن أين النشاط الثقافى. وأجهزة الإعلام كالراديو والتليفزيون نجد بها الآن كلاما لا يصح أن يقال.
نشأتى فى تلا بالمنوفية عرفتنى الطريق إلى الشعر. كنا نتبارز بالشعر فيما نحفظه، وكنا ننسخه حينما لا نستطيع اقتناءه.
قبل أيام كنت أتصفح العدد الأول من إحدى المجلات الصادرة فى القرن العشرين، وكان الشعر له مكانة، لا يمكن وقتها أن يتخيل أحد الحياة بدون شعر الذى هو شرط من شروط الحياة. أنت تسمع الموال فى الحقل هذا شعر، وتسمع البكائيات فى القرية هذا أيضا شعر، ونحن لا نستطيع الحياة بدون عبدالوهاب وأم كلثوم وهذا شعر. وقبل كل شىء لا نستطيع العيش بدون لغة واللغة تعنى الشعر، فاللغة بدأت شعرا. ومصر فيها الشعر، وبها شعراء كبار. لكن اختفاء الوسائط يؤثر عليه.
ويرجع هذا الاختفاء بسبب تراجع حرية التفكير والتعبير فى مصر من الخمسينيات إلى الآن؛ لأن حرية التفكير والتعبير تنشأ عنها الحركة حيث تسمح لصاحب الرأى تقديم ما لديه، وتمنح الشعور بالمسئولية. فرق كبير بين من يكتب لأنه موظف عين كاتبا وبين الذى يكتب لأنه صاحب رأى.
وغياب النشاط الذى يزدهر فى الشعر، جعلت البعض يطلق مقولة إننا فى زمن الرواية. رغم أن زمن الرواية هو زمن الشعر أيضا. صاحب عبارة «زمن الرواية» يفترض أن الزمن لا يحتمل وجود فنين، أو أن الفن ينتشر بطرد الفنون الأخرى، وهذا كلام فارغ؛ لأننا رأينا أن العصر الذى نشأت فيه الرواية ازدهر فيه الشعر فى أوروبا فى القرن التاسع عشر ففى أوروبا قبل القرن التاسع عشر لم يكن للرواية شأن كبير، وعندما ازدهرت لم يقل أحد أن ظهورها أدى لتراجع الشعر. وكبار الروائيين المصريين مثل نجيب محفوظ ظهر فى وقت ازدهار الشعر. إطلاق الأحكام والمسميات لا يجب أن تصدر بدون مسئولية. فلا يصح لناقد أن يطلق مثل هذه الأحكام، فازدهار الرواية أو الشعر هو ازدهار للغة نفسها. وإذا كان هناك حركة بيع للروايات فهل هذا معناه أن رواية ما تباع لأنها فقط رواية. لا أعتقد ذلك.

* لكن كيف يعود الشعر مرة أخرى لمكانته؟
ــ عن طريق التعليم، فلا شعر بدون لغة قوية. هناك روائيون ــ وأعلم هذا جيدا ــ لا يعرفون النحو؛ لأنهم ليسوا مطالبين بالقراءة ولا مطالبين بالوزن. لكن الشاعر لا يستطيع فعل ذلك؛ لأنه يعود الشعر برجوع المبادرات الخاصة لنشر الشعر، فى الماضى كان أحمد حسن الزيات قد أصدر مجلة «الرسالة» لا يمكن تخيل وجودها بدون وجود الشعر، وقبل الزيات بسبع سنوات أصدرت السيدة روز اليوسف مجلتها والأعداد الأولى كانت تخصص للشعر صفحات كاملة. وعندما تتراجع المجلة يتراجع وسيط مهم للشعر. عدد المجلات التى كانت تصدر فى الاربعينيات من القرن العشرين أكثر من 20 مجلة.. فهل هذا موجود الآن؟!. وفى الستينيات ظهرت عدة مجلات أدبية لم تعد موجودة الآن.

* الآن توجد وسائط أخرى مثل مواقع التواصل الاجتماعى هل يمكن أن تكون بديلة؟
ــ لا بديل عن المطبوع وعن المدرسة، وقد عانيت كثيرا عندما كنت أصدر مجلة إبداع، والتى كانت تتعرض للمصادرة؛ لأن عمال المطبعة كانوا يعترضون على وجود مواد لا تعجبهم، فضلا عن الصعوبات المالية فى صرف مكافآت للكتّاب. إطلاق مثل جائزة اتحاد كتّاب مصر يساعد على ازدهار الشعر، وهى أيضا وفاء لدور مصر للشعر واللغة العربية، وإعطاؤها لشاعر عربى أيضا هو فى محله؛ لتذكير أنفسنا والعالم لدورنا فى إحياء اللغة والشعر. لكن لابد أن يكون الحل شاملا، وتشارك فيه الدولة والمجتمع المدنى والنقابات والهيئات الثقافية.
ودعنى أسألك: ما الذى قدم حتى الآن فى الصحف عن هذه الجائزه لا شىء للأسف، فى حين أنك تسألنى لماذا تراجع الشعر وتراجع جمهوره؛ لأن أحدا لا يهتم وهذا أمر مؤقت؛ إذ لا يمكن أن تكون الأمية أمرا دائما وأن يكون الجهل أبدا ولابد من عودة الوعى.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك