كيف أضحت! (1).. طروادة.. الحصن المنيع الذي أُحرق بسبب امرأة - بوابة الشروق
الأحد 5 مايو 2024 4:47 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كيف أضحت! (1).. طروادة.. الحصن المنيع الذي أُحرق بسبب امرأة

طروادة
طروادة
منال الوراقي:
نشر في: الثلاثاء 13 أبريل 2021 - 10:40 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 13 أبريل 2021 - 5:35 م

بين الكتب والروايات إلى الأفلام، ترددت مدن وأماكن تاريخية عديدة على مسامعنا وأعيننا، حتى علقت بأذهاننا ونُسجت بخيالنا، بعدما جسدها الكتاب والمؤلفون في أعمالهم، لكننا أصبحنا لا نعلم عنها شيئا، في الوقت الحالي، حتى كثرت التساؤلات عن أحوال هذه المدن التاريخية الشهيرة، كيف أضحت وأين باتت تقع؟

بعض هذه المدن تبدلت أحوالها وأضحت أخرى مختلفة، بزمانها ومكانها وساكنيها، فمنها التي تحولت لمدينة جديدة بمواصفات وملامح غير التي رُسمت في أذهاننا، لتجعل البعض منا يتفاجئ بهيئتها وشكلها الحالي، ومنها التي أصبح لا أثر ولا وجود لها على الخريطة، ما قد يدفع البعض للاعتقاد بأنها كانت مجرد أماكن أسطورية أو نسج خيال.

لكن، ما اتفقت عليه تلك المدن البارزة أن لكل منها قصة وراءها، ترصدها لكم "الشروق"، في شهر رمضان الكريم وعلى مدار أيامه، من خلال الحلقات اليومية لسلسة "كيف أضحت!"، لتأخذكم معها في رحلة إلى المكان والزمان والعصور المختلفة، وتسرد لكم القصص التاريخية الشيقة وراء المدن والأماكن الشهيرة التي علقت بأذهاننا وتخبركم كيف أضحت تلك المدن حاليا.

إذا شاهدت فيلم "حرب طروادة" الملحمي العظيم، بالتأكيد راودك سؤال بديهي عن حال مدينة طروادة التي يحمل اسمها ويدور حولها الفيلم الأمريكي الشهير، الذي أنتج عام 2004، وشارك فيه عدد كبير من نجوم هوليوود، والمقتبس عن الأساطير الإغريقية الشهيرة، كملحمتا الإلياذة والأوديسة للشاعر الإغريقي هوميروس، وملحمة الإنيادة للشاعر الروماني فيرجيل، واللاتي تحكي قصة حصار مدينة طروادة، التي تم تجسيدها في العديد من الأفلام التي نالت شهرة جماهيرية وعالمية أيضا.

تنقل بين قصتنا التفاعلية التالية لتتعرف على قصة مدينة طروادة وحصانها الشهير والحرب التي اندلعت فيها بسبب إمرأة وأدت إلى دمارها وأيضا لتتعرف على مكانها الحالي وملامحها الجديدة، ضمن الحلقة الأولى من سلسلة "الشروق" في شهر رمضان.

حصن قوى أصبح وجهة سياحية
ما زالت مدينة طروادة، التي ازدهرت في الألف الثالث قبل الميلاد، وذاعت شهرتها من خلال أساطير الإغريق الأوائل، كالمدينة القوية والحصن المنيع للطرواديين، تحمل الاسم ذاته حتى اليوم، إذ باتت المدينة التاريخية، التي تعد إحدى مدن أسيا الصغرى، تقع بمنطقة الأناضول في تركيا الحديثة، ووجه سياحية لآلاف الزوار من العالم.

فضول عالم آثار يقود العالم لموقعها
ظل مكان مدينة طروادة غير معروف حتى بدأ رجل الأعمال وعالم الآثار البروسي هاينيش شليمان بالتوجه إلى شمال غرب تركيا، وتحديدا بمنطقة "جناق قلعة" التي تحتضن مضيق الدردنيل، ليشرع في الحفر والتنقيب هناك، في عام 1868، على أمل إيجاد المدينة التى يتحدث عنها الإغريق، حتى اكتشف عدداً من الكنوز الأثرية، التي يُعرض منها حالياً الكثير في المتحف البريطاني.

وبعدها بعدة سنوات، توصل المؤرخون وعلماء الآثار إلى أن تلك القطع الأثرية، التي اكتشفها شليمان، تعود لأواخر العصر البرونزي في أسيا، وهي الفترة نفسها التي قال الشاعر اليوناني هوميروس، إنها شهدت قصة ومعركة مدينة طروادة، قبل أن يؤكدوا أن منطقة جناق قلعة الواقعة بولاية تشاناكالي التركية تضم بالفعل أنقاض مدينة طروادة القديمة.


شرارة الحرب.. لغز وامرأة
حتى اليوم، لا تزال قصة مدينة طروادة لغزا، فالبعض يشكك حدوثها، والآخر يؤكده، لكن منطقة جناق قلعة في تركيا وأنقاض المدينة القديمة، تعد خير دليل على الرواية التي تؤكد حدوثها ووقوع الحرب بين الطرواديين والاغريقيين، وقد أرجعت الرواية المشهورة، التي اتفق عليها الفرس القدامى والفينيقيون مع اليونانيين القدماء، شرارة الحرب إلى امراة، كانت سببا في حرق المدينة الحصينة وإبادة شعبها، عن طريق حيلة غريبة، وبعد حصار الإغريق لطروادة عشر سنوات كاملة.

فتذكر الروايات أن شرارة الحرب بدأت بذهاب الأمير المدلل باريس، ابن ملك طروادة مع أخيه المقاتل الشهير هيكتور في مهمة دبلوماسية إلى إسبرطة، المدينة اليونانية التي حكمت العالم القديم لفترة قصيرة في القرن الخامس قبل الميلاد، وأثناء تواجدهم هناك أحب الأمير باريس زوجة الملك مينلاوس شقيق الملك المهيب أجاممنون، ملك المدينة الإغريقية، وهرب معها عائدا إلى طروادة، ليؤجج الحرب والعداوة مع ملوك إسبرطة.


حصار طويل وخدعة تؤي للنكسة
جهز الإغريق آلاف السفن المليئة بالمقاتلين الأشداء من جميع أرجاء ممالك اليونان، واتجهوا إلى طروادة وحاصروها حتى استمر الحصار لمدة عشر سنوات، بعدما فشلوا في دخولها بسبب حصونها المنيعة، فقرروا اللجوء إلى خدعة غريبة بصناعة حصان خشبي ضخم، وتركوه أمام أسوار طروادة، متظاهرين بالانسحاب والتسليم.

ولما استيقظ أهل طروادة ووجدوا الحصان ولم يجدوا على شواطئهم سفن الأعداء، ظنوا أنهم تركوه تذكارا لهم، فاحتفلوا بإنتهاء الحرب والحصار وأدخلوه إلى طروادة، ولكن سرعان ما تكشف أنها مجرد حيلة من الإغريق، إذ اختبأ الجنود الإسبرطيون داخل الحصان الخشبي وما إن حل الليل في طروادة حتى خرجوا وتسللوا لفتح أبواب المدينة أما الزحف الإغريقي، فسيطروا على المدينة ونهبوها وأحرقوها وقتلوا من فيها، ولم يرحموا أحد النساء والأطفال.


الحصان يستقبل زوار طروادة
واليوم وبعد عدة قرون من تدميرها وبعد عقود من اكتشافها، أصبحت مدينة طروادة بتركيا، وجهة سياحية شهيرة يزورها الملايين، بعدما أدُرجت على قائمة التراث العالمي لليونسكو، قبل إثنان وعشرين عاما.

ومن المفاجئ، أن حصان طروادة الذي ظهر في الفيلم الملحمي الأمريكي، ما زال قائما بمدينة طروادة بتركيا، بعدما أهداه صانعو الفيلم للمدينة الأثرية، التي يمتد تاريخها لخمسة آلاف عام، وشهدت تعاقب عدة حضارات آخرها الحقبة الرومانية.

طروادة السابعة.. الحصن والحرب
على امتداد ما يصل إلى مائة وستين عاماً، استمرت الأبحاث والبعثات الأثرية والتاريخية في تركيا، حتى اكتشف علماء الآثار أن طروادة ما هي إلا عشرة مدن بُنيت في موقع المدينة المنيعة، فكلما تدمرت واحدة بنيت الأخرى على أنقاضها، فهناك طروادة الأولى والثانية والثالثة وحتى العاشرة، وفق ما ذكر في موسوعة الآثار التاريخية، للمؤرخ العماني حسين فهد حماد، الصادرة في عام 2003.

وبينما يعتقد علماء اليونان أن طروادة التاريخية (وهي طروادة السابعة) سقطت حوالي عام 1184 قبل الميلاد، يظن كثير من علماء الآثار أن المدينة، التي قصدها الشاعر الإغريقي هوميروس وكتب عنها في ملحمتي الإلياذة والأوديسة، قد دُمرت نحو عام 1250 قبل الميلاد.

طروادة.. الحقيقة والأسطورة
ورغم ما توصل إليه العلماء على مدار التاريخ، يميل الباحثون في العصر الحديث إلى تبني نظرة أكثر تشككا في حقيقة نشوب حرب طروادة، ليبقى السؤال قائما: هل قصة طروادة حقيقة أم أسطورة؟

ذلك السؤال كان لب معرض كبير احتضنه المتحف البريطاني في لندن، تحت عنوان "طروادة: الحقيقة والأسطورة"، ضم أعمالا فنية مستوحاة جميعها من قصة حرب طروادة، وتحف أثرية تعود إلى أواخر العصر البرونزي، لتظهر أعداد زواره كم كان الناس تواقين للتعرف على حقيقة قصة مدينة طروادة.

وبغض النظر عن مدى صحة قصة حرب طروادة، فلا شك أنها كان لها تأثير دائم، ليس على اليونانيين وحدهم، فسواء كانت مستوحاة من حرب اندلعت في الماضي البعيد، أو مجرد عمل خيالي تفنن فيه ذهن كاتب بارع، فقد تركت تلك الحرب بصمتها على العالم، ما أكسبها أهمية تاريخية، وفقا لما ذكرته الكاتبة الإنجليزية، ديزي دان، الباحثة في تاريخ العصور الكلاسيكية، في مقالها بشبكة "بي بي سي" البريطانية.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك