تحل يوم 13 نوفمبر ذكرى ثورة 1935، إحدى فصول النضال الوطني للمصريين على طريق الاستقلال عن الاستعمار البريطاني، حيث شهد ذلك اليوم الشرارة الأولى لثورة طلاب الجامعات على قمع بريطانيا للإرادة المصرية في اختيار دستور للبلاد، ليروي الطلاب بدمائهم ميادين الدولة في كفاح استمر حتى تراجع الهيمنة البريطانية على السياسة المصرية أمام إرادة الشعب في التغيير.
وتسرد "الشروق"، حكاية ثورة 1935 المنطلقة من الجامعات المصرية لرفض التدخل البريطاني في الحياة السياسية المصرية، وذلك نقلًا عن: كتب "انتفاضة 1935 بين وثبة القاهرة وغضب الأقاليم لحمادة إسماعيل، وطلاب الجامعات والسياسة المصرية في القرن العشرين لإرليك هاجي، وعدد صحيفة نيويورك تايمز بتاريخ 13 نوفمبر 1935، وعدد التايم البريطانية في نوفمبر 1935".
* دستور البلاد بين الإرادة الشعبية والتدخل البريطاني
نتج عن ثورة 1919 للزعيم سعد زغلول، وضع دستور مصري يقلل صلاحيات الاستعمار البريطاني عام 1923، ولكن بعد صراع سياسي طويل بين الملك فؤاد الأول، وحزب الوفد، تم إلغاء الدستور ووضع دستور جديد عام 1930؛ ما أدى إلى مقاطعة حزب الوفد للبرلمان آنذاك.
وتطورت الأحداث في عام 1935، حين قرر رئيس الوزراء محمد توفيق نسيم باشا إلغاء دستور 1930، والعودة إلى دستور 1923 الذي كان يطالب به حزب الوفد.
* التصريح البريطاني الذي أشعل الثورة
تفاعلت الحكومة البريطانية مع التطورات السياسية في مصر، ليصرّح وزير الخارجية البريطاني صمويل هورد بتاريخ 9 نوفمبر بأن بريطانيا، عند استشارتها بخصوص الدستور، رفضت دستوري 1923 و1930، ليدل التصريح على تدخل بريطانيا في قرار الحكومة المصرية بشأن اختيار الدستور، فتشتعل موجة غضب في الأوساط السياسية والطلابية المصرية على تصريحات هورد.
* الشرارة الأولى من جامعة القاهرة
خرج طلاب جامعة القاهرة يوم 13 نوفمبر، الموافق لعيد الجهاد الوطني، يوم أن تقدم وفد سعد باشا زغلول بمطالبه إلى المندوب السامي البريطاني، ليشهد التاريخ نفسه انطلاق ثورة 1935 بمسيرة طلابية على كوبري عباس واجهتها الشرطة بإطلاق النار، ما أدى إلى إصابة 88 من المتظاهرين، بينما شهد اليوم وقوع أول هجوم بالحجارة على مبنى القنصلية البريطانية بالقاهرة، وسط تصاعد للاحتجاجات انتهت بسقوط شهيد في تجمع لأنصار حزب الوفد تعرض لهجوم من قوات الشرطة.
واشتدت الثورة في 14 نوفمبر بخروج طلاب المدارس التجارية في الجيزة وتكرار المسيرة على كوبري عباس، حين أقدم ضابط بريطاني على قتل طالب مصري وجرح ثلاثة آخرين، ما زاد من توسع موجة المظاهرات التي عمّت القاهرة وانتشرت في وجه بحري بين محافظات القليوبية والغربية ومدينة المنصورة، وكانت احتجاجات وجه بحري ذات طابع أكثر عنفًا لتشهد سقوط أعداد من الشهداء بين الطلاب.
وأعلنت الفئات السياسية المصرية عبر الصحف عن إضراب عام يوم 21 نوفمبر احتجاجًا على قمع المظاهرات، بينما قررت إدارات الجامعات المصرية تعطيل الدراسة لمدة أسبوع لإيقاف حركة الاحتجاجات المنطلقة من الجامعات المختلفة، إذ شارك طلاب دار العلوم وجامعة الأزهر مع طلاب جامعة القاهرة الذين أطلقوا شرارة الثورة.
واستمرت المظاهرات خلال شهر ديسمبر؛ لتبدأ الحكومة المصرية بالتفاعل، إذ أقرت دستور 1923 تلبيةً للمطالب الشعبية، وأقالت رئيس الوزراء محمد نسيم باشا، لتُعلن حكومة انتقالية أشرفت على انتخابات جديدة فاز بها حزب الوفد، والذي تمكن من إبرام المعاهدة المصرية الإنجليزية التي زادت من الاستقلالية السياسية لمصر.
* مشاركة الزعيم جمال عبد الناصر في الثورة
تزامن اندلاع ثورة 1935 مع دراسة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في كلية الحقوق؛ ليشارك في إحدى المظاهرات حين وقع اشتباك مع الشرطة أُصيب "عبد الناصر" خلاله بطلق ناري في الرأس، لكنه نجا بعد تلقي العلاج؛ ليصبح من الجيل المشارك في الثورة المصرية التالية، ثورة الضباط الأحرار في يوليو 1952.