مصطفى الصادق: شواهد القبور وثائق لفهم وإعادة اكتشاف الأحداث والشخصيات التاريخية - بوابة الشروق
الجمعة 6 يونيو 2025 11:18 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

مصطفى الصادق: شواهد القبور وثائق لفهم وإعادة اكتشاف الأحداث والشخصيات التاريخية

محمد حسين
نشر في: الأحد 18 فبراير 2024 - 12:42 م | آخر تحديث: الأحد 18 فبراير 2024 - 1:27 م

قال الدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بتاريخ وتراث جبانات القاهرة التاريخية، إن شاهد القبر يمثل البطاقة الشخصية للمتوفى، ومن خلالها نتعرف على كثير من الحياة السابقة لهذا المتوفى، ومنها اسم المتوفى، وتاريخي ميلاده، والوظيفة التي شغلها خلال حياته، وأين ولد وأين كان يقيم ومتى كانت وفاته بشكل دقيق؛ حيث وثق تاريخ الوفاة على بعض الشواهد بالساعة والدقيقة، معتبرا أن الجبانات والمقابر تمثل كتاب تاريخ مفتوح.
وأضاف الصادق، كما يمكن أن نتعرف من خلال قراءة الشاهد في بعض الأوقات على سبب الوفاة والوصية التي تركها بعد وفاته، وفي حالة فقد هذا الشاهد أو هدمه تُمحى آخر ذكرى لهذا المتوفى، ومن ثم يُمحى جزء قد يكون مهما من تاريخنا الذي نعتز ونفتخر ونتباهى به.
جاء ذلك خلال حفل مناقشة وتوقيع كتاب "كنوز مقابر مصر..عجائب الأمور في شواهد القبور" للدكتور مصطفى الصادق، أستاذ الطب المتفرغ بقصر العيني والمهتم بتاريخ وتراث جبانات القاهرة التاريخية، والذي استضافته مكتبة ديوان، مساء أمس السبت، بمصر الجديدة.

شهادة وفاة موثقة
أوضح الصادق، أن الشواهد تقدم لنا بعض الصلات العائلية وترابطاتها، ما قد يسهل علينا فهم بعض الوقائع والأحداث التاريخية في تاريخ مصر الحديث، وقد يساهم في إعادة اكتشاف بعض الأحداث التاريخية وفهمها. ووصف الصادق شواهد القبور، بأنها تمثل كنزا فنيا وتاريخيا؛ فهي تروي لنا من خلال زخارف وتكوينها الفني البديع، تفاصيل غاية في الإبهار؛ حيث تلاحظ بأن الشواهد التي تكون لقبر سيدة يتواجد أعلاها ما يشبه التاج، أما بحالة المدفون رجل فإن أعلاه يوجد ما يشبه العمّة، وتضم الشواهد في بعض الأوقات مظاهر جمالية أخرى مثل نحت الضفائر على قبور السيدات، ونحت نماذج للنياشين التي حصل عليها المتوفى في حياته كنوع من التكريم.

حساب الجمل.. دقة وإبداع
وأشار الصادق إلى بُعد فني مهم في كتابة شواهد، حساب الجُمَل ويتعتبر طريقة لتسجيل التواريخ باستخدام الحروف الحدية، حيث يُعطى كل حرف رقما يدلُّ عليه، ومن مجموع أرقام هذه الحروف نستطيع الوصول إلى التاريخ المقصود، فعند جمع أرقام حروف الجملة المكتوبة بعد كلمة «أرَّخَ» نصل إلى سنة الوفاة كما نصل اسم المتوفى.

وعرض الصادق، نموذجًا توضيحيًا لحساب الجمل من خلال شاهد "السيدة توفيقة"، مفتاح للشاهد الأيمن هو كلمة «مارخه»، حيث نجد بعدها جملة تنتهى باسم المتوفية «توفيقة»، تقرأ كما يلى: «الله أكمل فى الجنات توفيقه»، وبجمع أرقام عروف الجملة نصل إلى التاريخ المقصود: (الله: 1+30+30+5= 66)،(أكمل: 1+2040+30 =91)، (في :80+10=90)، (الجنات:1+30+3+501+400=485)،(توفيقه: 400+6+80+10+100+5=601)، ويصبح بذلك المجموع 66+91+90+485+601=1333 ه وهي سنة وفاة المتوفية.

رحلة قدرية
رأى الصادق أن القدر هو من رسم طريقه للشغف بالآثار والقبور وكنوزها، فبعد عودته من بعثة دراسية في سنة 1992، دفعه شغفه بالتراث والتاريخ إلى جولات كثيرة بين جنبات التاريخ، خصوصًا التاريخ الإسلامي وتاريخ مصر الحديث. ثم قادته بعدها قدمه إلى زيارة مدافن عظماء مصر وأبطالها من القادة السياسيين والمحاربين، وإلى زيارة مدافن كثير من أمراء أسرة محمد علي باشا الكبير وحكامها وسلالتها، لأكتشاف كنوزا مخفية لم يرها ولم يوثقها الكثير من قبل، ثم جاءت هواية التصوير، ما مكنه من تصوير بعض الكنوز التي رآها خلال هذه الرحلة وتوثيقها.

عبر ومواعظ
نبه الصادق، إلى أن الشواهد تضمنت عبرا ومواعظ بأيات شعرية بليغة، أو سرد مختصر لقصة المتوفى وأثره الطيب في مجتمعه من خلال أعمال خيرية وغيرها.
وواصل الصادق: "رحلتي في تتبع تاريخ الشواهد لم تقتصر على القاهرة وحدها، بل وثقت بالكاميرا صورا لمقابر بالدلتا والصعيد والتي عبرت عن ثقافة وتراث مختلف، كما تتبعت شواهد لعهد قريب بعد أسرة محمد علي، ومنها مقابر شهداء حرب أكتوبر المجيدة، والتي لاحظت أنها تضم تاريخين تاريخ للوفاة وانتقال الجثمان، ما يشير إلى إمكانية أن تكون جرت اتفاقات لتبادل الجثامين بين مصر والاحتلال".
وشهدت مناقشة الكتاب حضورًا لباحثين من جنسيات أجنبية، ما أدّى لتساؤلات للدكتور مصطفى الصادق بشأن فكرة ترجمة الكتاب وصدوره بطبعات مترجمة، وهو ما رحب به، مؤكدًا أنه مشروع قائم.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك