أحد الأمراض المحيرة التى يحتاج الطبيب إلى صبر يطول وحدس حاضر فى الذهن لتشخيصه. إذ إنه أحد الأمراض التى تتشابه أعراضه مع الكثير من أمراض الجهاز الهضمى التى يصاحبها اضطراب فى الهضم ونوبات إسهال متكررة قد يعقبها إمساك مع الشعور بالغثيان والرغبة فى القىء إلى جانب عوارض الانتفاخ المؤلمة.
قد يهون الأمر إذا ما ارتبط بتلك الأعراض لكن عدم تشخيص المرض فى حينه رغم علاج الأعراض يؤدى إلى المزيد من احتمالات المخاطر الناشئة عن عدم علاج السبب الحقيقى لداء «حساسية القمح». أو مرض سيليك.
يصنف المرض فى تلك المجموعة من الأمراض التى يطلق عليها أمراض المناعة الذاتية، وهى تلك المجموعة من الأمراض التى يفرز فيها الجسم أجسامًا مضادة لنفسه فيبدو الأمر كما لو كان جسد الإنسان ساحة حرب يقاتل فيها ضد نفسه. مثل أمراض الروماتويد والحمى الروماتيزمية والذئبة الحمراء وتيبس مناطق من النخاع الشوكى.
تختلف أعراض المرض فى حدثها وشدتها من إنسان لآخر فلا تخضع لأى قانون عام لكنها تظهر أو تنتشر أو تنحسر وفقا لتفاعل الجسم مع مادة الجلوتين.
الجلوتين مادة بروتينية تستخدم لكى تعطى الخبز والفطائر تلك الليونة التى تتضح حينما يختمر العجين ويعلو. يوجد الجلوتين فى الدقيق والشعير والشوفان وإن كان أثره فى الشوفان أقل حدة. تتأثر الأمعاء الدقيقة وحدها بمادة الجلوتين التى إذا ما لامستها أشعلت فيها التهابا يسرى كالنار فى الهشيم ينتج عنه أن يتغير شكل الغشاء المبطن للأمعاء والذى يرى على شكل زوائد كالأصابع تسهل وتساعد عملية امتصاص المواد الغذائية المختلفة.
تتآكل الأغشية فتقل القدرة على امتصاص كل العناصر الغذائية بلا استثناء وأهمها حامض الفوليك والحديد وفيتامين ب١٢ مما يجعل المريض عرضة لفقر الدم كما يقل امتصاص الكالسيوم وفيتامين د فيصبح الإنسان عرضة لإصابات العظام المختلفة وهشاشتها. أيضا الضمور العضلى الذى ينشأ عن اضطراب امتصاص المعادن والفيتامينات المختلفة. هناك أيضا العديد من الأعراض التى يكون سببها الخفى هو تدمير تلك الأغشية المخاطية الهامة التى تبطن الأمعاء الدقيقة بينما العرض الظاهر لا يدل على علاقة ما بها مثل:
الصداع المستمر والإحساس بالإجهاد بلا مبرر.
نوبات من عسر الهضم، الإمساك، الإسهال، الانتفاخ والغثيان متكررة بلا سبب واضح.
نقص الوزن.
تشققات فى الجلد وتقرحات فى الشفاة.
أعراض نزيف اللثة.
آلام فى العظام بلا مبررات واضحة.
بعض أعراض التهاب الأعصاب فى اليد والقدم كالتنميل.
الإجهاض المتكرر والعقم.
يعد تشخيص المرض بداية صعبًا إلا إذا تنبه الطبيب فى استعراضه بدقة لتاريخ المريض الصحى فهناك احتمال يشير إلى سيران المرض فى عائلات دون غيرها أيضا ارتباط حدة الأعراض بتناول الجلوتين فى الطعام خاصة الخبز والشعير وكل ما يصنع منهما من أكلات لا تخلو من الدقيق ككل أصناف الحلوى والكعك وما شابه.
يعتمد تشخيص المرض إلى جانب الأعراض والتاريخ الطبى على بعض اختبارات المعمل وعينات الدم لكن ما يقطع فى النهاية الشك باليقين هو تلك العينة من أنسجة الأمعاء الدقيقة والتى تتيح صورة واضحة للتدمير الذى أصاب الغشاء المبطن لها تحت الميكروسكوب.
ككل أمراض المناعة الذاتية حتى الساعة ليس هناك علاج شافٍ لحساسية القمح لكن الامتناع تماما عن تناول كل ما يمت للقمح بصلة واستبداله بمواد أخرى كمسحوق الأرز أو دقيق الذرة والبطاطا.
الامتناع أيضا عن تناول أى مشتقات الشعير والشوفان إلى جانب القمح يعطى نتائج ملموسة خلال أسابيع قليلة من بداية نظام غذائى خالٍ تماما منها. مما يؤكد صحة التشخيص ويضمن انحسار الأعراض لغياب سببها حينما تعاود الأمعاء عملها فى يسر بعد التئام الجروح وعودة الصحة والحيوية لخلاياها وأنسجتها.
من الصعب تخيل الأيام بلا حلوى للأطفال أو رائحة الخبيز الطازجة فى البيوت لكن معاناة ذلك المرض اللغز قد تحفز الإنسان إلى اختراع أكلات جديدة يغيب عنها الدقيق ولا ينقصها المذاق الطيب وإن جافاها الجلوتين!
ما الذى يأكله مريض حساسية القمح:
يمكن لمريض حساسية القمح أكل كل شىء يغيب عنه الجلوتين فى الدقيق والشعير والشوفان. الواقع أن الجلوتين قد يختبئ فى مركبات أخرى غير واضحة مثل بعض الأدوية أو المأكولات المحفوظة فى علب لذا يجب التنبه تماما لوجوده فى كل ما تأكل.
من أكثر الأكلات العربية الشعبية التى تحتوى على الجلوتين الكسكسى والبرغل الذى يستخدم فى صنع التبولة لذا يجب تجنبها أو استثناء البرغل من صنع التبولة. استبدال القمح والشعير فى صنع الخبز بدقيق الذرة أو الأرز هو البديل المقبول لمريض حساسية القمح.
تناول البطاطا المشوية فى الصباح كبديل للخبز يعطى ذات النتيجة.
يغيب الجلوتين عن كل الخضراوات الطازجة أيضا عن اللحوم والدواجن والأسماك الطازجة وليست المعلبة أو المضاف إليها نكهات أو صلصات لذا يمكن تناولها فى وصفات شهية تبعد عن الإنسان الإحساس بالحرمان من طعام طيب يحبه.
الشيكولاتة لا تحتوى على الجلوتين فهى البديل المستحب للحلوى.
منتجات الألبان الطبيعية بدون إضافة نكهات إليها كالجبن الأبيض والفريش والزبادى تعوض الكثير من الكالسيوم المفقود بينما لا تفقده النكهة.
اكتب إلينا إذا كنت أحد الذين يعانون من حساسية القمح فلدينا العديد من الوصفات التى قد تعوضك غياب القمح فى طعامك وتضفى على مائدتك بهجة التغيير ومتعة المذاق المختلف.