وطنيات ثورة 1919 (19): أمير الشعراء يحتفل بخروج السجناء السياسيين.. وأم كلثوم تحيي قصيدته بعد 35 عاما - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 8:38 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

وطنيات ثورة 1919 (19): أمير الشعراء يحتفل بخروج السجناء السياسيين.. وأم كلثوم تحيي قصيدته بعد 35 عاما

حسام شورى:
نشر في: الثلاثاء 19 مارس 2019 - 12:46 م | آخر تحديث: الثلاثاء 19 مارس 2019 - 12:46 م

تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس، تذكير قرائها بنخبة مختارة من الأغاني والقصائد الوطنية التي أنتجتها عقول شعراء وفناني مصر الرواد، بالتزامن مع ثورة 1919 أو تفاعلاً معها أو مواكبة لمطالبها وشعاراتها، بهدف إلقاء الضوء على أشكال مختلفة من إبداعنا منذ 100 عام ورصد الآثار الكبيرة للثورة على الفن والأدب في مصر.


••••••••••••


عندما تألفت وزارة محمد سعيد باشا الثانية اتفقت مع السلطة البريطانية في يوليو 1919 على وقف المحاكمات العسكرية، وإحالة من لم يحكم عليهم بعد من المتهمين إلى المحاكم الجنائية الوطنية، ثم عادت المحكمة العسكرية إلى العمل بعد انقضاء عام على هذا الاتفاق وذلك في قضية «المؤامرة الكبرى» التي اتهم فيها عبد الرحمن بك فهمي وآخرون، وحوكموا في يوليو – أكتوبر 1920، وكانت هذه القضية من اكبر المحاكمات في عهد الثورة.

ويروي عبد الرحمن فهمي، في مذكراته أنه أحس بأن شيئا يدبّر له من أن أشخاصا مجهولين لم يعرفهم من قبل كانوا يزورونه قبل القبض عليه ويطلبون منه الاشتراك في أي عمليات اغتيال للإنجليز، وفهم عبد الرحمن فهمي أنهم موعز إليهم بهذا من قبل الداخلية، حتى أنه سعى إلى زيارة بعض المسئولين في وزارة الداخلية ليتفاهم معهم حول هذه التحركات الغريبة والمريبة.

ويؤكد عبد الرحمن فهمي أن هذه القضية ملفقة، وانتهت بصدور حكم بإعدامه ثم تخفيفه إلى 15 سنة حتى خرج مع غيره من المسجونين السياسين خلال الإعفاءات السياسية التي صدرت في أوائل عهد حكومة سعد زغلول عام 1924.

ويرى المؤرخ عبد الرحمن الرافعي أن تلفيق هذه القضية يرتبط بهدف إنجلترا في تصفية المنظمات الثورية الموالية للوفد حين بدأ الوفد المفاوضات مع ملنر في أوائل يونيو 1920، وبالذات ارتباط هذه القضية بموضوع استفتاء الأمة بشأن مشروع التسوية (مشروع ملنر).

فقد كانت السلطات البريطانية تخشى من الدور الذي يمكن أن يقوم به عبد الرحمن فهمي وأجهزته ضد هذا المشروع الذي كان سعد زغلول يرفضه بينما قبله الكثيرون من أعضاء الوفد.

في هذه الأثناء، وبعدما أفرج عن الشباب الذي حكم عليه في تلك القضية قال أمير الشعراء أحمد شوقي عنهم:

يا مصر أشبال العرين ترعرعت.. ومشيت إليك من السجون أسودا
قاضي السياسة نالهم بعقابه.. خشن الحكومة في الشباب عتيدا
أتت الحوادث دون عقد قضائه... فانهار بينه وذلك شهيدا
تقضي السياسة غير مالكة لما... حكمت به نقضا ولا توكيدا
قالو أتنظم للشباب تحية.... تبقى على جيد الزمان قصيدا
قلت الشباب أتم عقد مآثر... من أن أزيدهم الثناء عقودا
قبلت جهودهم البلاد وقبلت... تاجا على هامتهم معقودا
خرجوا فما مدوا حناجرهم ولا.. منوا على أوطانهم مجهودا
خفي الأساس عن العيون تواضعا.. من بعد ما رفع البناء مشيدا
ما كان أفطنهم لكل خديعة... ولكل شر بالبلاد أريد
لما بنى الله القضية منهم... قامت على الحق المبين عمودا
جادوا بأيام الشباب وأوشكوا.. يتجاوزون إلى الحياة الجودا
طلبوا الجلاء على الجهاد مثوبة.. لم يطلبوا أجر الجهاد زهيدا
والله: ما دون الجلاء ويومه... يوم تسميه الكنانة عيدا
وجد السجين يدا تحطم قيده... من ذا يحطم للبلاد قيودا؟

و«القضية» التي يقصدها شوقي هنا هي القضية الوطنية المصرية، وكما هو واضح من الكلمات التي يشرح فيها مدى التضحية التي قدمها الشباب في سبيل هذه القضية، وبالرغم مما أصابهم من سوء إلا أنهم لم يطلبوا مقابل ذلك.

ويبدو في شعره مبلغ تعلقه بالجلاء وإيمانه به وهذا لا ريب فيه من فيض الوطنية التي يستلهم منها شعره، فيشير إلى أن الشباب وجدت من يحطم قيدها، بعد رئاسة سعد زغلول للحكومة والإفراج عنهم في 1924، ولكن شوقي يتسأل: من الذي سيحطم قيد البلاد؟

وهذا المقطع المؤثر من قصيدة «بِأَبي وَروحي الناعِماتِ الغيدا» غنته أم كلثوم في عام 1954 على ألحان رياض السنباطي:

وفي هذه القصيدة يشير شوقي أيضا إلى تصريح 28 فبراير 1922 والذي ترتب عليه رفع الحماية الإنجليزية عن مصر، على أن تكون دولة مستقلة، وإلغاء السلطنة وإعلان المملكة المصرية:

 

ربحت من التصريح أن قيودها...قد صرن من ذهب وكن حديدًا
أو ما ترون على المنابع عدة... لا تنجلي وعلى الضفاف عديدًا
يا فتية النيل السعيد خذوا المدى.. واستأنفوا نفس الجهاد مديدًا

ويوضح شوقي هنا أنه بالرغم من التصريح كان مفيدا للبلاد إلا أنه قيدا من «ذهب» بعد أن كان من «حديد»، مطالبا الشباب باستئناف جهادهم في سبيل تحرير وطنهم، لأن بريطانيا احتفظت في تصريحها بأربعة أمور تعصف بجوهر الاستقلال وهم تأمين المواصلات الإمبراطوية البريطانية في مصر، الدفاع عن مصر، حماية المصالح الأجنبية وحماية الأقليات، والسودان.

وغدا حلقة جديدة...



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك