ماجدة الرومي.. 50 سنة من الغناء للحب والخير والسلام - بوابة الشروق
الإثنين 13 مايو 2024 12:21 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماجدة الرومي.. 50 سنة من الغناء للحب والخير والسلام

أمجد مصطفى:
نشر في: السبت 20 يناير 2024 - 11:49 م | آخر تحديث: السبت 20 يناير 2024 - 11:49 م
• كانت تواصل الليل بالنهار لكى تختار كلمة تحمل رسالة لجمهورها
• تنقلت من عاصمة إلى أخرى لتجد جملة موسيقية مختلفة تميزها
• «يا بيروت يا ست الدنيا» أصبحت بمثابة السلام الجمهورى للبنان
• قضيتها فى الحياة الدفاع عن الإنسان وحقه بالعيش بسلام

فى عام 1972، أطلق الاعلامى اللبنانى الراحل سيمون أسمر، برنامجه الشهير «استوديو الفن» للمواهب، وقتها كان الأول من نوعه فى الوطن العربى، واستطاع البرنامج أن يقدم مجموعة مهمة من الأصوات، ما زالت الساحة الغنائية تستفيد من وجودهم حتى الآن. وفى عام 1974.

التحقت شابة فى مقتبل العمر إلى البرنامج، ومع مرور الحلقات، راهن عليها الجميع بأنها ستكون مستقبل الغناء اللبنانى لسنوات طويلة، نظرا لتمتعها بصوت يجمع بين التكنيك الغربى فى الاداء «الصوت الأوبرالى» إلى جانب حريفة الغناء الشرقى، حيث القدرة الهائلة على التنقل بين المقامات الشرقية، وقتها كان أغلب النجوم العرب فى عالم الغناء يغلب عليهم الطابع الشرقى فى الغناء، لكن تلك الخلطة لم تكن موجودة بشكل يلفت الأنظار، وكان الغناء الشرقى وقتها يعتمد على قوة الصوت، دون غيره.

وجاء صوت ماجدة الرومى ليجمع الأمرين، مع وجود ثقافة غنائية ورثتها عن والدها حليم الرومى، ذلك الملحن الكبير الذى تعلم فى معهد الموسيقى العربية بمصر، ثم سافر إلى لبنان، ليتولى منصبا كبيرا بالاذاعة اللبنانية، ليكتشف وقتها للبنان الصوت الأهم فى تاريخها ألا وهو صوت السيدة فيروز، وبالتالى خرجت ماجدة من منزل يشع نغما، وعلى حد قولها فهذا الوالد الذى تعلم فى مصر، كان له دور كبير فى تكوين شخصيتها، من خلال صور عدة، سواء بنقل خبرته لها، أو من خلال صوت أم كلثوم وعبدالوهاب، حيث كانا ونس المنزل ومصدر البهجة لهم بالطبع عبر المذياع أو الجرامافون.

وبالتالى كان صوت ماجدة مؤهلا لتكون نجمة كبيرة كما توقع لها الجميع فى «استوديو الفن». بالفعل منذ عام 1974، وهى تحتفل هذا العام بمرور 50 عاما على ظهورها الأول كمطربة محترفة، ومن ذلك التاريخ وهى تعد من أهم الأصوات الموجودة على الساحة العربية، لأنها استطاعت أن تعمل كثيرا على نفسها وتجتهد أكثر لكى تصل إلى ما وصلت إليه، لم تكتف بجمال الصوت لكى تصل إلى الناس، لكنها كانت تواصل الليل بالنهار لكى تختار مفردة أو كلمة تحمل رسالة إلى جمهورها، وكانت تنتقل من عاصمة عربية إلى أخرى لكى تجد جملة موسيقية مختلفة تطل بها على الجماهير.

كل هذا يعرفه القاصى والدانى عن ماجدة الرومى وبجانب جمالها الفنى هناك جانب إنسانى داخل شخصيتها يمنحها نوعا آخر من التفرد، يتضح من خلال حرصها على المشاركة فى أعمال الخير، فهى لا تبخل بصوتها من أجل أن تمنح الآخرين قدرا من السعادة، صوتها دائما ينطلق من أجل الخير والسلام والجمال، سواء داخل أو خارج لبنان.

ماجدة الرومى عرفت بحسها الوطنى العالى وقدمت العديد من الأغنيات الوطنية، ومنها: «نشيد الشهداء» و«بيروت ست الدنيا» و«حاصر حصارك» إلى جانب قصيدتها سيدى الرئيس وغيرها الكثير من الأغنيات، التى تدعو إلى محاربة الشر بالخير والحرب بالسلم والخلاف بالمصالحة والعنف بالحوار لتحقيق التغيير الإيجابى.

ماجدة الرومى تحتفل هذا العام بمرور 50 عاما على مشوارها الفنى الذى يضم محطات كثيرة ومهمة بالدرجة التى جعلتها ذات مكانة خاصة، مدعومة بفنها الذى قدمته، فهى من القليلات اللاتى اعتمدن على اختيار القصائد فى زمن كان الكثير من نجوم الغناء يبحثن عن الكلمات البسيطة والجملة اللحنية الراقصة من أجل الانتشار. مشوار ماجدة الرومى يضم ألبومات «خدنى حبيبى ومن زمان والعصفورة وضوى يا قمر ويا ساكن أفكارى وكلمات وأبحث عنى ورسائل، أحبك وبعد وقيثارة السماء وارحمنى يا الله واعتزلت الغرام وغزل».

ابتدا المشوار

وعت ماجدة الرومى على الدنيا وهى تغنى. وهى ابنة العشر سنوات كان كلما رآها أحد من الجيران يقول لها «غنى.. وكان أول تسجيل غنائى لها هو ترتيل كنيسة حفظته عند الروم البروتستانت بعنوان «ميلادك»، «الهوا هوايا»، «عيون القلب».

وقد كان أول انطلاقتها من استوديو الفن عام 74 الذى قدمة سيمون أسمر فى تليفزيون لبنان حيث غنت «يا طيور» للراحلة أسمهان وألحان محمد القصبجى، وهذه الأغنية تبرز طبقات صوت «ماجدة»، وكان والدها حليم الرومى قد رفض فكرة الغناء قبل أن تستكمل دراستها، قائلا لها: العلم قبل الفن والجامعة قبل الاستوديو وحب الفكر قبل حب الظهور ثم قبل الأمر عندما سمعها تغنى هذه الأغنية ولكنه اشترط عليها أن تستكمل تعليمها.

فى 13 أبريل 1975 نشبت الحرب فى لبنان بأول مجزرة فى عين الرمانة وبما أن «كفر شيما» تقع قرب عين الرمانة فقد هرب أهلها منها، وفى ذلك العام سجلت ماجدة أغنيتها الأولى «عم بحلمك يا حلم يا لبنان» من شعر سعيد عقل وألحان إلياس الرحبانى. وكانت النقلة الاهم والكبرى فى مشوارها عندما التقط صوتها الراحل الكبير يوسف شاهين، وأسند لها دور البطولة فى فيلم «عودة الابن الضال» عام 1976، وهو العمل الذى كان بمثابة شهادة ميلاد ثانية لها، لأن العالم العربى تعرف عليها سواء كممثلة أو كصوت من خلال الاغنية التى لا تنسى «مفترق الطرق».
ثم سجلت أسطوانتها الأولى والتى تضمنت: يا نبع المحبة، ما حدا بيعبى مطرحك بقلبى، عم يسألونى عليك الناس وكل شىء عم يخلص.

جمال سلامة

كان للموسيقار الكبير جمال سلامة دور كبير بعد والدها فى تقديم العديد من القصائد المهمة التى ما زالت تغنيها حتى الآن، كان أول تعاون معها فى أغنية «جاى من بيروت» كلمات عبدالرحمن الأبنودى، وتعاون معها فى ألبوم «كلمات» 1991، حيث لحن ووزع لها قصيدة الشاعر الكبير نزار قبانى «بيروت ست الدنيا»، وهى الأغنية التى وصفها نزار بالمرسيلييز اللبنانية وفى ألبوم ابحث عنى 1994 لحن ووزع لها قصيدة نزار قبانى «مع الجريدة» ولحن ووزع قصيدة الشاعر اللبنانى حبيب يونس «لن أعود» وأغنية «غنوا معى» وفى ألبوم رسائل 1996 لحن ووزع قصيدتى الشاعر اللبنانى أنور سلمان «عيناك» و«حبك» و«بدى قلك» للشاعر اللبنانى هنرى زغيب وأغنية «لون معى الأيام» لهنرى زغيب، وأغنية «شو بحب أسهر» للشاعر اللبنانى ايلى بيطار، كما قام بتوزيع قصيدة «سمراء النيل» للشاعر اللبنانى جورج جرداق، والتى لحنها الفنان اللبنانى إيلى شويرى.

وفى ذات الألبوم قام بتوزيع قصيدة «شعوب من العشاق: للشاعر اللبنانى الكبير أنسى الحاج التى لحنها جوزيف خليفة، وقام بتلحين وتوزيع قصيدة «سيدى الرئيس»، وقام بتوزيع أغنية الفنان اللبنانى الراحل حليم الرومى «اليوم عاد حبيبى»، التى كانت بمثابة إعادة صياغة موسيقية لصوته مع صوت ابنته ماجدة الرومى لتكون وكأنها دويتو بينهما بعد ذلك قام د.جمال سلامة بتلحين وتوزيع قصيدة الشاعر الناصر «ما أجمل العشاق» وفى أوائل التسعينيات محطة مع الأغانى الفرنسية، حيث لحن ووزع لماجدة الرومى قصيدة الشاعر والأديب الفرنسى الكبير فيكتور هوجو وأغنية نشيد الحرية ليبرتى.

كشف الراحل الكبير جمال سلامة فى حوار سابق معى تفاصيل بداية التعارف بينه وبين ماجدة الرومى: «عندما كان فى بعثة لروسيا اتصل به كمال الطويل وصلاح جاهين وأخبروه أن هناك عملا كبيرا يستعد له المخرج يوسف شاهين وأن هناك مطربة لبنانية صغيرة ستغنى فيه، وكان ذلك عام 1974، وشاهين نقل له ضرورة أن يكون اللحن عالميا، وبالفعل تدربت معه ماجدة الرومى على ألحان الفيلم»: «منذ ذلك الوقت لم تنقطع علاقته بماجدة الرومى فى الثمانينيات أثناء الحرب اللبنانية أحضرت له قصيدة لنزار قبانى وطلبت منه تلحينها، وكان بداية القصيدة «نعترف أمام الله»..

واقترح سلامة أن تبدأ الأغنية بجملة «يا بيروت يا ست الدنيا»، ووافق نزار قبانى ونجحت القصيدة نجاحا كبيرا وأصبحت بمثابة السلام الجمهورى للبنان» السياسة والإنسان..

ماجدة طوال مشوارها مع الغناء، وهى تبدى اهتماما كبيرا بقضايا الوطن العربى ولها آراء سياسية شديدة الأهمية وعندما سئلت عن اهتمامها بالسياسة، قالت: «قضيتى فى الحياة هى الدفاع عن الإنسان وحقه بالعيش بسلام أنا لا أتكلم سياسة، إنما أتحدث بلهجة وطنية، أنا مواطنة من لبنان لى الحق أن أعبر عن رأيى، مثل أى إنسان آخر، خاصة حين يكون بلدنا بخطر والعالم العربى من حولنا يغلى غليانا، تصبح كلمة الحق النابعة من الضمير لها أهمية كبرى، كى لا نكون صامتين مثل صمت شهود الزور. لا أرضى لضميرى أن أكون شاهدة زور، أنا هنا لا أقول إننى مع حرية وسيادة واستقلال لبنان «ولا شعرة ناقصة» عن هذا المعنى، ومع أمن وأمان العالم العربى بأكمله من مصر وسوريا إلى فلسطين والعراق وليبيا وتونس وكل البلدان التى تعانى ظروفا سياسية صعبة، أمنيتى لها أن تكون آمنة وتعيش بسلام، وللبنان، بعد كل الذى حصل وبعد كل الذين رحلوا، ومنذ أن غنيت «عم بحلمك يا حلم يا لبنان» أسير على مبدأ واحد: لا مساومة على أن يكون وطنى سيدا حرا مستقلا، وتكون لدولته هيبتها وهذا هو ما يليق بدماء كل الشهداء الذين سقطوا منذ بداية الحرب حتى اليوم ومن كل الطوائف.

هذا الموضوع يؤلمنى بعمق، وقدمت أكثر من قصيدة بهذا المعنى مثل «سيدى الرئيس»، و«نشيد الشهداء» و«بيروت ست الدنيا» و«حاصر حصارك» وغيرها الكثير مما غنيت، القضية الإنسانية عندى فوق كل اعتبار، بينما هى بنظر السياسة الدولية «أرخص» شىء يتعاملون به. يتم تقديمنا ضحايا على مذبح هذه السياسة، ولسوء الحظ هناك أشخاص من داخل دولنا متورطين مع أهل هذه السياسة، وهؤلاء برأيى أبعد ما يكونون عن الحساب على هذه الأرض، لكن حسابهم عند الله، وأنا إنسانة مؤمنة برب واحد لكل الأديان ولا بد أن يكون لنا وقفة واحدة أمام الله، ولدى إيمان كبير بالعدالة السماوية ولا أحد سيفلت من يوم الحساب، خصوصا هؤلاء الذين تسببوا فى أن نغرق بدمائنا ودموعنا.

ماجدة ومصر

دائما تعرب الفنانة ماجدة الرومى، عن سعادتها بأحياء أى حفل فى مصر، ودائما ما تقول إن أرض مصر عاصمة التاريخ والحضارة مستعرضة بعض الشخصيات الفنية الخالدة باعتبارهم مثلها الأعلى كما روت جزءا من ذكريات طفولتها، مؤكدة؛ «أنا نصفى مصرى، فوالدتى من مدينة بور سعيد.

وفى حوار سابق مع «الشروق»، قالت: نعم أمى مصرية، وفى يوم ما سوف أسافر إلى بورسعيد حتى أعثر على بيت جدى. وهو أمر يشغل الكثير من تفكيرى. وأمى كانت تحدثنى كثيرا عن بلدها وعن جدتى وبيت جدى هناك، وأضافت أن والدى تخرج فى معهد فؤاد الأول للموسيقى وعندما ترك مصر بعد الدراسة تركها، لأنه كلف من قبل الحكومة اللبنانية بإنشاء الإذاعة اللبنانية، وهو أمر وطنى لم يكن يستطيع أن يرفضه مهما حدث. لكنه اصطحب معه أغلى شىء من مصر وهى أمى، ولذلك مصر فى نص قلبى، وعندما أكون موجودة فيها أشعر ببهجة».

وفى مناسبات وحفلات عدة طالبت «الرومى» الشعب المصرى بأن يلتف حول الرئيس السيسى، ولكن لأنها أمام الله تقول بأن السياسة الدولية تريد الفوضى فى بلادنا، بدليل ما يحدث فى سوريا وليبيا واليمن.

مطربة الصفوة.

حاول البعض تصنيف ماجدة الرومى على أنها مطربة الصفوة لكنها ترفض هذا القول، قائلة أنا لا أقبل هذا الوصف أنا أقدم فنى للجميع، وإذا كانت هذه الصفة قد تسعد البعض، لكنها بالنسبة لى أمر لا يسعدنى بل قد أتصوره كلاما يجرح أكثر منه أى شىء آخر. أنا ملك كل الناس أغنى لكل البشر، لكل الطبقات وربما أبعاد صوتى العالمية أعطت هذا الانطباع.

سر اعتذارها ليوسف شاهين

سألتها فى حوار عن السر وراء اعتذارها ليوسف شاهين عندما زرت قبره.. قالت: الاعتذار كان له سبب واحد وهو انشغالى بهموم وطنى لبنان، فأنا بعد فيلم «عودة الابن الضال» لم يكن لى أن أترك وطنى فى ظل الحرب اللبنانية، كان من الصعب أن أرى قتلى هنا وهناك ورءوس تتطاير، وأنا فى النهاية إنسانة لا يمكن أن أترك جيرانى وأهلى وأقف أمام الكاميرا، أنا لبنانية أبا عن جد، لبنان كان يُطعن من القريب والبعيد. هذا بالنسبة لى لم يكن مقبولا بالمرة «الوقوف امام الكاميرا». لذلك جئت أعتذر له ولولا وجود الناس حولى لصرخت: أنا أحب هذا الشخص وله مكانة كبيرة لا يعلمها إلا الله.

الحرب اللبنانية وأحلامها

عندما تحدثت معها عن الحرب اللبنانية وتأثيرها على مشوارها..قالت: «نعم كان لها تأثير أكيد ولا أتمنى أن تعود تلك الأيام، فالإخوة كانوا يقتلون بعضهم البعض فهل هناك أكثر من هذا شىء يشعرك بالألم. لا أتصور أن أى إنسان يمكنه أن يتعايش مع تلك الاشياء. هذه أمور الله لا يعيدها علينا، لذلك أتمنى من كل قلبى لوطننا العربى أن ينبذ العنف مهما كانت التضحيات.. الحرب بشعة لا أتمناها للعدو.


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك