بعد وفاة البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الاثنين، سلطت صحيفة لوموند الفرنسية الضوء على العلاقة المعقّدة التي ربطت الحبر الأعظم بفرنسا طوال سنوات حبريته.
تلك العلاقة شابها التوتر أحيانًا، وسادها سوء الفهم في أحيان كثيرة، بين بابا يُعرف بتواضعه وانفتاحه، ودولة تُلقَّب تقليديًا بـ"الابنة البكر للكنيسة"، لكنها لم تعد في نظره ذلك النموذج الكاثوليكي القديم الذي يعرفه.
ومن اللامبالاة بحدث وطني كبير كإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام، إلى زيارات غير متوقعة لأماكن هامشية، رسم فرنسيس على مدى 12 عامًا مسارًا متقلّبًا مع بلد لم يفهمه تمامًا، ولم يسعَ أحيانًا إلى ذلك.
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه منذ الأيام الأولى لحَبريته في عام 2013، حافظ البابا فرنسيس على مسافة واضحة تُغلّفها الريبة تجاه فرنسا، تلك الدولة التي غالبًا ما تُصوَّر في الفاتيكان على أنها متعالية، ولم يكن البابا يُدرك تمامًا مفاتيح فهمها أو أسرارها العميقة.
وأشارت "لوموند"، إلى أن حضوره كان منتظرًا ومأمولًا، لكن البابا، ولخيبة أمل العديد من المؤمنين الفرنسيين وبعض المسئولين السياسيين، لم يشارك في الاحتفال الكبير بإعادة افتتاح كاتدرائية نوتردام في باريس يوم 7 ديسمبر 2024.
وتابعت، "هذا الحدث، الذي تلقّى بشأنه دعوة صريحة من الرئيس إيمانويل ماكرون، جرى الإعداد له باعتباره لحظة وطنية مهيبة، تجمع بين الساسة ورجال الدين والمؤمنين وغير المؤمنين، في احتفاء جماعي بتراث بلد لطالما لُقِّب بـ "الابنة البكر للكنيسة".
والمفارقة بالنسبة للصحيفة الفرنسية أن البابا فرنسيس زار فرنسا بعد أسبوع من تلك المناسبة، لكن ليس إلى العاصمة أو المدن الكبرى، بل إلى جزيرة كورسيكا، رحلة لم يتمكن أحد في الفاتيكان من توضيح مبرراتها بوضوح، هذا القرار بتجنب الحضور إلى قلب الحدث، والتوجه بدلًا من ذلك إلى جزيرة أكثر هدوءًا، يُجسّد بدقة العلاقة الغريبة التي ربطت البابا فرنسيس بفرنسا منذ بداية حَبريته، علاقة اتسمت بالتباعد، وحتى ببعض الشكوك، تجاه بلد كان يُنظر إليه في الكرسي الرسولي بنوع من التوجس، وربما الكِبْر، مع صعوبة في فهم تفاصيله وتعقيداته.
وأكدت، "لكن، وبالرغم من هذا التباعد السياسي والدبلوماسي، فإن علاقة البابا بفرنسا لم تخلُ من التقدير لبعض الشخصيات والرموز والمواقع ذات الطابع الديني والتاريخي، التي لطالما شكّلت بالنسبة له جزءًا من تراث الكنيسة الكاثوليكية العالمي".
