أئمة مجددون: عبدالله النديم.. «الخطيب الثائر» عارى البدن يكتسى بـ«جلباب مصر» - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 3:45 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أئمة مجددون: عبدالله النديم.. «الخطيب الثائر» عارى البدن يكتسى بـ«جلباب مصر»

عبدالله النديم.
عبدالله النديم.
كتب ــ محمود هاشم:
نشر في: الإثنين 21 مايو 2018 - 10:04 ص | آخر تحديث: الإثنين 21 مايو 2018 - 10:04 ص

يحفل التاريخ المصرى بشخصياته المؤثرة التى خلدت أسماءها بحروف من ذهب فى ذاكرة الأمة، بذلت حياتها من أجل أن ترى مستقبلا أفضل من حاضرها، فوضعت أكفانها على أيديها فى طريق هذه الغاية، لم تغيرها السنوت، بل هى من غيرتها، فى قمة لقائمة يبرز أعظم خطباء مصر فى تاريخها الحديث، وأشهر كتابها وصحفييها، عبدالله النديم.

فى وقت كانت تموج فيه البلاد بتيارات الإصلاح، رأى النديم «أهل البنوك والأطيان، صاروا على الأعيان أعيان، وابن البلد ماشى عريان، ما معاه ولا حق الدخان»، حينها قرر استغلال كاريزمته الشديدة ومواهبه المتعددة فى الكتابة والخطابة فى إشعال ثورة ضد الخديوى توفيق الذى فتح الباب على مصراعيه للتدخل الأجنبى فى شئون البلاد، فراح يسخر قلمه للكتابات اللاذعة والساخرة من حال البلاد واستكانة أهلها وخضوع حاكمها، ويلقى الخطب فى المنتديات، وينظم المظاهرات، ويحشد تلامذته الأزهريين وغيرهم، فى محاولة لإشعال نار الثورة فى قلوب الجميع.

كان «الأديب الأدباتى» كاتبا مسرحيا ذى نزعه حادة تجاه الخديوى وحاشيته، كما أصدر صحيفة أسبوعية أسماها «التنكيت والتبكيت» انتهجت خطا وطنيا وكتابات ساخرة من أوضاع البلاد تحت سيطرة الإنجليز، قبل أن يغيرها إلى «اللطائف» لتصبح لسان حال الثورة العرابية.

النديم، حسب ما يروى عنه، هو منظم الخلايا السرية الأولى للثورة ضد الخديوى، وضم إليها أحمد عرابى، الذى قاد المسيرة بعدها، بالإضافة إلى على فهمى، وعبدالعال حلمى، كما كان يجمع التوقيعات لتوكيل عرابى بالحديث باسم الأمة، ويجمع المناصرين فى 9 سبتمبر 1881، للوقوف مع ضباط الجيش الثوريين فى ميدان عابدين، قبل أن يسافر مع فرق الجيش المبعدة عن القاهرة فى القطارات، ليخطب فيها وفى الجماهير فى كل بلدة يمر عليها، فيذهب إلى الفلاحين فى حقولهم، ويتوجه إلى الطلاب فى معاهد العلم، محفزا الجميع ضد النفوذ الأجنبى واستبداد الخديوى.

قبل القبض عليه فى أعقاب فشل الثور العرابية، قضى 10 سنوات متخفيا فى ربوع الدلتا والصعيد بأسماء وشخصيات مختلفة، ليسجن بعدها، ثم ينفى إلى يافا فى فلسطين، وبعدما عاد إلى القاهرة نفاه الإنجليز مرة أخرى، فعاد إلى يافا مجددا، ومنها إلى الأستانة، حيث فرضت عليه الإقامة الجبرية، ليجد نفسه «حبيس قلم وكتاب».

فى منفاه، لم يجد له سلوى سوى أمسياته مع جمال الدين الأفغانى، التى يتذكران فيها أيام النضال والثورة، التى مهدت بعدها الطريق لمستقبل آخر للبلاد، وإن جاء بعد حين، رغم ذلك لم ينس وطنه لحظة، حتى أنه قفز إلى باخرة عائدة إلى مصر، قبل أن يوقفها جواسيس السلطان عبدالحميد، ويعيدوه إلى منفاه.

فى نهاية حياته، نهش السل الرئوى صدر النديم، فبعث لاستقدام أمه وأخيه، قبل أن يسبقهما الموت إليه، ففارق الحياة فى 1896 وحيدًا دون زوجة أو أهل أو خليل، بينما لا تفارقه صورة بلاده التى لم تجد من يؤنسها فى غيابه.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك