تزامنا مع رفعها.. من أول من صنع كسوة الكعبة المشرفة في التاريخ؟‬ - بوابة الشروق
الأحد 16 يونيو 2024 10:30 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

تزامنا مع رفعها.. من أول من صنع كسوة الكعبة المشرفة في التاريخ؟‬

منال الوراقي
نشر في: الخميس 23 مايو 2024 - 2:16 م | آخر تحديث: الخميس 23 مايو 2024 - 2:16 م

رفعت الهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين، الجزء السفلي من كسوة الكعبة المشرفة بمقدار 3 أمتار تقريباً، وتغطية الجزء المرفوع بإزار من القماش القطني الأبيض بعرض مترين تقريباً من الجهات الأربع، وذلك كما جرت عليه العادة السنوية استعداداً لموسم حج هذا العام، وفق ما ذكرت شبكة "العربية" السعودية.

وتأتي عملية رفع ستار الكعبة عن طريق مجموعة من المختصين من مجمع الملك عبدالعزيز لكسوة الكعبة المشرفة، وهي عبارة عن طي ستار الكعبة المكسوة بقطعة من الحرير الأسود المخطوط عليها آيات من القرآن الكريم للأعلى، لرفعها عن العبث، ولتكون فرصة سانحة للطائفين لرؤية أستار الكعبة مرفوعة، جريًا على العادة السنوية.

ولكن، من هو أول من صنع كسوة الكعبة المشرفة في التاريخ؟

في كتابه "كسوة الكعبة المعظمة عبر التاريخ"، الصادر في مايو عام 1985، رصد المؤرخ الكبير السيد محمد الدقن، من خلاله تاريخ تصنيع وزركشة ونقش كسوة الكعبة المشرفة منذ بناؤها.

ووفقا للكتاب الذي يتناول تاريخ كسوة الكعبة المشرفة، فعند بناء إبراهيم الخليل وابنه إسماعيل عليهما السلام الكعبة المشرفة، بناها بالحجارة بعضها فوق بعض من غير طين ولا جص، ولم يجعل لها سقفا ولا بابا يفتح ويغلق، بل جعل في جهتها الشرقية مكانا مفتوحا علامة على الباب، على أنه وجه الكعبة، وكذلك لم يجعل عليها كسوة، ذلك لأنه لم يؤمر بذلك من ناحية، ولعدم توفر القماش أو الجلد أو الخصف بالكمية المطلوبة في ذلك الزمن من جهة أخرى؛ لأنه لم يكن في مكة شيء سوى قبيلة من جرهم.

وتعددت الروايات حول أول من كسا الكعبة قبل الإسلام، فهناك رواية تقول: إنه إسماعيل بن إبراهيم -عليهما السلام- وأخرى تقول: إنه عدنان الجد الأعلى لنبينا محمد صلوات الله وسلامه عليه، وثالثة تقول: إنه تبع أبو كرب أسعد، ملك حمير.

وعلى الرغم من أن جميع المؤرخين يرجحون -بل وأحيانا يؤكدون- أن تبع ملك حمير هو أول من كسا الكعبة المشرفة في الجاهلية، مستندين لحديث النبي عن أبي هريرة، أنه "صلى الله عليه وسلم" نهى عن سبّ أسعد الحميري، وهو -تبع-، وقال: "هو أول من كسا الكعبة".

إلا أن الأزرقي ومحب الدين الطبري وتقي الدين الفاسي يذكرون بعد ذكرهم للحديث السابق قول محمد بن إسحاق: "بلغني عن غير واحد من أهل العلم أن أول من كسا الكعبة كسوة كاملة تبع، وهو أسعد"، ولم ينفوا الروايتين الأخريين.

ويقول الكتاب: "لا يخفى على القارئ أنه في التقييد بكسوة كاملة، ما يجوز أن الكعبة قد كسيت قبل تبع كسوة غير كاملة، وعلى ذلك فإنه يمكن الجمع بين الروايات الثلاث بأن إسماعيل -عليه السلام- هو أول من كساها مطلقا، وأن عدنان هو أول من كساها بعد إسماعيل، وكانت كسوتهما غير كاملة، أما تبع فهو أول من كساها كسوة كاملة".

-قصة ملك حمير وكسوة الكعبة

وفي كسوة تبع للكعبة المشرفة يذكر ابن هشام، في سيرته أن تبعا وقومه كانوا أصحاب أوثان يعبدونها، فتوجه إلى مكة حتى إذا كان بين عسفان وأمج "بلدتان مجاورتان لمكة" أتاه نفر من قبيلة هذيل فقالوا له: أيها الملك ألا ندلك على بيت مال دائر، أغفلته الملوك قبلك وفيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت والذهب والفضة؟ قال: بلى، قالوا: بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنده، وإنما عنده ما أراد الهذليون هلاكه بذلك لما عرفوا من هلاك من أراده من الملوك وبغى عنده، فلما أجمع تبع لما قالوا أرسل إلى حبرين كانا في صحبته فسألهما عن ذلك، فقالا له: ما أراد القوم إلا هلاكك وهلاك جندك، ما نعلم بيتا الله اتخذه في الأرض لنفسه غيره، ولئن فعلت ما دعوك إليه لتهلكن أنت ومن معك جميعا، فقال: فماذا تأمرونني أن أصنع إذا أنا قدمت عليه؟ قالا: تصنع أهله، تطوف به وتعظمه وتكرمه، وتحلق رأسك يصنع عنده؛ وتذلل له حتى تخرج من عنده.

قال: فما يمنعكما أنتما من ذلك؟ قالا: أما والله إنه لبيت أبينا إبراهيم، وإنه لكما أخبرناك؛ ولكن أهله حالوا بيننا وبينه بالأوثان التي نصبوها حوله، وبالدماء التي يهرقون عنده، وهم نجس أهل شرك، فعرف تبع نصحهما وصدق حديثهما، فقرب النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم، ثم مضى حتى قدم مكة، فطاف بالبيت، ونحر عنده وحلق رأسه، وأقام بمكة 6 أيام ينحر بها الذبائح، ويطعم أهلها ويسقيهم العسل، ورأى تبع في المنام أنه يكسو البيت، فكساه الخصف، ثم رأى في منامه أنه يكسوه أحسن من ذلك فكساء المعافير، ثم رأى في منامه أنه يكسوه أحسن من ذلك فكساء الملاء والوصائل.

وذكر ابن هشام في نهاية روايته قوله: "وكان تبع فيما يزعمون أول من كسا البيت"، وفي قول ابن هشام: "فيما يزعمون" ما يؤيد جواز كسوة الكعبة قبل تبع.

جدير بالذكر أن تبعا هو أول من جعل للكعبة بابا يغلق ومفتاحًا، وقد أنشد تبع شعرا يفتخر فيه بذلك وبكسوته الكعبة فيقول: "ورد الملك تبع وبنوه.. ورثوهم جدودهم والجدودا.. إذ جبينا جيادنا من ظفار.. ثم سرنا بها مسيرا بعيدا.. فاستبحنا بالخيل ملك قباذ.. وابن أقلود جاءنا مصفودا.. وكسونا البيت الذي حرم الله.. ملاء معضدا وبـرودا.. وأقمنا به من الشهر عشرا.. وجعلنا لـبابه إقليدا.. ثم طفنا بالبيت سبعا وسبعا.. وسجدنا عند المقام سجودا.. ونحرنا بالشعب ستة ألف.. فترى الناس نحوهن ورودا.. وخرجنا منه نؤم سهيلا.. قد رفعنا لواءنا معقودا".

ويتضح من هذه الأبيات أن تبعا قد أقام بمكة 10 أشهر لا 6 أيام كما ذكر ابن هشام في سيرته، وأنه قد نحر من الذبائح 6 آلاف رأس خلال تلك المدة التي أقامها في مكة المكرمة، وكان ذلك نحو سنة 220 قبل الهجرة النبوية الشريفة، وقد ظل تبع يكسون الكعبة المشرفة بالجلد والقباطي "قماش مصري" زمنا طويلًا.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك