#نبي_الله (12).. يوسف الصديق.. عزيز مصر الذي أطعم الأرض خلال سنوات العجاف - بوابة الشروق
السبت 11 مايو 2024 9:06 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

#نبي_الله (12).. يوسف الصديق.. عزيز مصر الذي أطعم الأرض خلال سنوات العجاف

بسنت الشرقاوي
نشر في: السبت 24 أبريل 2021 - 2:57 م | آخر تحديث: السبت 24 أبريل 2021 - 2:57 م

يقول الله تعالى في كتابه العزيز "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق، تستعرض "الشروق" مجموعة قصصية عن سير أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.

 

نستعرض في الحلقة الثانية عشر من هذه السلسلة، قصة النبي يوسف الصديق عليه السلام، بصورة مختصرة من الوارد ذكره في كتاب "البداية والنهاية" عن قصص الأنبياء، لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفدا إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفي عام 774 هجرية.

 

• نسب سيدنا يوسف

 

هو يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن آدم عليهم السلام أجمعين، وهو ابن السيدة العراقية راحيل، زوجة وابنة خال النبي يعقوب عليه السلام، ويوسف هو عزيز مصر ، أى رئيس وزرائها وليس ملكها.

 

كان سيدنا يعقوب يعيش في فلسطين، ثم انتقل للعيش في مدينة حران بالعراق مع خاله، ثم تزوج ابنتيه راحيل وليا -حسبما كان جائزا وقتها- واثنتين من جواريهن، لينجب منهن جميعا 12 رجلا، كان يوسف بينهم وكان أجملهم، وهو ابن السيدة راحيل، الزوجة الثانية للنبي يعقوب، لهذا يقال إن النبي يوسف عراقي المولد.

 

• نبوءة يوسف

 

قال محمد رسول الله (صلى) عن سيدنا يوسف الصديق، "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم، يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".

 

يروى القرآن الكريم قصة سيدنا يوسف منذ أن كان طفلا في بيت أبيه يعقوب، فيقول الله تعالى في سورة يوسف: "إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين"، صدق الله العظيم.

 

حكى النبي يوسف ما رآه في منامه لأبيه يعقوب، حسبما ذكر في الآية، وكان وقتها صغيرا جدا، فأمره له أبيه بألا يقصصها على أخوته حتى لا يحسدوه، فاستجاب له يوسف.

 

• أخوة يوسف ومكيدة القتل

 

كان سيدنا يعقوب يهوى ويحب سيدنا يوسف لأنه كان صغيرا، فاستشعر أخوته الكبار الغيرة منه، واجتمعوا على قتله، وذات يوم طلبوا من أبيهم أن يأخذوا يوسف في نزهة، فخشى عليه لأنه كان صغيرا، لكنهم طمأنوا أبيهم بأنه سيصبح تحت رعايتهم، وعندما خرجوا ألقوا بيوسف الصغير في بئر، وتركوه وفروا لأبيهم يتباكون وجاءوا بدم مزيف على قميص يوسف قائلين لأبيه إن الذئب أكله.

 

حزن النبي يعقوب بشدة حتى ابيضت عيناه من الحزن على فقدان يوسف، وفقد بصره، لكنه سلم إلى الله أمره.

 

ولأن الله اصطفى يوسف عليه السلام، أرسل إليه من ينقذه من الموت، حيث مرت قافلة على البئر ورأوا النبي يوسف بينما كان أخوته يتابعونه عن بعد، ولما شاهدوا القبيلة تهم بإخراجه من البئر، ذهبوا إليهم وقالوا لهم إنه أخاهم وإنه للبيع، وأخذوا عليه أجرا 20 درهما، وذهب يوسف مع القافلة.

 

• يوسف في مصر.. وكيد امرأة العزيز

 

بعدما اشترت القافلة، النبي يوسف، ذهبت به إلى مصر، فاشتراه عزيز مصر، وأحسن إليه ورباه في قصره، وكذلك فرحت به زوجته زليخة، واحتضنته، ولما كبر يوسف وشب جسده، كان أجمل الرجال، ففتنت به زليخة، وفي يوم من الأيام، أغلقت الأبواب على يوسف وأمرته بأن يبادلها المعصية، فرد عليها يوسف قائلا: "معاذ الله"، فلما همت بالنبي وهم بها، تذكر برهان ربه فعصمه الله من الخطيئة، واتجه مسرعا نحو الباب، وقضت زليخة قميصه من الخلف حتى لا يفلت منها، لكن يوسف كان أقوى وتمكن من الخروج فرأى العزيز واقفا أمام الباب، وافترت عليه زليخة بأنه أراد بها سوءا.

 

تبادلت زليخة ويوسف الاتهامات، فشهد شاهد من أهل زليخة أنه في حال قطعت قميص يوسف من الخلف فهو صادق وهي من الكاذبين، وفي حال قطعته من الأمام فهو كاذب وهي من الصادقين، وقد أراد بها سوءا، فعلم العزيز كيد امرأته وصدق يوسف والتفت إليه وقال له: "لا تحكي ذلك لأحد يا يوسف، وأمر زوجته بالاستغفار عن فعلتها".

 

لكن الخبر انتشر بين النساء في مصر، وأخذوا يلومون زليخة على فعلتها، يقول الله في كتابه العزيز: "وقال نسوة في المدينة، امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه"، فدعتهن زليخة إلى بيتها وحضرت لهن الفاكهة وأحضرت لكل واحدة سكينا، فلما أمرت يوسف بالخروج عليهن، جرحن أيديهن من شدة تأثرهن بجماله، وقلن هذا ليس بشرا، فقالت زليخة: "فذلكن الذي لمتني فيه"، ثم مدحته بالعفة التامة.

 

ويخلط البعض بين عزيز مصر وملك مصر، ويعتقد الكثيرون أن زليخة كانت زوجة ملك مصر، لكن الحقيقة أنها كانت امرأة العزيز، أي رئيس الوزراء في مصر القديمة.

 

انفض المجلس وذهبت النساء، لكن زليخة لم تكتف بذلك، وقررت أن تأخذ مرادها من يوسف وإلا فستحكم عليه بالسجن، وشاركها في إثمها بعض النساء، فحرضن يوسف على السمع والطاعة لسيدته، بل أنهن فُتِنْ أيضا بجماله ودعوه إلى أنفسهن، فأبى يوسف، وقال كما ورد في الكتاب العزيز: "رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه"، فسُجن يوسف إنقاذا لسمعة امرأة العزيز، التي تابت فيما بعد، فبنى الله لها قصرا في الجنة.

 

• معجزة النبي يوسف

 

رزق الله تعالى النبي يوسف بالحكمة وتأويل الأحاديث وتفسيرها، فلما دخل السجن دخل معه فتيان، فقصا عليه رؤيتهما، ففسرها يوسف لهما، وقال لأحدهما إنه سيعصر خمرا للملك، وقال للآخر إنه سيصلب وستأكل الطير من رأسه.

 

ولما وقع بالفعل ما فسره يوسف للرجلين، وخرج الرجل الذي نبأه يوسف بأنه سيسقي للملك خمرا، قال له يوسف "اذكرني عند الملك لعله يخرجني من محبسي وأنا بغير جرم"، فنسى الرجل أمر يوسف، لكن الله أراد أن ينصر يوسف، فسبب له الأسباب، وفي ليلة هب ملك مصر من نومه مذعورا، وقال إنه رأى سبع بقرات ثمان يأكلن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر التفت على سبع يابسات، فعجز المفسرون والسحرة والدجالون عن تفسير الحلم، فسمع ساقي الخمر بالأمر، وأرشد عن يوسف، فحضر يوسف إلى الملك وفسرها له بأن البلاد سيمر عليها سبع سنوات خير، ومن بعدها سبع عجاف، ثم تاني سنة بالخير.

 

• يوسف عزيز مصر (رئيس الوزراء)

 

فرح ملك مصر بحكمة يوسف وعلمه، فطلب منه أن يتولى إدارة العمل في سنوات الخير والجفاف، فرفض يوسف عليه السلام حتى تظهر براءته من قضية امرأة العزيز، فجرى التحقيق وظهرت براءة يوسف الصديق.

 

بعدها طلب يوسف من الملك قائلا: "لكي أنظم الزرع والتخزين، اجعلني على خزائن الأرض، فأنا أستطيع حفظها وعليم بكيفية تدبيرها"، فأصدر الملك قراراً بتعيين يوسف الصديق عزيزاً لمصر، وبهذا جعل الله محنة امرأة العزيز وما نتج عنها من سنوات السجن سبباً لتمكين يوسف في الأرض.

 

تولى يوسف عليه السلام شئون الخزائن، وبدأت سنوات الخير تهل، وهو يدبر عمليات تخزين المحاصيل، ومرت السنوات السبع الأولى وقد أحسن عليه السلام توزيع وتخزين الطعام والمحاصيل، وبدأت السنوات العجاف وانقطع المطر، وهلكت الزروع، وأصيبت البلاد بحالة من الجفاف العام، فقاد يوسف تنظيم عمليات وكميات توزيع الطعام على العباد، وذاع صيت مصر وعزيزها يوسف في تدبير احتياجات العباد، فأقبل الناس على يوسف ليمدهم بالطعام وينقذهم من الهلاك.

 

• يوسف يلتقي أخوته

 

ذات يوم وبينما يوسف عليه السلام يوزع مكاييل الطعام على الناس، فإذا به يرى أخوته الذين مكروا به وألقوه في البئر، فعرفهم يوسف ولم يعرفوه، وقد جاؤوه من خارج مصر ليبيعوا بضاعتهم ويأخذوا بالمقابل طعاماً من خزائن مصر، فجهز يوسف لهم جهازهم وأعطاهم إياه، ثم سألهم عن أحوالهم وأسرتهم، فأخبروه أنهم أبناء نبي الله يعقوب، وقالوا كنا 12 رجلاً، فذهب منا واحد وبقي شقيقنا بنيامين عند أبينا، فقال يوسف لهم عند قدومكم في المرة القادمة، أحضروا معكم أخيكم هذا، ألا ترون أني أحسنت إليكم؟ فقالوا لكن أبانا لا يفارقه ولا يتركه للسفر معنا، فقال يوسف: "إن لم تأتوني بأخيكم فلن أعطيكم أي طعام، ولن يقترب أي منكم من هذه الأراضي"، فقالوا له: "سنحاول إقناع أبانا ونحضره إليك".

 

• ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين.. نبوءة يوسف تتحقق

 

أخبر أخوة يوسف أبيهم بأن يوسف عزيز مصر يريد أخاهم بنيامين، شريطة إعطائهم الطعام، وكان يعقوب عليه السلام متعلقا به للغاية لأنه وجد فيه ريح يوسف، فذهبوا ببنيامين إلى يوسف، فأخذه يوسف منهم وعرفه بنفسه وطمأنه، ثم دس وعاء كيل الطعام في متاع بنيامين، وصاح المنادي أن مكاييل الملك سُرِقت، ففزع أخوة يوسف وبعد التفتيش خرجت المكاييل من متاع بنيامين فاحتجزه يوسف.

 

ذهب أخوة يوسف إلى أبيهم يشكون له احتجاز عزيز مصر أخاهم بنيامين، فابيضت عين يعقوب مرة أخرى من الحزن على فراق ابنه الثاني، فذهب أخوة يوسف إليه يرجوه استعادة أخاهم بعد مرض أبيهم، فصارحهم يوسف بأنه أخاهم وأعطاهم قميصه ليلقوا به على وجه أبيه، فارتد يعقوب بصيرا.

 

ذهب النبي يعقوب وأخوة يوسف وأمه إلى مصر، فقال لهم نبي الله "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين"، فأواهم يوسف عنده، ورفع أبواه على العرش، وخر أخوته له ساجدين، وقد كان السجود وقتها مشروعا للتعظيم والتكريم، فلما رأى يوسف سجودهم، صاح لأبيه قائلا: "يا أبت، هذا تأويل رؤياي التي قصصتها عليك فيما مضى، قد جعلها ربي حقاً، سبحان الله العظيم! سبحان الذي توكلت عليه ورعاني وحفظني، سبحان الذي أكرمني وأحسن بي حين أخرجني من السجن، وحين جاء بكم جميعا إليّ من بعد ما نزغ الشيطان بيني وبين أخوتي، سبحان ربي اللطيف لما يشاء، الذي سبب الأسباب وقدرها ويسرها، جل في علاه، هو العليم الحكيم، الحمد لله الذي آتاني من الملك وعلمني من تأويل الأحاديث، يارب، أنت خالق السماوات والأرض وأنت وليي في الدنيا والآخرة، توفني مسلماً، وألحقني بالصالحين".

 

وإلى اللقاء في الحلقة الثالثة عشر..

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك