بعد تكريم السيسي له.. كيف خطط الجنزوري لتنفيذ مشروع توشكى؟ - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 3:54 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بعد تكريم السيسي له.. كيف خطط الجنزوري لتنفيذ مشروع توشكى؟

بسنت الشرقاوي
نشر في: الأحد 26 ديسمبر 2021 - 6:02 م | آخر تحديث: الأحد 26 ديسمبر 2021 - 6:02 م
وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد، بإطلاق اسم الدكتور الراحل كمال الجنزوري، على محور توشكى، تأكيدًا على دوره في التخطيط للمشروع عندما كان رئيسا لوزراء مصر.

وقال السيسي، خلال افتتاح عدد من المشروعات القومية اليوم في توشكى: "احنا ما عملناش حاجة أكتر من اللي وزارة الري كانت مخططاه، ده شغل الدكتور كمال الجنزوري اللي كان مخططه".

وتنشر "الشروق" كواليس من مذكرات الجنزوري، خاصة عن خطة العشرينة ومشروع توشكى، التي يرويها في مذكراته عن حقبة حكم مبارك، المنشورة في كتاب (طريقي.. سنوات الحلم والصدام والعزلة.. من القرية إلى رئاسة مجلس الوزراء).

كيف خطط الجنزوري لمشروع توشكى؟
يتحدث الجنزوري في مذكراته عن أسرار مشروع توشكى قائلا: عند بداية تنفيذ مشروع توشكى في 11 يناير 1997، كانت الكهرباء والطرق متوافرة قرب موقع المشروع، ولذا أتيحت الكهرباء له خلال فترة لم تتجاوز شهرين، وامتدت إليه الطرق في مدى زمني قصير.

في سنة 1999 كان عدد السكان زاد إلى نحو 60 مليون نسمة، فانخفض متوسط نصيب الفرد من الأرض المزروعة إلى أكثر قليلا من 0.1 فدان، ومن الأرض المأهولة إلى نحو 0.2 فدان، وكان لزاما مع هذا التغيير الذي نتج عنه ضيق أشد في الحيز السكاني، استهداف اتساع الرقعة الزراعية في جميع الاتجاهات والهروب إلى «الوسع».

ففى شرق الدلتا امتدت ترعة السلام إلى حدود قناة السويس، وتجاوزت ترعة الشيخ زايد السويس إلى برها الشرقي في سيناء، وتم التوسع في الشمال الغربي بإنشاء ترعة الحمام التي تأخذ مياهها من ترعة النوبارية بما أضاف حيزا مزروعا، وبالتالي عمرانيا امتد على ساحل البحر الأبيض المتوسط في الشمال الغربي وعلى رقعة جديدة غرب الدلتا، بالإضافة إلى التوسع في محافظة الوادي الجديد غرب الوادي، غير أن هذه الامتدادات لم تحقق الغاية منها مع استمرار التزايد السكاني، وظلت الآمال معقودة على الاستمرار في تحقيق فسحة المكان ليس بالتوسع الأفقي الزراعي فقط، وإنما بنشر توطين المشروعات الصناعية والمشروعات السياحية.

ويعتبر الابتعاد عن الشريط العمراني حول نهر النيل، العلاج لمواجهة مشكلة المناطق العشوائية، حيث أثبتت الدراسات والمسح الشامل لتلك المناطق أنه لا يمكن إصلاح ما هو قائم منها إلا فيما لا يزيد على 20% من إجمالها، بسبب خروجها على المألوف في كل شيء، سواء في عدم صلاحية المباني أو ضيق طرقها أو غياب مقومات إدخال البنية الأساسية (مياه شرب وصرف صحي.. إلخ)، مما يتطلب تغييرا شاملا في بعضها أو هدم مبانٍ كثيرة في بعضها الآخر.

ووفقا لإحصاءات سنة 2007، بلغ إجمالي عدد العشوائيات، على مستوى الجمهورية نحو 640 منطقة يقطنها 12 مليونا و159 ألف نسمة، يشتغل 81% من العاملين القاطنين بها في أنشطة غير رسمية بعضها مخالف للقانون، وقد بلغ عدد هذه المناطق بإقليم القاهرة الكبرى نحو 156، ونحو 136 بالإسكندرية وبالدلتا نحو 208، وبشمال الصعيد نحو 92، وبجنوب الصعيد نحو 48.

وكان الخروج من الوادي، مخططا ومنظم التنفيذ منذ بداية ثمانينيات القرن الماضي، فقد مدت الرقعة الزراعية شرقا وغربا وجنوبا بالتوسع الزراعى وبإنشاء مدن جديدة تبعد عن المدن القائمة وتأخذ مواقعها بعيدا نسبيّا عن الوادي، وامتدت عناصر ومقومات البنية القومية والأساسية إلى هذه المناطق الجديدة.

وتم السير قدما في استصلاح واستزراع مساحات جديدة تصل إلى 3.4 مليون فدان حتى عام 2017، وزعت على ربوع مصرنا الغالية، وكان على رأس هذه المشروعات مشروع تنمية جنوب مصر بتوشكى، الذي يهدف إلى استصلاح واستزراع نحو 540 ألف فدان، وإنشاء قاعدة إنتاجية تكون بمثابة نواة لتعمير الصحاري وربطها بوادي ودلتا النيل وزيادة الرقعة الخضراء، وتوفير المزيد من الغذاء، وفرص العمل في العديد من المجالات الزراعية والصناعية والسياحية، وغيرها من الأعمال الخدمية والإدارية، تسهم جميعها في دعم الإنتاج القومي وتنويع مصادره والتوطين الأفضل للمشروعات والسكان.

ويتكون هذا المشروع من محطة رفع، يمكنها الرفع من بحيرة ناصر حتى وإن انخفض منسوب المياه في البحيرة إلى 147.5م فوق سطح البحر، وتمت الاستفادة من هذه الاستثمارات في تنفيذ أعمال البنية الأساسية للري والصرف بالمشروع، وتشمل محطة طلمبات مبارك العملاقة (التي تعد أكبر محطات الرفع في الشرق الأوسط) بكامل مشتملاتها ووحداتها من ورش مركزية ومحطة محولات للتغذية الكهربائية، ثم إنشاء قناة الشيخ زايد بكامل طولها البالغ 50.8 كيلو متر، والأعمال الصناعية عليها من قناطر التحكم والكباري والمفيضات، إضافة إلى إنشاء دليل فرعي (1.2) بكامل طوله البالغ 22.2 كيلو متر، والأعمال الصناعية عليه كالقناطر والمآخذ والكباري والمفيضات، علاوة على إنشاء دليل فرعي (3.4) بطول 18.5 كيلو متر، وكذلك فرع رقم (1) بطول 24 كيلو مترا، وفرع رقم (2) بطول 24 كيلو مترا والجاري عمل امتداد له حتى الكيلو 26.5، فضلا على إنشاء فرع رقم (3) بكامل طوله البالغ 23.7 كيلو متر بما عليه من محطات رفع ومآخذ، وتم إنشاء هذا الفرع وجميع الأعمال عليه من منحة دولة الإمارات الشقيقة، وجار استكمال العمل بسحارة دليل فرعي (3، 4) أسفل قناة مفيض توشكى.

وفيما يتعلق بتكلفة الفدان، فإن ما تم إنفاقه البالغ 6 مليارات جنيه يتعلق بتنفيذ أعمال البنية القومية اللازمة لتوفير المياه في المنطقة، إلا أن البعض رأي تحميل كل تلك التكلفة على ما يخص الفدان من الأرض الزراعية وقدر ذلك بنحو 10 آلاف جنيه.

ورغم أن هذه التكلفة أقل بكثير من تكلفة الفدان في مشروعات مماثلة، خاصة تلك التي تتطلب رفعا متتاليا للمياه رغم وقوعها في الوادي (مثل مناطق كوم أمبو، وإدفو، وغرب إسنا، وسمالوط، ووادي النقرة، ووادي الصعايدة)، إلا أن الأمر ليس كذلك لأن طبيعة هذا النوع من المشروعات القومية لا يهدف إلى إنشاء بنية هيكلية للمشروعات الزراعية فحسب، بل يجعل من هذه البنية أساسا راسخا لإقامة مجتمعات جديدة، جاهزة لتوطين أنشطة اقتصادية وخدمية متكاملة تناسب حاجة التنمية وتناسب توطين مختلف الأعمار والفئات من أبناء الشعب المهجرة إليها، ليس فقط في المستقبل القريب، بل يمتد ذلك إلى المدى البعيد حسب تخطيط زمني مستمر لتحقيق ناتج ينشأ عن إنتاج مشروعات زراعية وصناعية وسياحية، وأيضا مشروعات الإنتاج الخدمي مثل الكهرباء والنقل والاتصالات وجميع المرافق ومشروعات الخدمـات بما فيها الإسكان.

وينبغى الإشارة إلى أن هذا المشروع الكبير لم يبدأ العمل به من قبيل المصادفة والمجازفة، وإنما هو نتاج دراسات مستفيضة على مدى عدة عقود سابقة بلغت 350 دراسة اقتصادية وفنية وبيئية (متوافرة للاطلاع عليها لدى وزارة الموارد المائية والري)، وبحوث شملت جميع الجوانب من حيث الموارد المائية والأرضية والدراسات الجيولوجية والهيدرولوجية، علاوة على دراسات الجدوى التي قامت بها جهات مختلفة تابعة لوزارة الموارد المائية والري (المركز القومى لبحوث المياه وقطاعات الوزارة المختلفة)، وجهات أخرى تابعة لوزارة الزراعة (مركز البحوث الزراعية هيئة تعمير الصحارى والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية) وأيضا جهات تابعة لوزارة الإسكان، كما قامت الوزارة بإسناد بعض الدراسات لعدد من المكاتب الاستشارية العالمية، بالإضافة إلى الدراسات التى قام بها المستثمرون، وأكدت دراسات الجدوى أن متوسط العائد الاقتصادي للمشروع من الزراعة فقط يتراوح ما بين 11% و18%، وهو من العوائد المرتفعة لمثل هذه المشروعات، يضاف إلى ذلك عوائد المشروعات الأخرى المشار إليها.

ومن المهم في هذا الشأن التأكيد على ما كان وراء الإعداد لمشروع توشكى من دراسات بلغت نحو 350 دراسة كما ذكر من قبل، قامت بها الوزارة المختصة التي يتوافر لديها خبرة تكونت على مدى قرن من الزمان، بما تولته أجهزتها التصميمية والتنفيذية والعلمية التي تتمثل في نحو 13 مركز بحث علمي.

وتابع الجنزوري: "الأمر يقتضي دائما اللجوء إلى جهات الاختصاص لتقرير الصلاحية خاصة في المشروعات الكبرى ذات الطبيعة المركبة التي لا تثبت صلاحيتها، وهو ما لم يحدث فيما يتعلق بمشروع توشكى، إذ توقف العمل فى المشروعات المترتبة على حفر الترعة الرئيسية وإنشاء محطة الرفع العملاقة من أجلها".

اقرأ أيضا:
من مذكرات الجنزوري.. أسرار مشروع توشكى: أطلقناه بعد 350 دراسة بيئية وفنية واقتصادية


قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك