مهاب عادل يكتب: جائحة النظام العربي وضم الأراضي الفلسطينية - بوابة الشروق
الجمعة 10 مايو 2024 2:52 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مهاب عادل يكتب: جائحة النظام العربي وضم الأراضي الفلسطينية


نشر في: السبت 27 يونيو 2020 - 8:27 م | آخر تحديث: السبت 27 يونيو 2020 - 8:29 م

في الوقت الذي يحبس فيه الجميع انفاسه ترقبًا وتعاملًا مع جائحة كورونا وتتسابق القوى الدولية الكبرى من أجل الوصول إلى العلاج لتلك الجائحة ليس فقط الطبي وإنما العلاج السياسي والاقتصادي والاجتماعي لما خلفته تلك الجائحة من آثار وتداعيات وخيمة على كافة مناحي الحياة في العالم أجمع.
يعيش النظام العربي بالتوازي مع جائحة كورونا جائحة أخرى إصابته منذ فترة بذات الطبيعة التدخلية للفيروس التي تصيب بها جسم الإنسان في ظل حالة الضعف المناعي له. فبفعل التدخلات الإقليمية والدولية التي تشهدها المنطقة العربية في غياب تام للقدرة المناعية للنظام العربي للدفاع عن وحداته وفرض رؤيته لحل مشاكله استوطنت هذه الجائحة (التدخل الإقليمي والدولي) الجسد العربي وسيطرت على قدرته على حماية مصالحه وتنسيق الحركة بين اعضائه والانطلاق من رؤية عربية مشتركة تشكل رقمًا صعبًا في المعادلات والخطط الإقليمية والدولية التي يتم ترسيمها لإعادة توزيع مناطق النفوذ والسيطرة بين الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في الصراعات التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة. وهو ما نراه اليوم في (سوريا والعراق وليبيا... وغيرها) وسيظل هذا القوس مفتوح وستظل وحدات النظام العربي مفعولاً بها في ظل غياب الرؤية المشتركة لطبيعة التهديدات التي يواجهها النظام العربي، والتي تستوجب حلاً من داخل الجسد العربي وليس خارجه فعملية التعزيز المناعي (عبر استدعاء الأدوار الخارجية للقوى الإقليمية والدولية) التي تحاول أن تقوم بها عدد من الوحدات العربية اعتقادًا بأنها ستكون بمنأى عن مصدر الخطر الذي يحدق بالجميع ثبت فشلها بل وفاقمت المرض ولم تعالجه واصبحت هي الخطر الحقيقي الذي تواجه المنطقة العربية.
واليوم وضمن حلقات الغياب العربي وغياب الموقف العربي المشترك تجاه قضاياه والتهديدات التي يتعرض لها نظامه. وفي ظل حالة الانشغال التي تعيشها الوحدات العربية بفعل حالة التهديد المستمر التي أوجدتها تلك القوى الدخيلة عليه.. نرتقب ونراقب مثل الغرباء عملية طمس واستلاب لأحد أعضاء هذا الجسد العربي، وهي فلسطين، وتستغل دولة الاحتلال الإسرائيلي هذه الحالة من الضعف وانشغال الوحدات العربية بالتحديات الداخلية والمخاطر والتهديدات الوجودية لأمنها القومي في تسريع عملية السيطرة والاستلاب للأراضي الفلسطينية، وذلك عبر قرارات الضم المرتقبة لأراضي المستوطنات ومناطق شاسعة في الضفة الغربية وفقًا لما جاء في البند 29 من بنود الاتفاق والصفقة السياسية التي جرت بين رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وشريكه في الحكومة بيني غانتس، على أن تسرى إجراءات الضم ابتداء من 1 يوليو 2020. "للبحث في الكابينيت (المجلس الوزاري المقلص للشؤون الأمنية والسياسية) وللحكومة، للمصادقة عليه في الحكومة، و/ أو الكنيست".
وعلى الرغم من خروج العديد من التقارير خلال الأيام الماضية لدوائر الفكر الإسرائيلية والأمريكية تحذر من الإقدام على تلك الخطوة لما تشكله من مصدر خطر للمصالح الإسرائيلية في علاقاتها العربية والأوروبية. إلا أنه يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو ماضٍ في الانتصار للنفعية السياسية التي تضمن له الخروج الآمن وتخلد ذكرى مسيرته السياسية ذات الـ 14 عامًا التي شغل خلالها منصب رئيس الحكومة بهذا الإجراء معولاً على السياق الحالى من ناحية التطورات التي تموج بالإقليم والعالم وحالة الانشغال العالمي بجائحة كورونا على نحو يجعله يتوقع ردة فعل خافتة كسابقتها تجاه القرارات التي تم اتخاذها بمباركة ودعم أمريكي كقرار الاعتراف الأمريكي بكامل السيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل وغيرها.

ومن ثم، تفرض معطيات السياق الحالي عدد من التساؤلات التي ينبغي أن تُطرح في الدوائر السياسية العربية، وفي مقدمتها التساؤل حول الجاهزية العربية للتعامل مع تلك القرارات في حال إقرارها وهل ستكتفي بالتعويل على عامل الوقت وما يُمكن أن تحدثه دوائر التأثير الأخرى؟. وهل يتطلب الموقف الحالي الاستباق بإجراء يعظّم من التكلفة السياسية لقرار الضم على نحو يجعل صانع القرار الإسرائيلي يُعيد النظر مرة أخرى في هذا الإجراء؟. أم سيتم التعويل على أن تعصف التطورات الحادثة حاليًا في الداخل الأمريكي بفرص الرئيس الأمريكي ترامب في الفوز بولاية أخرى في الانتخابات المرتقبة في نوفمبر القادم ومن ثم الاتيان بإدارة جديدة ذات توجه وطرح مغاير للإدارة الحالية حول القضية؟. أم هل اصبح الموقف العربي في حاجة إلى طرح جديد حول صيغ الحل للقضية الفلسطينية في ضوء ما فرضته إسرائيل من معطيات جديدة بسياسة الأمر الواقع – ومازالت تفرضه – ويقره الجانب الأمريكي؟ وذلك من أجل الحفاظ على ما تبقى من مكتسبات يمكن التفاوض عليها. كل هذه تساؤلات وغيرها الكثير يُمكن أن تجيب عليها التطورات خلال الفترة القادمة.

* الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك