يحيى خليل.. فنان الجاز الذى غيَّر مزاج المصريين - بوابة الشروق
الخميس 22 مايو 2025 9:06 ص القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

يحتفل بـ 60 سنة جاز و30 أوبرا

يحيى خليل.. فنان الجاز الذى غيَّر مزاج المصريين

تقرير ــ أمجد مصطفى:
نشر في: السبت 27 أكتوبر 2018 - 1:57 م | آخر تحديث: السبت 27 أكتوبر 2018 - 1:59 م

عازف الدرامز العالمى: تجربتى الموسيقية كانت فريدة.. وخورشيد وخيرت وشنودة وأبوعوف شركاء نجاح
* دجالون حاولوا نزيف التاريخ والقفز على مشروعى الفنى
* أسست مدرسة للجاز المصرى.. وقدمت موسيقى عالمية بروح مصرية شرقية
نظلم الفنان الكبير يحيى خليل عندما نختزل تجربته الموسيقية فى كونه مؤسس فرقة لموسيقى الجاز أو كونه عازفا للدرامز أو موزعا ومؤلف موسيقى، لأن يحيى خليل مؤسسة موسيقية قائمة بذاتها، وحتى نكون أكثر إنصافا لتجربته أو لمشروعه الموسيقى علينا عندما نؤرخ للساحة الموسيقية المصرية والعربية، وأن نضع يحيى خليل فى بؤرة الاهتمام لأن الأغنية قبله كانت شيئا وبعده شئيا آخر، فهو أول من وضع تصورا للتمرد على الأغنية الطربية وطابعها الكلاسيكى الذى كان يعتمد على مضمون عاطفى يقوم على الهجر والعذاب فى الحب، مع موسيقى ذات طابع كلاسيكى عبر جمل طربية ومقامات شديدة الشرقية تنفذها فرقة كبيرة، وبعد يحيى خليل الأمر اختلف تماما فأصبحت المفردات خارج التوقعات لها شكل ومضمون ومعنى مختلف واللحن مزج بين الشرقى والغربى، فيما يعتمد التنفيذ على فرقة صغيرة أقرب إلى الباند الغربى، تكون الغلبة فية لآلات مثل الجيتار والدرامز والأورج إلى جانب ما اصطحبه معه من أمريكا من آلات تستخدم فى استوديوهات تسجيل الصوت لأول مرة فى مصر.
اختار يحيى خليل فى تجربته أيضا أن يكون هناك شكل جديد للمغنى المصاحب للفرقة، فقبله كان النموذج هو عبدالحليم حافظ، ومعه أصبح النموذج هو محمد منير، وهو ما فتح الباب امام كثير من الاصوات التى كانت تريد خوض تجربة الغناء لكنها كانت تخشى من الأسس التقليدية المفروضة على الوسط الغنائى.. وهذا كله يعنى أننا أمام مؤسسة موسيقية فنية بها مفردات خاصة جدا.

يحتفل يحيى خليل هذا العام بأكثر من مناسبة، الأولى 60 سنة على احترافة الموسيقى إلى جانب تكريمه فى العيد الـ 30 لافتتاح الاوبرا الجديدة باعتباره من أوائل الفنانين الذين وقفوا على مسارحها، والأمر الثالث أنه يستعد للاحتفال العام القادم بمرور 40 سنة على انطلاق مشروعة الغنائى فى مصر حيث انه عاد من امريكا عام 1979 ليبدأ الحلم. وبهذه المناسبات الثلاث تستعرض «الشروق» وتستطلع رأيه عن أهم المحطات فى مشواره.

* إحياء الحلم القديم
عاد يحيى خليل إلى أرض وطنه فى عام 1979، وكون فرقته الموسيقية الجديدة، كانت بمثابة إحياء لحلمه القديم الذى كان قد بدأ قبل السفر لأمريكا عندما كوّن فرقة خاصة به وعمرة 14 سنة، وكونت الفرقة الجديدة التى قال عنها بعض النقاد الموسيقيين انها كانت تمثل آنذاك «أفضل خليط» من المواهب الموسيقية التى تجتمع معا لأول مرة فى عمل مشترك، ومنها عمر خورشيد وعزت أبوعوف وفتحى سلامة وشاركهم بالعزف الفنان عمر خيرت كضيف شرف.
وعن العودة وحلمه ومشروعه فى مصر وزملائه الذين شاركوه الحلم قال خليل: عندما عدت من امريكا كنت اريد ان اقدم موسيقى ايقاعية مصرية بآلات غربية، وبالفعل قدمت اعمالا اذهلت العالم العربى، وبعدها عملت مع بعض الشركات كمخرج موسيقى وصانع للنجوم، ووجدت بعد فترة مجموعة من الدجالين يحاولون القفز على ما اقوم به، فقررت ان ابتعد واترك لهم الساحة.
وعن فرقته قال: «كانوا فنانين بجد، عمر خورشيد قبل رحيله وهو فى عز نجوميته كان يقول انه تعلم منى، وأيضا الفنان الكبير عزت ابوعوف كلما تحدث عن مشروعنا هذا كان يشيد بما كنت اقدمه، فى المقابل هناك آخرون يزيفون التاريخ من اجل انفسهم ولكن مهما حدث فهناك حراس للتاريخ.

*تأثيره فى صناعة الكاسيت
عند عودته من امريكا أوكلت له بعض شركات الانتاج مسئولية وضع تصور جديد لتطوير الاغنية المصرية، وذلك فى ضوء المستجدات التى كانت تعيشها الحركة الموسيقية على مستوى العالم، وبالفعل كون فرقته الموسيقية وبدأ رحلة البحث عن الفنان الذى يمكن أن يكون صوت هذا المشروع، ووقع الاختيار على الفنان محمد منير والذى قدم معه اربعة البومات هى شبابيك وبرىء واتكلمى ووسط الدايرة، وكانت هى موضة العصر واتجهت الاغنية المصرية بعدها اتجاها آخر وظهرت مجموعة كبيرة من الاصوات والموسيقيين ساروا على نفس الدرب، وكان يحيى خليل قاسما مشاركا فى معظم الاعمال، ومن وقتها اصبحت هناك نغمة شابة جديدة على هذا الوسط تجمع بين دفء الشرقية وانفتاح الغربية.

* بوصلة الشباب إلى الأوبرا
بعد افتتاح دار الاوبرا الجديدة كان يحيى خليل من اوائل الفنانين الذين قدموا حفلات على مسارحها، وهو من اشترك فى الافتتاح بالعزف مع الفنان العالمى «ديزى جليسبى»، الجميل ان حفلات يحيى خليل كانت السبب الرئيسى فى معرفة الشباب بدار الاوبرا حيث كانت حفلاته تحظى باهتمام كبير، وكانت الاوبرا تضطر لزيادة المقاعد، والاستعانة بالشرطة لتنظيم دخول الجماهير المحتشدة والتى كانت تقدر بالآلاف.
ويقول الفنان الكبير عن تجربته فى الاوبرا: سعدت جدا بافتتاحها ووجدت فيها مكانا لتنفيذ الحلم.. ووجدت صدى كبيرا فيها لأننى قدمت الجاز ممزوجا بالموسيقى الشرقية فأصبحنا نمتلك نكهة جديدة وضعتنا عالميا بجوار مدارس اخرى استلهمت فن الجاز للتعبير عن موسيقاها وهذا هو الفارق بينى وبين آخرين قلدوا الغرب وادعوا وصولهم للعالمية.

*جولاته بأمريكا وأوروبا

فى عام 1966 سافر يحيى إلى أمريكا للدراسة والاحتكاك بالموسيقيين الذين كان يستمع اليهم، ويحلم بالوصول اليهم وهناك فى البداية، لعب فى مختلف نوادى الجاز وبعد عام انتقل إلى شيكاغو. حيث سمع هناك موسيقى البلوز مع مايلز ديفيس وإلفين جونز وجابور زابو وويس مونتجمرى.
درس الموسيقى لمدة عامين، حيث التحق بمعهد «روى ناب» للجاز لمدة خمس سنوات تتلمذ فيها على ايدى عازف آلات البركشن منهم الأسطورة «روى ناب»، الذى كان معلما وملهما للعديد من أشهر عازفى الجاز حول العالم، وبعد التدريب قرر خليل القيام بجولة كعازف فى الولايات المتحدة وقابل خلالها أساطير الجاز مثل ديزى جيليسبى، وهيربى هانكوك، وتألق بالعزف فى صحبة مشاهير موسيقى الجاز من أمثال «أوليفر جونز» و«ديف يونج» و«فان فريمان» و«جيمس مودى» و«ديزى جليسبى» و«مايلز ديفيس» وعزف مع «كيث جاريتس» و«مايكل هندرسون» بمهرجان بـ«بوردو» فى نوفمبر 1971.
كما عزف مع العديد من فرق الجاز والصول والكانترى والروك والبلوز مثل «فريندز آند لافرز» الشهيرة، و«راسبوتين ستاش و«ريتشارد بيرى» و«شيرالز» و«توب صويال» وغيرهم.
كما شارك خليل فى مهرجانات بأوروبا وافريقيا باعتباره رجل الجاز الذى استطاع ان يمزج الجاز بالموسيقى العربية وهو الامر الذى لقى قبولا كبيرا من مهرجانات الجاز العالمية باعتبار ان ما يقدمه شىء فريد.
عزف خليل مع فرقته التى تضم عازفين من جميع أنحاء العالم من مصر وروسيا والهند وألمانيا وأمريكا واليونان وإيطاليا وغيرها، ويحرص دوما على تجديد دم الفرقة بالعناصر الجديدة وينميها ويشجعها، وذلك من منطلق أن الجاز لغة عالمية لا تعترف بالجنسيات، وعزف فى أكثر من عشرين دولة، وأكثر من مائة مدينة، وشارك فى أكثر من خمسة آلاف حفل ومهرجان فى أنحاء العالم خلال الأربعين سنة الماضية، ومنها مهرجان الجاز الدولى فى كيب تاون 2009 ومهرجان لينز فى عام 2013، والجميل ان يحيى لم يكتف بمؤلفاته فقط لكنه قدم موسيقى كبار المطربين المصريين برؤيته فقدم اعمال ام كلثوم وعبدالحليم حافظ وفيروز وغيرهم.

* تكريمات فى حياته
تجربة يحيى خليل مع الموسيقى جعلته محط أنظار العديد من المهرجانات والتكريمات فى مصر وحول العالم اهم تلك التكريمات.
فى مهرجان بيت اون BEATON لموسيقى الجاز فى إيطاليا عام 2015، واختارته الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 1998 لأن ليكون على غلاف المطبوعة الخاصة بحملتهم التى حملت اسم «اقرأ» لمحو الأمية وتشجيع القراءة، وهى نفس الحملة التى أختير فيها اديب نوبل الراحل نجيب محفوظ 1996، والممثل العالمى عمر الشريف فى 1997، والآن يعد له فيلم عالمى يجرى اعداده فى الولايات المتحدة الأمريكية واخراج ناجى أبو نوّار مخرج فيلم «ذيب» الذى رشح للاوسكار فى عام 2016.
الفيلم يتناول رحلة يحيى خليل مع الجاز ونشره لهذا النوع الموسيقى فى مصر والشرق الاوسط، ومزج موسيقى الجاز بالموسيقى المصرية والتأثير الذى احدثته موسيقاه على الموسيقى العربية، وقبل هذا العام تم تكريمه بمناسبة مرور 30 عاما على افتتاح دار الاوبراالمصرية.
وعن تلك التكريمات قال خليل: الحمد لله مهرجانات جاز كثيرة فى اوروبا واسيا وامريكا يعلمون تماما قدرى، وهناك اهتمام بى اخذ صورا كثيرة اهمها المشاركة الدائمة فى اهم المهرجانات التى تنظم فى كل قارات العالم، والحمد لله على التكريم فى دول كثيرة آخرها ايطاليا ثم فى مصر فى عيد ميلاد الاوبرا الـ30، وهو ليس اول تكريم، فقد كرمت فى بلغاريا وجنوب افريقيا وامريكا وفرنسا.

*عالم الجاز وحكاوى القهاوى
«عالم الجاز» هو اسم البرنامج التليفزيونى الذى قدمة لسنوات طويلة على القناة الثانية بالتلفزيون المصرى، كما قدمه بنفس الاسم على شبكة البرنامج الثقافى، واشتهر خليل أيضا بتقديم موسيقى برنامج حكاوى القهاوى، والتى حظيت بإعجاب وشهرة واسعة بين الجمهور فى تلك الفترة، واصبحت علامة مميزة فى تليفزبون ماسبيرو، وصرح يحيى خليل فيما بعد أن هذا المقطع كان جزءا من مقطوعة له اسمها «قمر» قبل أن يقدمها للبرنامج ولم يكن يتوقع انها ستحقق كل هذا النجاح.

*علاقته بالكبار
كان بليغ حمدى من اصدقاء يحيى خليل، والذى قال عنه: «وتعاونا فى اغنية اشكى لمين عندما اخترتها لكى يغنيها محمد منير بعد ان استمعت اليها ذات مرة ووافق بليغ رغم ان هذه الاغنية كان من المفروض ان يغنيها المطرب محمد الحلو وهناك تسجيل لها بصوته».
كما يحكى رائد موسيقى الجاز المصرى عن علاقته بكمال الطويل، ويقول: «حدث خلاف فى وجهات النظر بيننا ذات مرة، فهو رحمه الله كان ملحنا كبيرا،وكانت له وجهة نظر اثناء تسجيل احدى الاغانى، حيث وجد ان صوت المطرب منخفض بين الآلات فقلت له اننا هنا نستخدم الصوت مثل الآلات لذلك لا يمكن ان نعطيه مساحة اكبر، ومرت الأيام وكنت بصدد اصدار البوم موسيقى لى وطلبت من زياد ابنه وهو صديق لى ان يكتب الموسيقار الكبير كلمة عنى فى الغلاف، وفعلا كتب جملة راقية جدا تعكس وجهة نظره فى موسيقاى وهى «يحيى خليل النغمة الصحيحة لما يجب ان يقدمه الشباب وهو ايضا اعتذار جميل عما يقدمة هؤلاء الشباب».

* احلام فى الصندوق
عن احلامه يقول يحيى خليل لدى الكثير لم يتحقق، ويرى أن موسيقى بلا احلام يعنى انه فقد مشروعيته كفنان، ورغم ما حققته عالميا اتمنى ان ازور كل محافظات ومدن مصر، وهذا المشروع تقدمت به لكل وزراء ثقافة مصر منذ فاروق حسنى ولم يلتفت له احد.. اتصور ان فنانا مثلى قدم الجاز الشرقى فى العالم كله، ينبغى له أن يقدم تجربته لأبناء وطنه فى الصعيد وبحرى ومطروح وسيناء، ومصمما على تنفيذ هذا الحلم لآخر يوم فى عمرى.

*قالوا عنه
سيد حجاب:
تفكير موسيقى جميل يخاطبنا من خلال موهبة مثقفة وذوق رفيع..
محمد سلطان:
الذوق الذى فرض مزاجة على موسيقى الشباب طوال العشر سنوات الماضية وحتى كتابة هذه السطور.
احمد فؤاد نجم:
قد نختلف فى المنهج ولكننا نتفق دائما فى المحاولة الجادة لخلق موسيقى افضل
عمار الشريعى:
استطاع ان يقدم ابرز المطربين الشبان مساهما فى نجاحة والاضافة اليه والى جميع زملائة
مجدى نجيب:
فنان يتمتع بدرجة عالية من النقاء الإنسانى النادرة الوجود، كما انه اصدق من تعاملوا معى فنيا واستطاعوا بجدارة التعبير عن الحانى .
احمد منيب:
فنان يجسد قضية ما يسمى بالاصالة والمعاصرة.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك