نبي الله (16).. موسى: علاقة صيام عاشوراء بخروج بني إسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون - بوابة الشروق
الجمعة 24 أكتوبر 2025 10:56 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

برأيك.. هل تنجح خطة الـ21 بندًا لترامب في إنهاء حرب غزة؟

نبي الله (16).. موسى: علاقة صيام عاشوراء بخروج بني إسرائيل من مصر ونجاتهم من فرعون

بسنت الشرقاوي
نشر في: الأربعاء 28 أبريل 2021 - 11:18 ص | آخر تحديث: الأربعاء 28 أبريل 2021 - 11:18 ص

قال الله تعالى في القرآن الكريم: "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق تستعرض الشروق مجموعة قصصية عن سير أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة.

 

نستعرض في الحلقة الخامسة عشر من هذه السلسلة، قصة أنبياء أهل القرية عليهم السلام، الوراد ذكرهم في القرأن الكريم، وذلك من خلال كتاب "البداية والنهاية" عن قصص الأنبياء، لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفدا إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفى عام 774 هجريا.

 

حظى سيدنا موسى ورسالته إلى بني إسرائيل بشرح تفصيلي في القرآن الكريم، بداية من محاربة فرعون مصر له مرورا بقصة عبادة العجل والشرك بالله ثم قصة لقائه بالخضر وقارون؛ ولأن القصة حافلة بالمواعظ والمعجزات نستعرضها في حلقتين متتاليتين.

 

* نسب سيدنا موسى

 

هو موسى بن عمران بن لاوي بن نفتالي بن جاد بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن سام بن نوح بن إدريس بن شيث بن آدم عليهم السلام، وهو من أنبياء بني إسرائيل، ومن أولي العزم من الرسل.

 

ويرجع أصل بني إسرائيل إلى جدهم النبي يعقوب أو (إسرائيل) عليه السلام، لذا فكل من أتى بعده من الأنبياء من نسله هم أنبياء بني إسرائيل.

 

ولد النبي هارون وأخيه النبي موسى عليهما السلام على أرض مصر، وهما أحفاد إخوة النبي يوسف عليه السلام، من بني إسرائيل الذين قدموا إلى أرض مصر عندما دعا يوسف إخوته لإحضار والدهم النبي يعقوب للعيش في مصر خلال السنوات العجاف التي ضربت الأرض.

 

* رؤية الفرعون التي أنذرت بقدوم النبي موسى

 

رأى فرعون مصر في منامه أن نارا أقبلت من نحو أرض بيت المقدس فأحرقت دور مصر وجميع المصريين، ولم تضر بني إسرائيل، فقال له الكهنة أن هذا غلام سيولد من بني إسرائيل وسيكون هلاك أهل مصر على يده؛ فأمر الفرعون بقتل جميع الغلمان وترك البنات.

 

ثم أمر الفرعون جنوده بقتل جميع الأولاد فور ولادتهم في عام، وتركهم دون أذى في العام التالي؛ فولد النبي هارون شقيق النبي موسى عليهما السلام في عام المسامحة، وولد موسى في عام القتل.

 

* موسى ينجو من الهلاك

 

أوحى الله تعالى إلى أم موسى أن تضعه في صندوق، وتلقيه في نهر النيل خشية أن يقتله جنود فرعون، فيقول الله في كتابه العزيز: "وأوحينا إلى أم موسى أن ارضعيه فإذا خفتي عليه فألقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين".

 

فلما ألقت أم موسى ولدها التقطه جنود وجواري قصر فرعون وأرسلوه إلى امرأة فرعون، فلما رأته أحبته بشدة، فلما جاء فرعون أمر بذبحه، فاستسمحته أن يتركه وقالت له "قرة عين لي ولك" فقال لها" قرة عين لك أما أنا فلا".

 

واستقر موسى عليه السلام بدار فرعون، واستقدمت له النسوة مرضعات كثيرات لكنه لم يقبل الرضاعة منهن جميعا، وبينما كانت أخته تراقب ما يجري، عرضت عليهم أن تدلهم على امرأة ترضعه دون أن تفصح عن أنها أمه، فرد الله موسى لأمه.

 

ويقول تعالى في كتابه العزيز: "وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَىٰ أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُم وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ (12) فَرَدَدْنَٰهُ إِلَىٰٓ أُمِّهِۦ كَىْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ".

 

* موسى مهاجرا خارج مصر (وقيعة بني إسرائيل)

 

لما كبر موسى وأصبح شابا، دخل المدينة ذات يوم.. رأى رجلين يقتتلان ويتضاربان، أحدهما من عشيرته بني إسرائيل والآخر مصري، فلما استعان به الإسرائيلي على المصري؛ ضرب موسى الرجل المصري فقتله دون قصد، فقال وقتها إن ذلك من عمل الشيطان، ولم يكن موسى وقتها نبيا ولم يهبط عليه الوحي من الله تعالى.

 

تعددت الروايات بعد ذلك حول توابع قتل موسى الرجل المصري؛ فذكرت إحداها أن الأمر تكرر الأمر مع موسى؛ فوجد نفس الرجل من بني إسرائيل الذي استنصره بالأمس يتشاجر مع رجل مصري آخر، فلما هم موسى لإنقاذ الإسرائيلي ابن عشيرته، خاف منه الإسرائيلي وظن أنه تدخل لقتله، وقال له: "يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس"، فيما ذكرت روايات أخرى أن جنود فرعون أسرعوا للبحث عن قاتل الشخص المصري؛ ليقرر موسى الهرب من مصر متجها إلى مدين في صحراء الجزيرة العربية.

 

ويقول الله في كتابه العزيز: "وَدَخَلَ ٱلْمَدِينَةَ عَلَىٰ حِينِ غَفْلَةٍۢ مِّنْ أَهْلِهَا فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَٰذَا مِن شِيعَتِهِۦ وَهَٰذَا مِنْ عَدُوِّهِۦ ۖ فَٱسْتَغَٰثَهُ ٱلَّذِى مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِى مِنْ عَدُوِّهِۦ فَوَكَزَهُۥ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ"، وتعني كلمة من شيعته (بني إسرائيل) فيما تعني كلمة عدوه (شخص مصري).

 

قرر نبي الله موسى الهرب مهاجرا فلم يهتد إلى طريق معينة، فسار حتى وصل إلى مدينة مدين، وأهلها عرب يسكنون على أطراف الشام، بالقرب من بحيرة قوم لوط التي يقال إنها في الأردن، وقد بعث فيهم النبي شعيب عليه السلام رسولا.

 

* موسى وقصة الفتاتين

 

وبينما كان موسى يسير وحيدا في الصحراء؛ وجد بئرا وأناس تسقى غنمها وفتاتين ترعيا الغنم وتسقيانه بعيدا عن الناس، فسألهما موسى "لماذا لا تسقيا الغنم مع العامة"، فقالتا "ننتظر حتى يفرغ الرعاة من ذلك ثم نفعل، وأبانا شيخ كبير ولولا ذلك ما خرجنا".

 

ولما فرغ الناس من الاستفادة من البئر وضعوا عليه صخرة كبيرة، وكانت تحتاج لعشرة رجال حتى تتزحزح، فأزاحها موسى وسقا لهما أغنامهما، ثم اصطحبهما إلى والدها النبي شعيب، ولخجل النبي موسى وأخلاقه؛ سار طوال الطريق أمام الفتاتين، وطلب منهما أن تدلاه على مسار الطريق بقذف الحجارة (أن تقذفا حجرا على يمينه وهو يسير أمامهما إذا كان عليه الاتجاه ناحية اليمين، وأن تقذفا حجرا على يساره إذا كان عليه الاتجاه ناحية اليسار، وأن تقذفا حجرا أمامه إذا كان عليه الاستمرار في الطريق ناحية الأمام).

 

فلما ذهبتا إلى أبيهما حكتا له ما فعله موسى، ويقول الله في كتابه العزيز، سورة القصص: "إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا"، فزوج الشيخ الكبير النبي شعيب إحدى بناته للنبي موسى على أن يعمل لديه في رعاية الأغنام مدة 8 سنوات أو عشرا، وبرغم أن غالبية الروايات والأقوال التي رويت حول القصة تذكر أن الفتاتين هما ابنتا النبي شعيب عليه السلام، إلا أن القرآن الكريم لم يذكر ذلك.

 

* نزول الوحي على موسى عليه السلام

 

بعد مغادرته مدين، سار موسى متجها إلى مصر ومعه الغنم وكانت ليلة مظلمة باردة، فوصل إلى طور سيناء بمصر، ورأى نارا، فلما وصل عندها وقف متعجبا، وهنا نزل الوحي على موسى، فكلمه الله أعلى جبل الطور، وأمره بالذهاب إلى فرعون، فطلب موسى من ربه أن يشدد أزره بأخيه هارون فاستجاب له الله وجعل هارون رسولا معه.

 

يقول الله في كتابه العزيز: "فَلَمَّآ أَتَاهَا نُودِيَ يا موسى إني أَنَاْ رَبُّكَ فاخلع نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بالواد المقدس طُوًى".

 

* معجزة موسى وغضب فرعون

 

ذهب موسى عليه السلام إلى فرعون مصر؛ فقص عليه دعوته إلى عبادة الله، فتكبر فرعون وكذب بالآيات التي جاء بها موسى، وطلب فرعون من موسى أن يظهر معجزة حتى يؤمن بربه؛ فأحضر فرعون السحرة وكل منهم ألقى بعصاه فتحولت لثعبان فلما ألقى موسى عصاه تحولت لثعبان كبير التهم كل الثعابين.

 

بعدها، اتهمه فرعون بالسحر، لكن السحرة علموا أن ذلك ليس سحرا، فآمنوا بموسى وأسلموا لله؛ فقتلهم فرعون صلبا على جزوع النخل، وكان لموسى معجزة أخرى فكان يخرج يده من جيبه فتخرج بيضا من دون سوء تسر الناظرين لكن فرعون جحد ذلك كله.

 

* هلاك الفرعون وخروج بني إسرائيل من مصر.. (صيام عاشوراء)

 

لما علم الفرعون بخروج بني إسرائيل مع موسى، قاصدين بلاد الشام؛ غضب غضبا شديدا، وجمع جنوده وقرر ملاحقتهم، فلما رأوه ضرب موسى بعصاه البحر فانشق؛ وعبر ومن معه إلى الجانب الآخر، ولما لاحقهم فرعون وجنوده أغلق عليهم البحر فهلكوا جميعا، وقال بعض الذين مع موسى إن فرعون لا يموت أبدا، فقذف الله بجثة فرعون إلى الشاطئ ليكون عبرة لمن بعده، ويقول الله في كتابه العزيز: "اليَوْمَ نُنْجِيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونِ لِمَنْ خَلْفَكَ آيِة".

 

وسمي هذا اليوم الذي نجا فيه سيدنا موسى وقومه من بطش فرعون بيوم (عاشوراء)، وهو يوم مقدس عند اليهود حتى الآن، ويصومه المسلمون أيضا إما قبل اليهود بيوم أو بعدهم بيوم.

 

ويذكر أن الفترة بين دخول بني إسرائيل مصر على يد سيدنا يوسف باستقدام إخوته وأبيه النبي يعقوب، وبين خروجهم منها رفقة سيدنا موسى عليه السلام بلغت نحو 400 سنة، عاشوا خلالها يتناسلون للحفاظ على أصلهم.

 

* ضلال بني إسرائيل ومتاعب موسى معهم

 

وما أن خرج بنو إسرائيل من البحر حتى بدأت ضلالاتهم تظهر بدلا من شكر الله على نعمه لهم وإنقاذهم من فرعون، فلما مروا على قوم وثنيين يعبدون الأصنام، قالوا له يا موسى اجعل لنا آلهة مثلهم، فبدأت متاعب نبي الله معهم بدءا من عبادة الأصنام حتى ذبح البقرة، وهذا ما نستعرض في الحلقة الثانية من قصة نبي الله موسى عليه السلام.

 

 



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك