بايدن ومشكلة إسرائيل - العالم يفكر - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بايدن ومشكلة إسرائيل

نشر فى : الثلاثاء 1 يونيو 2021 - 8:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 1 يونيو 2021 - 8:35 م

نشر موقع بروجيكت سينديكيت مقالا للكاتب فواز جرجس يرى فيه أن على الرغم مما تسببت فيه حكومة نتنياهو من أذى سواء لإدارة أوباما أو لإدارة جو بايدن، إلا أن بايدن دعم إسرائيل فى عدوانها الأخير على غزة وأعطاها الضوء الأخضر لمواصلة حملتها العسكرية وتغافل عمدا عما يرتكب من انتهاكات فى فلسطين... نعرض منه ما يلى:

عندما سُـئِـل عما إذا كان سيصر على وقف إطلاق النار بعد تصعيد أعمال العنف بين إسرائيل وحماس، قال الرئيس الأمريكى جو بايدن إنه سيتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو «فى غضون الساعة»، وأضاف قائلا: «سأكون قادرا على التحدث إليكم بعد ذلك». لم يكن ذلك التصريح مجرد هفوة من بايدن بأى حال من الأحوال، بل إن مراعاة الرئيس الواضحة لنتنياهو تثير تساؤلات مقلقة ــ وإن لم تكن جديدة ــ حول طبيعة العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل.

ينطبق على إسرائيل وصف «الذيل الذى يهز الكلب»، كما قد يسميها دارسو العلاقات الدولية. نظرا لانعدام التناظر فى القوة بين الدولتين، كان على المرء أن يتوقع من الولايات المتحدة، باعتبارها القوة العظمى التى تزود إسرائيل بما قيمته 3.8 مليار دولار سنويا فى هيئة مساعدات عسكرية، أن تُـرسى القواعد الأساسية للعلاقات بينهما. لكن العكس هو الصحيح فى حالة إسرائيل.
منذ ثمانينيات القرن العشرين، كان الإجماع فى عالم السياسة الخارجية أن إسرائيل هى أفضل من يعرف كيفية الحفاظ على أمنها، وأن الدعم الأمريكى المطلق، وليس الضغط، من شأنه أن يحثها على خوض المجازفات الضرورية لتحقيق السلام. وعلى هذا فإن الرؤساء الأمريكيين يذعنون غالبا لنظرائهم الإسرائيليين فى مسائل الحرب والسلام فى الشرق الأوسط، حتى على الرغم من المصالح الأمريكية الحيوية المعرضة للخطر هناك. ومع ذلك، بدلا من منح الولايات المتحدة أى قدر من النفوذ على إسرائيل أو دفع آفاق السلام، كان هذا النهج فى إدارة العلاقات الثنائية ضارا بكلا البلدين.
***
يـعلَم نتنياهو تمام العِـلم كيف يؤثر على السياسة الأمريكية، وخاصة عندما يندلع صراع عنيف. وقد استغل لفترة طويلة حقيقة مفادها أن الولايات المتحدة لا تتوانى فى التأكيد على «حق إسرائيل فى الدفاع عن النفس»، دون أن تأخذ فى الاعتبار مسئولية قادة إسرائيل عن إشعال فتيل الأزمة. وهذه المرة أيضا، كان المسئولون الأميركيون، بغض النظر عن انتمائهم الحزبى، يميلون إلى تجنب الاعتراف بالدور المباشر الذى لعبه نتنياهو فى تخريب المصالحة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وحرمان المواطنين الفلسطينيين فى إسرائيل من حقوقهم، وتمكين القوى الأكثر تطرفا وبغضا للأجانب فى بلده.

يعرف بايدن نتنياهو حق المعرفة، حيث تعامل معه أولا عندما كان عضوا فى مجلس الشيوخ ثم بصفته نائبا للرئيس لمدة ثمانى سنوات فى إدارة أوباما. فى عام 2011، أهان نتنياهو علنا أول رئيس أميركى أسود، ورئيس بايدن السابق، بإلقاء المحاضرات عليه حول سياسة الولايات المتحدة والأمن الإسرائيلى على الهواء مباشرة على قنوات التلفزيون الأميركى من المكتب البيضاوى. الأسوأ من ذلك أن نتنياهو تواطأ فى وقت لاحق مع الجمهوريين فى الكونجرس لمحاولة قتل الاتفاق النووى الذى أُبـرِم مع إيران فى عام 2015.

بالتغاضى عن سجل نتنياهو الطويل فى الأذى والضرر على هذا النحو، يرقى موقف بايدن فى الصراع الحالى إلى إعطاء الضوء الأخضر لإسرائيل لمواصلة حملتها العسكرية ضد حماس. منذ بدأت الأزمة الحالية، عرقلت الولايات المتحدة ثلاث مرات إصدار بيان من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فورى لإطلاق النار، الأمر الذى دفع الدبلوماسيين فى الأمم المتحدة إلى استنتاج مفاده أن إدارة بايدن تريد الإبقاء على مجلس الأمن «صامتا» فى هذا الشأن.

علاوة على ذلك، فى السابع عشر من مايو، مع تصاعد العنف فى غزة، ذَكَـرَت صحيفة واشنطن بوست أن بايدن وافق على بيع ما قيمته 735 مليون دولار أميركى من «أسلحة دقيقة التوجيه» لإسرائيل، الأمر الذى أثار حنق الديمقراطيين فى مجلس النواب الذين كانوا يطالبون الإدارة بممارسة الضغوط من أجل وقف إطلاق النار والاضطلاع بدور أكثر فاعلية فى معالجة أسباب الصراع الجذرية. لأسباب واضحة، سيخلف تصعيد إراقة الدماء عواقب وخيمة بعيدة المدى ليس فقط على المدنيين فى غزة، بل وأيضا على السلام والأمن الإقليميين فى عموم الأمر.
فى اليوم التالى، بعد تعرضه لضغوط متزايدة فى الداخل والخارج، وبعد التحدث مع نتنياهو، أصدر بايدن بيانا أعرب فيه عن دعمه لوقف إطلاق النار. لكن نتنياهو أوضح أنه غير مستعد لوقف الغارات الجوية على غزة، ولا يزال البيت الأبيض على ما يبدو عازفا عن إقناعه بخلاف ذلك طالما أن حماس لا تزال تطلق الصواريخ بشكل عشوائى على إسرائيل.
***
من الواضح أن بايدن ينتمى إلى جيل من المسئولين الأمريكيين الذين يتشبثون برؤية عتيقة بائسة لإسرائيل باعتبارها ديمقراطية ساطعة فى بحر من الاستبداد العربى والإسلامى. الواقع أن بايدن والقادة الديمقراطيين والجمهوريين المماثلين له فى الـفِـكر يتغافلون عمدا عن الانتهاكات والجرائم الشاملة التى ترتكبها السلطات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة وداخل إسرائيل. الواقع أن تقارير حديثة صادرة عن منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية الرئيسية بتسيلم، ومنظمة هيومن رايتس واتش، تسوق حججا مقنعة مفادها أن إسرائيل الآن دولة «فصل عنصرى» وليست ديمقراطية.

مع ذلك، مع تعالى أصوات رئيسية تنتمى إلى الحزب الديمقراطى فى تحدى الهيمنة الداعمة لإسرائيل داخل حزبهم، بدأ المشهد السياسى فى الولايات المتحدة يتغير تدريجيا. من المشكوك فيه أن بايدن كان ليستخدم عبارة «وقف إطلاق النار» لولا البيان المشترك الصادر عن 29 من الأعضاء الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ الذى يحث على وقف «فورى» لإطلاق النار. كان أحد طلائع هذه الحركة المتنامية السناتور بيرنى ساندرز، الذى يحظى بنصيب كبير من الدعم داخل قاعدة الحزب الديمقراطى.

من المبشر بذات القدر أن اليهود الأميركيين أصبحوا متشككين على نحو متزايد فى نتنياهو. وجدت دراسة حديثة أجراها مركز بيو للأبحاث أن 34% فقط يعارضون بشدة فرض العقوبات والتدابير العقابية ضد إسرائيل. على عكس ما يريد اللوبى الذى يهيمن عليه الليكود أن تتصور أميركا، فإن اليهود الأمريكيين ليسوا كتلة موحدة. والشباب بين اليهود الأمريكيين، على وجه خاص، ينتقدون بشدة غالبا سياسات إسرائيل الاستعمارية والعدوانية.
على الرغم من الأصوات الجديدة فى الحزب الديمقراطى والجالية اليهودية الأمريكية، فمن المحتمل أن يستلزم الأمر تحولا جيليا فى دوائر السياسة الخارجية الأمريكية لإعادة التوازن إلى التعامل مع القضايا المتعلقة بإسرائيل وفلسطين. إلى أن يحين ذلك الوقت، سوف يستمر الذيل فى هز الكلب، على النحو الذى يستبعد أى سلام دائم وعادل فى الأراضى المقدسة، ويقوض المصالح الأميركية فى الشرق الأوسط بأسره.

النص الأصلى
https://bit.ly/3yJdaqG

التعليقات