مصادر عليمة وفهيمة ونظيمة وبسيمة - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 1:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مصادر عليمة وفهيمة ونظيمة وبسيمة

نشر فى : الثلاثاء 3 يناير 2012 - 9:00 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 3 يناير 2012 - 9:00 ص

هناك نوع من الأخبار مهدئ للأعصاب، مثير للضحك، على الرغم من أنه يقدم فى غلاف أبعد ما يكون عن الكوميديا.. وغالبا ما يأتى هذا الصنف المفتخر من الأخبار الطريفة بلا أب شرعى، ولا ينتمى لعائلة، كون مصادره دائما مجهلة ومجهولة، فيبدأ بعبارة «قالت مصادر مطلعة» ثم يمر بالمصادر المؤكدة، ويعرج على المصادر العليمة، وأحيانا شديدة الاطلاع، وربنا نسمع يوما عن «مصادر فهيمة» و«مصادر نظيمة».

 

وهذه النوعية من الأخبار، تنتمى إلى حصة الإملاء، وليس إلى المطالعة، لأنها غالبا ما تكون معبأة بمعرفة جهة ما ومسربة بدقة شديدة وفى توقيتات بعينها، على نحو يذكرك بأيام زمان عندما كانوا يعرضون مسرحية «مدرسة المشاغبين» عشية أية مظاهرات أو احتجاجات متوقعة.

 

فى هذا الإطار يمكن التعامل مع ما نشرته صحف أمس نقلا عن «مصادر مطلعة» بشأن ضغوط أمريكية على الدول العربية كى لا تقدم مساعدات مالية إلى مصر تنفيذا لوعود هذه الدول بعد 25 يناير.. وأن واشنطن نفسها تتباطأ فى مساعدة مصر، لأنها غاضبة من عدم تعيين الدكتور محمد البرادعى رئيسا للحكومة، كما أنها متوترة نتيجة المناورات المصرية ــ التركية التى أزعجت إسرائيل.

 

والحاصل أن هذه التسريبات اللطيفة والسرسبات المسلية ستلازمنا من الآن فصاعدا، فى إطار الحرب الاستباقية على يوم 25 يناير المقبل، والتى بدأت بفزاعة المخطط الأجنبى التخريبى، القادم من أعدائنا المتوحشين الأوغاد الذين تدعمهم حكومتنا الوديعة المسالمة بكل احتياجاتهم من الغاز الطبيعى، كى يشغلوا مصانعهم وترسانتهم الحربية، وعندما تسأل: إذا كنتم تعتبرونهم أعداء أشرارا فلماذا لا تتوقفوا عن تزويدهم بالوقود؟ لا تجد الرد.

 

غير أن لهذه الأخبار استعمالات أخرى إضافية، حيث لا مانع من توجيه ضربة خاطفة للدكتور محمد البرادعى بالمرة، فى استكمال لعملية استهداف بذيئة له، تصوره على أنه مدعوم من أمريكا، وأنه السبب فى وقف المساعدات المالية القادمة إلى مصر.. والأهم أنها تدغدغ مشاعر المخدوعين، وتبتز قطاعا من المصريين وطنيا وأخلاقيا، بالطريقة ذاتها التى حدثت بها التعبئة ضد «العدوان الكروى الجزائرى الغاشم على مصر» كما اشتغل إعلام مبارك فى ذلك الوقت.

 

 والحقيقة أن هذا ليس رجما بالغيب أو ادعاء معرفة أو خبرة، لكنه واقع موجود على الأرض، بل رن رجلا بحجم اللواء الروينى قائد المنطقة المركزية وعضو المجلس العسكرى اعترف بكل فخر فى مداخلة على الهواء مع برنامج «صباح دريم» إنه كان يستخدم الشائعات كسلاح فى ميدان التحرير أثناء أيام الثورة الأولى، وقال نصا إنه كان موجودا فى ميدان التحرير منذ «جمعة الغضب» وعندما كان يريد تهدئة الثوار يذهب إليهم بنفسه ويطلق شائعات لتهدئتهم مثل القبض على أحمد عز والقبض على وزير الداخلية.. بل إن الروينى تحدث بوضوح أكثر عن أن لديه معرفة وخبرة كبيرة بتأثير الشائعة على الثوار وأنه يعرف كيف يستخدمها للتهدئة أو للتعبئة.

وائل قنديل كاتب صحفي