ماذا لو عاد ترامب؟ - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:34 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ماذا لو عاد ترامب؟

نشر فى : السبت 3 يونيو 2023 - 9:50 م | آخر تحديث : السبت 3 يونيو 2023 - 9:50 م

نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتب جوزيف ناى، يقول فيه إن المنافسة فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية، العام المقبل، ستكون بين بايدن وترامب، متناولا تأثير عودة الأخير على السياسة الخارجية لواشنطن... نعرض من المقال ما يلى:

استهل الكاتب حديثه قائلا: مع بدء موسم الحملة التمهيدية الرئاسية لعام 2024 فى الولايات المتحدة، ستكون الـمُـساجلة الأخيرة فى الأرجح مباراة الإعادة بين الرئيس جو بايدن ودونالد ترامب. إذا احتكمنا إلى الخريطة الانتخابية فى عام 2020، سنجد أن بايدن فى وضع أقرب إلى الفوز. لكن السياسة الأمريكية تستعصى على التنبؤ، وقد يتسبب أى عدد من المفاجآت الصحية، أو القانونية، أو الاقتصادية فى تغيير التوقعات. لهذا السبب، دأب عدد كبير من أصدقائى الأجانب على سؤالى ماذا قد يطرأ على السياسة الخارجية الأمريكية إذا عاد ترامب إلى البيت الأبيض.

الواقع أن هذا السؤال مُـعَـقَّـد بفعل حقيقة مفادها أن ترامب ذاته من غير الممكن التنبؤ بتصرفاته. كانت الرئاسة أول منصب سياسى يتقلده، وتُـرجِـمَـت خلفيته إلى أسلوب سياسى غير تقليدى على الإطلاق. وكان نجاحه كأحد نجوم تلفزيون الواقع يعنى أنه كان دائم التركيز على اجتذاب انتباه الكاميرا ــ غالبا بتصريحات شديدة القبح وليست حقيقية، وبكسر الأعراف التقليدية.

فى عام 2016، توقع كثيرون أن يتحرك ترامب باتجاه الوسط لتوسيع نطاق جاذبيته السياسية. لكنه بدلا من ذلك استمر فى مغازلة مشاعر قاعدته الموالية، والتى استخدمها كهراوة يضرب بها أى عضو فى الكونجرس من حزبه يتجاسر وينتقده أو يعارضه. ولكن فى انتخابات 2020، ربما كَـلَّـفَـته جاذبيته بين المنتمين إلى اليمين المتطرف دعم بعض الأعضاء الجمهوريين المعتدلين والمستقلين فى ولايات متأرجحة رئيسية.

بقدر ما يعتنق ترامب آراء سياسية يتمسك بها بشدة، فإن هذه الآراء انتقائية ومشتتة المصادر، وليست جمهورية تقليديا. ولطالما أعرب عن آراء فى التجارة تناصر تدابير الحماية، وحَـرَّكَ مشاعر الاستياء القومى بالادعاء بأن حلفاء أمريكا يستغلونها. كما طعن علنا فى إجماع ما بعد عام 1945 على النظام الدولى الليبرالى واعتبر منظمة حلف شمال الأطلسى (الناتو) كيانا عفا عليه الزمن، الأمر الذى دفع جون بولتون، أحد مستشاريه السابقين للأمن القومى، إلى القلق من أنه قد يسحب الولايات المتحدة من الحلف إذا أعيد انتخابه.

أثناء توليه منصب الرئاسة، انسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ وهَـجَـرَ الشراكة عبر المحيط الهادئ التى تفاوض عليها الرئيس باراك أوباما. كما أضعف منظمة التجارة العالمية؛ وفرض الرسوم الجمركية على واردات الصلب والألومنيوم من الحلفاء؛ وشن حربا تجارية ضد الصين؛ وانسحب من الاتفاق النووى مع إيران؛ وانتقد مجموعة السبع؛ وامتدح قادة مستبدين سجلاتهم معروفة فى انتهاك حقوق الإنسان. كان لطيفا بشكل ملحوظ فى علاقاته مع الرئيس الروسى فلاديمير بوتين ومتشككا فى دعم الولايات المتحدة لأوكرانيا.

تُـظـهِـر استطلاعات الرأى أن القوة الناعمة الأمريكية تراجعت بشكل كبير أثناء سنوات ترامب. ورغم أن التغريدات على موقع تويتر من الممكن أن تساعد فى وضع أجندة عالمية، فإن نبرتها ومضمونها من الممكن أن يسيئا أيضا إلى بلدان أخرى. كان ترامب يولى أقل القليل من الاهتمام لحقوق الإنسان، وكانت خطاباته تُـبدى أقل قدر من الاحترام لمبادئ الديمقراطية التى اعتنقها كل رئيس منذ جيمى كارتر ورونالد ريجان. وحتى النقاد الذين أشادوا بموقف ترامب الأكثر خشونة فى التعامل مع الصين عابوا عليه عدم العمل مع الحلفاء فى الرد على السلوك الصينى. علاوة على ذلك، تسبب ترامب فى تقويض المزايا التى تمتعت بها أمريكا لفترة طويلة باعتبارها الدولة صاحبة النفوذ القيادى داخل المؤسسات العالمية.

ماذا قد يحدث إذن فى ولاية ثانية يفوز بها ترمب؟

يقول كاتب المقال: لنتذكر هنا أن خمسين من مسئولى الأمن القومى الجمهوريين السابقين وَقَّـعوا قبل انتخابات 2016 على بيان حذروا فيه من أن «الرئيس يجب أن يكون منضبطا، وأن يتحكم فى عواطفه، ولا يتصرف إلا بعد تفكير وتأمل ومداولات متأنية... ترامب لا يتمتع بأى من هذه الصفات الأساسية. وهو لا يشجع وجهات النظر المتعارضة، ويفتقر إلى ضبط النفس، ويتصرف على نحو متهور. إنه لا يتحمل الانتقاد الشخصى. وقد أزعج أقرب حلفائنا بسلوكه الشاذ». عندما فاز ترامب، استُـبـعِـد هؤلاء الذين انتقدوه من أى دور فى إدارته، ومن المرجح أن تكون هذه هى الحال مرة أخرى.

بصفته زعيما سياسيا عازما على الاستئثار بكل أدوات السلطة، أثبت ترامب بوضوح أنه مقتدر. لكن مزاجه فى الحكم أظهر أنه يفتقر إلى الذكاء العاطفى الذى كان وراء نجاح رؤساء مثل فرانكلين ديلانو روزفلت، وجورج بوش الأب.

كما قال تونى شوارتز، كاتب سيرة ترامب الذاتية، ذات مرة: «فى مرحلة مبكرة، أدركت أن حس تقدير الذات لدى ترامب عُـرضة للخطر بلا انقطاع. عندما يشعر بأى ظلم أو غبن فإنه يتفاعل بشكل متهور ودفاعى، ويُـنشئ قصة لتبرير الذات لا تعتمد على الحقائق... لم يكن ترامب يتعامل ببساطة مع مشاعر أو مصلحة الآخرين... يتلخص أحد الأجزاء الأساسية فى القصة فى أن الحقيقة هى ما يعتبره ترامب الحقيقة فى أى يوم». الواقع أن ترامب، كرئيس، كثيرا ما شوهت احتياجاته الشخصية دوافعه وتدخلت فى أهداف سياسته.

كانت حالة ترامب المزاجية أيضا سببا فى الحد من ذكائه السياقى. ففى حين جعله افتقاره إلى الخبرة فى الحكم والشئون الدولية أقل كفاءة من أغلب الرؤساء الذين سبقوه، فإنه لم يُـبـد أى اهتمام تقريبا بسد الثغرات فى معرفته. الأنكى من هذا أن احتياجه الدائم إلى إثبات الذات أفضى إلى اختيارات سياسية معيبة أضعفت التحالفات الأمريكية ــ على سبيل المثال، بعد اجتماعات القمة فى عام 2018 مع بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون.

إذا حكمنا من خلال سلوك ترامب كرئيس سابق، فلم يتغير أى شىء. فهو لا يزال غير راغب فى قبول هزيمته فى عام 2020، وقد أبرزت حملته للعودة إلى البيت الأبيض بعد انتخابات العام المقبل ذات التصريحات المتطرفة التى تحشد قاعدة أنصاره. إذا نجح، فسوف تكون السِـمة الوحيدة التى يمكن التنبؤ بها فى السياسة الخارجية الأمريكية هى الاستعصاء على التنبؤ.

النص الأصلى:

التعليقات