زيارة بلينكن وملهاة حل الدولتين - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:54 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

زيارة بلينكن وملهاة حل الدولتين

نشر فى : السبت 4 فبراير 2023 - 9:20 م | آخر تحديث : السبت 4 فبراير 2023 - 9:20 م

نشرت صحيفة القدس الفلسطينية مقالا للكاتب إبراهيم أبراش، يقول فيه إن مسألة حل الدولتين لم يكن لها أولوية فى حوارات وزير خارجية الولايات المتحدة، أنتونى بلينكن، فى زيارته الأخيرة للشرق الأوسط. كما ذكر الكاتب أن استمرار أمريكا فى التلويح بمسألة حل الدولتين غرضه إلهاء السلطة الفلسطينية عن البحث عن أى حلول نضالية أخرى... نعرض من المقال ما يلى:
لم تحظ زيارة وزير الخارجية الأمريكية أنتونى بلينكن لمصر وإسرائيل ورام الله خلال اليومين الأخيرين من الشهر الماضى والتى أعقبت تصاعد التوتر فى الأراضى المحتلة بكثير من الاهتمام لا محليا ولا دوليا، ليس لانشغال دول العالم بالحرب الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية بل لمعرفة الجميع وخصوصا الطرف الفلسطينى أن وزير خارجية أمريكا لا يحمل فى جعبته أى أفكار أو مبادرات ذات مضامين سياسية يمكنها تحريك عملية السلام أو ردع الممارسات العدوانية الإسرائيلية، بالإضافة إلى معرفة الجميع أن الملف الأمنى هو الذى يشغل الإدارة الأمريكية، ولا نقصد هنا الملف الأمنى فى فلسطين المحتلة بل فى المنطقة وتحديدا بالنسبة لإيران والخوف من تغيير الملفات والاولويات الأمنية للدول العربية وتمدُد النفوذ الروسى إليها.
كان الملف الأمنى له الأولوية حتى وإن تحدثت البيانات الصحفية الرسمية التى أعقبت اللقاءات المغلقة عن تناول موضوعات سياسية كالسلام وحل الدولتين، وما يؤكد الأولوية الأمنية أن بلينكن زار مصر قبل إسرائيل والتقى بالرئيس الفلسطينى محمود عباس مباشرة بعد اجتماع الأخير بمديرى مخابرات مصر والأردن، وأن الزيارة تزامنت مع تعرض عدة مواقع حيوية إيرانية للقصف بطائرات مسيرة يُعتقد أنها إسرائيلية وردود الفعل الروسية الغاضبة غير المسبوقة، كما أن بلينكن بعد انتهاء زيارته ترك وفدا أمنيا فى المنطقة وليس ممثلا سياسيا.
لقد أكدت زيارة بلينكن وما تمخض عنها من نتائج هزيلة، كالحديث عن السماح بتشغيل الجيل الرابع من الاتصالات وتقديم خمسين مليون دولار للأونروا ومطالبة الطرفين بوقف التصعيد والحفاظ على الوضع القائم فى الأماكن المقدسة ومعارضة واشنطن توسيع الاستيطان إلخ، كل هذا يؤكد أن القضية الفلسطينية ليست على سلم اهتمامات الإدارة الأمريكية ولا حتى اهتمامات دول المنطقة وخصوصا المطبِعة مع إسرائيل التى لم تفكر أى منها حتى باستدعاء سفيرها من دولة الكيان بعد مجزرة جنين ولا قبل ذلك عندما اقتحم الوزير المتطرف بن غفير المسجد الأقصى، وهذا يضع القيادة الفلسطينية والقضية الوطنية أمام تحديات كبيرة لا ينفع معها الإعلان عن وقف التنسيق الأمنى الذى سبق وأن تم الإعلان عن وقفه مرات سابقة قبل ذلك.
خلال السنوات الماضية التى كان فيها اعتراف أمريكى وأوروبى، وحتى إسرائيلى فى بعض المراحل، بحل الدولتين تضاعف الاستيطان بشكل غير مسبوق وتم بناء جدار الفصل العنصرى بل وقفت واشنطن ضد الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية الصادر عام 2004 والمندد ببناء الجدار والمطالب بإزالته وكررت ذلك فى الثلاثين من ديسمبر من عام 2022 عندما وقف موقفا معارِضا للتصويت فى الجمعية العامة للأمم المتحدة على مشروع قرار لإحالة موضوع الاحتلال الإسرائيلى لمحكمة العدل الدولية، كما تزايد تهويد القدس وتم فصل غزة عن الضفة ومحاصرة القطاع والتضييق على السلطة فى الضفة.
الالتباس والغموض اللذان ينتابان فكرة الدولة الفلسطينية ليس وليد اليوم ولا يقتصر على الرؤية الإسرائيلية والأمريكية بل يمتد للحظة ولادة الفكرة والرؤية الفلسطينية التى تربط الدولة بالتسوية السلمية.
كان أول طرح لفكرة الدولة المؤسسة على التسوية هو قرار التقسيم لعام 1947 ويمكن القول إن هذه الدولة هى وحدها القابلة للحياة والممكنة لأنها متواصلة جغرافيا وتؤسس على نفس القرار الدولى الذى منح الشرعية لإسرائيل كدولة لليهود، ولكن تسوية أوسلو واقتصارها على قرارى مجلس الأمن 242 و338 دون غيرها من قرارات الشرعية الدولية جعل هذه الدولة متجاوَزَة، مع أن الرئيس أبو مازن عاد أخيرا للتلويح بالعودة لقرار التقسيم.
الانقسام السياسى الفلسطينى والانقسام الجغرافى بين غزة والضفة وعجز السلطة والنخب السياسية الفلسطينية على الارتقاء لمستوى التحدى هو ما يجعل لإسرائيل وواشنطن الخيار فى رسم ملامح وحدود هذه الدولة إن اضطرت منح الشعب الفلسطينى دولة.
لم تعد المسألة اليوم الاعتراف أو عدم الاعتراف بحل الدولتين بل مكان ومضمون الدولة الفلسطينية وأيضا حدود ومضمون دولة إسرائيل، ومن الواضح أن رسم حدود إحدى الدولتين سيحدد حدود الدولة الأخرى وإسرائيل إلى اليوم لم ترسم حدود دولتها، وبات واضحا أن حل الدولتين لن يكون إلا من خلال تسوية وإذا ما استمر الوضع الفلسطينى والعربى على حاله فإن الدولة الفلسطينية الموعودة لن تكون إلا بما ترضى عنه إسرائيل.
وأخيرا فإن تلويح الإدارة الأمريكية بحل الدولتين من خلال المفاوضات هدفه أن يستمر الشعب الفلسطينى وخصوصا القيادة الرسمية فى التمسك بالوهم وعدم البحث عن حلول أو أدوات نضالية أخرى.

التعليقات