هل يتحرر الإنسان من إسار مضادات الاكتئاب؟ - ليلى إبراهيم شلبي - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 5:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل يتحرر الإنسان من إسار مضادات الاكتئاب؟

نشر فى : الجمعة 4 نوفمبر 2022 - 9:25 م | آخر تحديث : الجمعة 4 نوفمبر 2022 - 9:25 م
يعود التاريخ خمس وثلاثين سنة إلى الوراء: الإعلان عن دواء أقرته الهيئة الأمريكية للغذاء والدواء لعلاج الاكتئاب اعتبره الجميع معجزة حقيقية حتى إن مبيعاته فى العالم فاقت كل التوقعات فى فترة قصيرة من الوقت، وتعددت الإعلانات عنه فى صور تؤكد فاعليته: البروزاك.
كان البروزاك رأس مجموعة من مضادات الاكتئاب التى تلته مع بعض التنويعات البسيطة على الفكرة الأساسية الفعالة: دعم مادة السيرتونين فى الدم وبالتالى التأكيد على فاعلية السيرتونين والذى يعد مضاد الاكتئاب الطبيعى والباعث على البهجة واعتدال المزاج للإنسان.
سرى البروزاك ورفاقه من تلك المجموعة كالنار فى الهشيم، فقد أصبح الحبة السحرية التى يتناولها كل من ألم به مشاعر اكتئابية أو داهمته تبعات مشكلة نفسية أيا كانت: متاعب عمل، انفصال أو طلاق، فقدان عزيز، أو إحباط إثر خسارة أيا كانت.
كان الأطباء يصفونه بسهولة وثقة وكانت النتائج فى البداية بالفعل مبشرة.
أحاطت بالبروزاك ورفاقه من مضادات الاكتئاب فى نفس المجموعة هالة صنعها الإعلان اعتمادا على ما نشرته شركات الأدوية عن نتائج التجارب الطبية التى أجريت فى ذلك الوقت. لكن القارئ الجيد لتاريخ شركات الدواء يعلم أن لهم طرقهم المحترفة فى الإعلان عن تلك النتائج بإبراز المهم والمفيد منها والتعتيم على الأعراض الجانبية وتمديد ملامحها.
لكن للعلم جنودا يعملون بضمير حى ألزمهم تتبع دراسة تلك الأدوية فى حيادية كاملة أعلنت عن نتائج يجب النظر إليها بعين الاعتبار.
دراسة أثر تلك الأدوية فى مقارنة (البلاسيبو) أو أدوية الاختبارات عديمة المادة الفعالة جاءت لتشير إلى تفوقها بنسبة لا تزيد عن ١٥٪، وهى نسبة ضئيلة وإن كانت فى صالح مضادات الاكتئاب إلا أنها لا تضمن تأكيد فاعليتها.
أما دراسة أثر تلك الأدوية فى مقابل العلاجات التى تعتمد على النصائح الطبية والاختيارات الغذائية وبرامج النشاط البدنى وتشجيع الأنشطة الاجتماعية، فقد جاءت فى صالح تلك العلاجات إلا فى الحالات المرضية القاسية والتى تعد فيها تلك الأدوية إنقاذا للحياة وعلاجا لمن طغى الاكتئاب على قدراتهم الذهنية ومواقفهم الحياتية.
جاءت دراسات كثيرة متتالية تؤكد أن هناك أعدادا غفيرة من البشر ممن يتناولون أدوية مضادة للاكتئاب ليسوا بحاجة إليها إنما هو اعتقاد لديهم بجدواها يجعلهم يركنون إليها ويعتمدون عليها كما لو كانت الحل المنقذ من معاناتهم.
من الواضح أن الحاجة إلى التوقف عن تناول مضادات الاكتئاب لأولئك الذين اعتادوا تناولها بانتظام لسنوات، والذى يمكن أن تحل محلها أساليب أخرى طبيعية وليسوا حالات مستعصية أصبح مطلبا إنسانيا فى صالح صحة الإنسان النفسية.
لكن الأمر ليس بتلك السهولة فتوقيف تلك الأدوية خاصة لمن استعملوها لسنوات طويلة يحتاج إلى دراسة موقف كل إنسان إذ قد يحمل ذلك خطرا عظيما.
آخر تلك الدراسات عن مضادات الاكتئاب مقال مهم نشرته (الأيكونوميست) هذا الأسبوع يؤكد أن ٤٤٪ من الذين كانوا على مضادات الاكتئاب فى تلك الدراسة تعافوا تماما دونما مضاعفات تذكر حينما تحرروا من إسارها ومنهم من كان عليها لأكثر من عشر سنوات.
الأمر بالفعل عظيم الأهمية وأظنه يثير اهتمام أطباء النفس فى مصر. أتمنى لو تسنى لنا سماع رأى منهم خاصة أن رابطة الطب النفسى الإنجليزية تعد الآن برنامج عمل (Guid line) يمكن الاستعانة به للتحرر من أدوية مضادات الاكتئاب بالانسحاب المنظم البطىء الذى يتيح العودة للطبيعة دون أعراض جانبية أو أخطار.
وليعتبر كل من اعتاد تناول مضادات الاكتئاب تلك رسالة خاصة له تبشره بسلامة النفس والجسد على حد سواء.
دمتم جميعا سالمين.
التعليقات