سد النهضة.. احذروا «الفخ الإثيوبى» - محمد سعد عبدالحفيظ - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 6:20 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

سد النهضة.. احذروا «الفخ الإثيوبى»

نشر فى : الأحد 6 يونيو 2021 - 7:15 م | آخر تحديث : الأحد 6 يونيو 2021 - 7:15 م
فى مؤتمر بحثى بجامعة «أربا منش» أعلن وزير الرى الإثيوبى سيليشى بيكيلى أن بلاده لن تتمكن من تعلية الممر الأوسط لسد النهضة إلى ارتفاع 595 مترا، وأنه جارى العمل على رفع هذا الممر إلى ارتفاع 573 مترا فقط.
ووفقا لتصريحات بيكيلى فإن سعة التخزين خلال الملء الثانى للسد، والذى سيبدأ بعد أسابيع، سيكون عند حدود 4 مليارات متر مكعب من المياه بدلا من 13.5 مليار متر مكعب كانت إثيوبيا تستهدف تخزينها خلال موسم الفيضان المقبل، وفق حسابات الخبراء.
خلال المؤتمر شدد الوزير الإثيوبى على أنهم يسابقون الزمن من أجل إنهاء بعض الأعمال الهندسية بالبوابات الـ13 للسد قبل بدء الملء الثانى للسد فى 22 يوليو المقبل.
تصريحات بيكيلى أثارت جدلا بين الخبراء والمراقبين، بعض المتفائلين فسروها على أنها إعلان تراجع، بعد أن نجحت الضغوط الدولية والإقليمية الأخيرة فى إجبار أديس بابا على العودة إلى نهج التفاوض مع دولتى المصب (مصر والسودان) والذى ينتهى بالوصول إلى اتفاق قانونى يتضمن بنودا ملزمة فيما يخص قواعد الملء والتشغيل.
أما بعض المتشائمين ــ ومنهم صاحب هذه السطور ــ فلا يزال يساورهم القلق ويتخوفون من الوقوع مجددا فى الفخ الإثيوبى، فحكومة أديس بابا الحالية وأسلافها تلاعبوا بنا بما فيه الكفاية وأسمعونا ما نُحب أن نسمع خلال السنوات العشر الماضية حتى كاد السد أن يتحول إلى أمر واقع بعدها ستتحكم إثيوبيا فى مصير المصريين بعد امتلاكها شريان حياتهم.
يخشى هؤلاء المتشائمون من مناورة إثيوبية تهدف إلى تخفيف الضغوط الإقليمية والدولية على حكومة آبى أحمد، وجر مصر والسودان مرة أخرى إلى متاهة المفاوضات العبثية، ومع تغير الظروف وتراجع تلك الضغوط تنتهز الحكومة الإثيوبية الفرصة وتُكمل ما بدأت.
المتحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية دينا مفتى عمق مخاوف المتشائمين من الجانب المصرى والسودانى، وعلق على تصريحات وزير الرى فى بلاده قائلا إن «أعمال الإنشاءات فى السد مازالت تسير بوتيرة ثابتة، ولن تقف لأى سبب».
حتى لو صح أن الجانب الإثيوبى سيكتفى بتعلية الممر الأوسط إلى 573 مترا فقط بدلا من 595، ونفذ الملء الثانى بالنسبة التى تسمح بها تلك التعلية والتى ستكون فى حدود 4 مليارات متر مكعب من المياه، فإن ذلك يعنى أنه أرسى سابقة بتنفيذه الملء الأول والثانى بإرادة منفردة ودون اتفاق ملزم يحدد قواعد الملء والتشغيل مع دولتى المصب، وهو ما يمهد أمامه الطريق لتنفيذ الملء الثالث دون الرجوع إلينا.
الدكتور أحمد المفتى، أستاذ القانون الدولى السودانى، والعضو السابق فى وفد الخرطوم بمفاوضات حوض النيل، يرى أن تصريحات وزير الرى الإثيوبى الأخيرة تدخل فى خانة التحايل لتؤكد أن الملء الثانى حتى وإن كان أقل من الكمية التى كانت تستهدفها فإنه سيكون بإرادتها المنفردة.
وأضاف المفتى عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى: «كل ما تقوم به إثيوبيا يدخل فى خانة الاستدراج والحيلة، لإرساء سابقة بأن لها الحق فى الملء الثانى بإرادتها المنفردة، إلا إذا حال حائل فنى دون ذلك، ويكتمل الاستدراج والحيلة، بعودة السودان ومصر إلى طاولة المفاوضات، لأن تلك العودة تقنن ذلك الجزء من الملء الثانى، وتمهد الطريق لتكمل الملء الثانى متى أرادت».
وأشار المفتى إلى أنه يجب على مصر والسودان إعلان رفض أى قدر من الملء؛ إلا إذا تم بعد إبرام اتفاق ملزم بين الأطراف الثلاثة، إلى جانب التأكيد على عدم عودتهما للمفاوضات إلا إذا أوقفت إثيوبيا جميع أنشطتها فى السد.
على مصر ألا تنجر مجددا إلى «الفخ الإثيوبى»، وعلينا أن نتعامل بحذر مع تصريحات وزير الرى فى حكومة آبى أحمد، خاصة بعد أن ألقى دينا مفتى المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية غيوما كثيفة على موقف بلاده بتأكيده أن «أعمال الإنشاءات فى سد النهضة لن تتوقف لأى سبب».
ليست تلك هى المرة الأولى التى تعلن فيها إثيوبيا عن تأخر الإنشاءات فى سد النهضة عن الجدول المعلن، وعلى مصر والسودان أن ينتبها لمراوغتها، لا سيما أنها كشفت عن نوايها الحقيقة التى تدعمها أطراف إقليمية ودولية، فالهدف الذى تسعى إليه أديس بابا هو التحكم فى محبس نهر النيل ثم بيع المياه إلى مصر، بحسب ما كشف المتحدث باسم الخارجية الإثيوبية فى تصريح متلفز قبل أسابيع.
التعليقات