شبح ماضى وزير خارجية بايدن - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 1:24 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شبح ماضى وزير خارجية بايدن

نشر فى : الأحد 6 ديسمبر 2020 - 9:20 م | آخر تحديث : الأحد 6 ديسمبر 2020 - 9:20 م

نشرت مجلة فورين بوليسى مقالا للكاتب كريس ميلر، تحدث فيه عن أول كتاب أصدره بلينكن، وزير خارجية بايدن المحتمل، والذى أظهر فيه تعاطفه مع الحلفاء الأوروبيين عندما أقاموا علاقات تجارية مع الاتحاد السوفييتى، العدو الرئيسى للولايات المتحدة، ويرى أن أفضل طريقة لمواجهة روسيا وإحداث تغيير فى سلوكها هى توطيد العلاقة مع الحلفاء الأوروبيين وليس العكس.. نعرض منه ما يلى.

يشير اختيار الرئيس المنتخب جو بايدن لوزيرة الخارجية، أنتونى بلينكن، إلى أن «التحالف الأطلسى يعانى صدوعًا خطيرة». فعلى عدد من الجبهات التى تبدو غير مرتبطة ببعضها البعض، تبدو الولايات المتحدة وأوروبا الغربية فى مواجهة بعضهما البعض.. كما أن السياسات الحمائية المتزايدة دفعت التحالف إلى حافة الحرب الاقتصادية.. بالإضافة إلى سئم الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء من رؤية الولايات المتحدة تكرس ما يقرب من نصف ميزانيتها الدفاعية لحلف الناتو وتتلقى التذمر والشكاوى فى المقابل.. بشكل عام، هناك مناخ جديد من الانعزالية يلوح فى الأفق، اعتقادا بأن أوروبا أصبحت أقل أهمية، وأن الاهتمام الأمريكى سيكون أفضل إذا وجه لمنطقة المحيط الهادئ.
فى سنة 1987، وفى عهد الرئيس رونالد ريجان، كانت هناك معضلة: ما العمل بشأن خط أنابيب الغاز الجديد الذى كانت أوروبا تبنيه لروسيا، أحد المنافسين الرئيسيين فى السياسة الخارجية للولايات المتحدة. على إثر ذلك، أصدر بلينكن كتابه الأول والذى نشر فى عام 1987 «حليف ضد حليف.. أمريكا وأوروبا وأزمة خط أنابيب الغاز الصربى» Ally Versus Ally: America, Europe, and the Siberian Pipeline Crisis. فى الواقع، فإن النظر إلى تحليل بلينكن للسياسة الخارجية للولايات المتحدة خلال الثمانينيات، والتى تتشابه مع تحديات اليوم، نجده يقدم بعض الأدلة المحيرة حول الكيفية التى يخطط بها لتوجيه الدبلوماسية الأمريكية إذا تم تعيينه وزيرا لخارجية بايدن.
لقد نسى الجميع «أزمة خط الأنابيب الصربى» باستثناء المتخصصين. فخلال منتصف الثمانينيات، كان ذلك مصدر نقاش غاضب فى العلاقات الأمريكية الأوروبية. وفى ظل إدارة ريجان، كانت الولايات المتحدة تشدد الخناق على الاتحاد السوفييتى من خلال ممارسة ضغوط دبلوماسية وقطع العلاقات التجارية معها. لكن كانت حملة واشنطن هذه لا تحظى بقبول فى أوروبا الغربية، حيث كان الرأى السائد هو أن السوفييت بحاجة إلى الانخراط وليس المحاصرة. كما رأى الأوروبيون فى موسكو والأقمار الصناعية التابعة لها فى حلف وارسو شركاء تجاريين مهمين، وأرادوا استيراد الغاز الطبيعى من حقول الغاز الصربية الشاسعة التى كانت روسيا قد بدأت للتو فى تطويرها.
بالنسبة لأوروبا، بدا أن الاستفادة من السوفييت واضحة لتنويع مواردها من الطاقة. لكن بالنسبة لواشنطن، كان خط الأنابيب مخططًا ينتهى به الأمر إلى تمويل الآلة العسكرية السوفييتية. وعندما بدأت أوروبا فى توسيع خط الأنابيب ضد إرادة ورغبة الولايات المتحدة، فرضت واشنطن عقوبات على الشركات الأوروبية. لكن الحكومات الأوروبية استمرت فى الشراكة التجارية مع السوفييت على أى حال وتحول الخلاف فى السياسة الخارجية إلى أزمة تجارية دفعت وزير الخارجية الفرنسى إلى قول إن هذه كانت «بداية نهاية التحالف الأطلسى».
الانقسامات عبر الأطلسى اليوم مرتبطة بأزمة أواخر الثمانينيات. والآن، تبنى ألمانيا خط أنابيب غاز جديد من روسيا (نورد ستريم 2). مما دفع واشنطن مرة أخرى إلى فرض عقوبات على الشركات المتورطة، وهذا أغضب، بدوره، السياسيين الألمان واتهموا الولايات المتحدة بـ «الإمبريالية الجديدة» و«الابتزاز» وحتى «الحرب الاقتصادية».
فى فترة الثمانينيات، كما هو الحال الآن، كان النظام النووى فى أوروبا أيضًا فى أزمة، حيث هددت الولايات المتحدة وروسيا ببناء مستويات القوة فى أوروبا. وأدت تهديدات التصعيد هذه أيضًا إلى زيادة الانقسام بين واشنطن وحلفائها الأوروبيين، الذين كان الكثير منهم متشككًا فى فائدة إضافة أسلحة نووية إلى أراضيهم.
فى كتابه، أظهر بلينكن القليل من التأييد لحملة «الضغط القصوى» التى شنتها إدارة ريجان ضد الاتحاد السوفييتى. فقد كان يؤمن أن الأوروبيين كانوا يأملون فى أن «تؤدى العلاقات الاقتصادية الموسعة مع الاتحاد السوفييتى إلى إحداث تغيير إيجابى فى سياسات الكرملين الخارجية والمحلية». كما قال أيضا إن سياسة الولايات المتحدة تجاه الاتحاد السوفييتى أقل أهمية من سياسة الولايات المتحدة تجاه حلفائها الأوروبيين. فالمكسب الجيوسياسى بحق لم يكن إحداث تغيير فى السلوك السوفييتى ــ الذى كان من الصعب التنبؤ به ــ ولكن كان المحافظة وتعزيز التحالف مع الشركاء الأوروبيين.
كتب بلينكن: «من خلال تعزيز تحالف أكثر انسجامًا بين الغرب والولايات المتحدة، بدلا من الانقسام حول قضية العلاقات التجارية بين السوفييت والغرب، سيكون الغرب فى وضع أفضل لمواجهة التحديات التى يفرضها عليه خصومه». والسبب هو أن استراتيجية الولايات المتحدة لمحاصرة النفوذ السوفييتى تعتمد فى المقام الأول على ديمومة التحالف مع الغرب.
إذن بافتراض تأكيد تعيينه من قبل مجلس الشيوخ، سيواجه بلينكن مجموعة مألوفة من التحديات. لكن الولايات المتحدة وبعض الحلفاء الأوروبيين منقسمون ليس فقط حول خطوط أنابيب الغاز الروسية ولكن أيضًا حول الاستراتيجية تجاه إيران والصين. بالنسبة لإيران لا توجد مشكلة فستؤدى رغبة بايدن فى العودة إلى الاتفاق النووى مع إيران إلى إزالة مصدر إزعاج رئيسى للسياسة الخارجية. أما فيما يتعلق بالصين ــ التى من المرجح أن تظل محورية فى سياسة بايدن الخارجية كما كانت بالنسبة لترامب ــ لا تزال الولايات المتحدة وأوروبا لديهما وجهات نظر مختلفة حول وضع استراتيجية للرد على الجانب الصينى.
إذا كان تحليل بلينكن للثمانينيات مؤشرا على منهجه، فإنه سيقلل من التركيز على الضغط على الحلفاء مقابل التركيز أكثر على الاستماع إلى مخاوفهم. على أى حال، بعد أربع سنوات من أمريكا أولا، ستكون أوروبا سعيدة بتلقى معاملة أكثر ودية من وزير الخارجية الذى كتب كتابًا كاملا عن أهمية التعامل بلطف مع الحلفاء.

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلى:
https://bit.ly/3ghzQ8D

التعليقات