شعبويون فاسدون - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 5:29 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شعبويون فاسدون

نشر فى : الإثنين 7 يناير 2019 - 10:45 م | آخر تحديث : الإثنين 7 يناير 2019 - 10:47 م

نشرت مؤسسة projectــsyndicate مقالا للكاتب JANINE R. WEDEL حول مظاهر فساد الزعماء الشعبيين حول العالم، حيث تم التركيز على الرئيس البرازيلى جايير «بولسونارو» والرئيس الأمريكى «دونالد ترامب»، ورئيس الوزراء المجرى «فيكتور أوربان» وأخيرا الزعيم البولندى «ياروسواف كاتشينسكى».
استهل الكاتب حديثه بأن الانتخابات كانت سببا فى الانقسام العميق الذى أصاب الدولة الأكبر فى العالَم بعد أن انتهت إلى تسليم الرئاسة لرجل مثير للفتن، مُحِب للمؤسسة العسكرية، متنمر على الأقليات، مولع بتوبيخ وسائط الإعلام، والذى وعد بسحق المؤسسة الفاسدة. أنا لا أتحدث عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى عام 2016 التى وضعت دونالد ترامب على رأس السلطة، بل انتخابات عام 2018 فى البرازيل، التى فاز بها الرجل الملقب بـ«ترامب الاستوائى»، جايير بولسونارو، الذى جرى تنصيبه رسميا فى الأول من يناير.
ينضم بولسونارو إلى سلسلة متنامية من القادة القادرين على التحويل، افتراضا ــ بما فى ذلك ترامب، ورئيس الوزراء المجرى فيكتور أوربان، والزعيم البولندى بحكم الأمر الواقع ياروسواف كاتشينسكى ــ الذى فاز بالسلطة عن طريق شجب المؤسسة والاحتجاج عليها والتعهد بإنهاء الفساد الجهازى. ولكن ترى هل ينضم بولسونارو أيضا إلى ترامب وأوربان، وكاتشينسكى بدرجة أقل، فى الإشراف على انتشار أنواع جديدة من الفساد، فى خضم محاولاته الرامية إلى إعادة تشكيل الحكم وترسيخ سلطته؟
على الرغم من تعهد ترامب المتكرر بتجفيف المستنقع، على حد تعبيره، فإنه عمل على تمكين مستوى من الفساد غير مسبوق فى التاريخ الأمريكى، والذى أثر على قطاعات ضخمة من البيروقراطية الفيدرالية. فقد فشل فى شغل مناصب شاغرة، وعمل على خفض الميزانيات، وتجاوز الإجراءات والبروتوكولات البيروقراطية المعمول بها، وأهمل الدبلوماسيين. والواقع أنه لم يمس بالمؤسسة العسكرية إلى حد كبير، وإن كان هنا أيضا لم يكف عن إهانة خبرة قادة المؤسسة العسكرية لصالح مشاعره الغريزية.
عندما تحرم أجهزة الدولة من صلاحياتها، يُصبِح الحكم أقل رسمية، وتصبح السياسة أكثر شخصنة، والسلطة التنفيذية أكثر هيمنة، ويصبح الولاء للزعيم الأكثر أهمية. وقد عمل ترامب على تعيين أفراد أسرته كمستشارين رسميين وغير رسميين، ووضع كبار مساعديه فى الهيئات المختلفة لمراقبة الولاء، وأصدر من الأوامر التنفيذية فى سنته الأولى فى السلطة أكثر من تلك التى أصدرها أى رئيس طوال نصف القرن الأخير.
إلى جانب محاباة الأقارب على نحو صارخ، والمحسوبية، فضلا عن استغلال المناصب من قِبَل من عينهم ترامب، تسبب هذا فى خلق فرص جديدة لما يسمى «جماعات ضغط الظِل»، من ذوى النفوذ غير المسجلين الذين يمتنعون عن الإفصاح عن صلاتهم بالشركات أو حتى الحكومات الأجنبية. على سبيل المثال، كان مستشار ترامب غير الرسمى نيوت جينجريتش يمارس الضغوط لصالح شركات الرعاية الصحية وعملاق الرهن العقارى فانى ماى. كما حصل مستشار ترامب السابق مايكل كوهين على أجر فى مقابل «المشورة» من شركات مثل AT&T ونوفارتيس. كما تبين أن كلا من مستشار الأمن القومى السابق مايكل فلين ورئيس حملة ترامب بول مانافورت كان على اتصال بجماعات ضغط أجنبية مرتبطة بروسيا وتركيا.
***
ويشير الكاتب إلى ما يسمى «نخبة الظل»، التى تتألف من لاعبين ينتمون إلى المؤسسة ويضطلعون بأدوار متشابكة وغامضة وليست شفافة بشكل كامل عبر المجالين العام والخاص. على سبيل المثال، من الممكن أن يساعد الجنرالات وقادة البحرية المتقاعدون الذين يشغلون مناصب استشارية فى الهيئات الدفاعية الحكومية فى صياغة الأجندات الدفاعية فى حين يستخدمون قدرتهم على الوصول ومعلوماتهم لإبرام عقود عسكرية مع شركات استشارية يملكونها أو شركات دفاعية يعملون لصالحها.
على نحو مماثل، كثيرا ما يتمتع المسئولون المعينون من قِبَل ترامب بصلات عميقة بالصناعة التى يفترض أنهم يتولون الإشراف عليها ــ بما فى ذلك التعليم، والتمويل، وبشكل خاص قطاع الطاقة ــ أو ربما يظهرون العداء الصريح تجاه الهيئات التى يتولون المسئولية عنها. وحتى الرئيس ذاته قام بالدمج بين أعماله الخاصة ومنصبه، مخفقا فى التجرد بشكل كامل من أعماله الخاصة، حتى عندما يتخذ قرارات (رسمية أو غير رسمية) تؤثر بوضوح على حصيلة أرباحه.
بطبيعة الحال، لا تزال الديمقراطية الأمريكية راسخة نسبيا، وقد واجهت إدارة ترامب مقاومة شديدة من جانب السلطة القضائية وأجهزة الإعلام، وكل منهما لم يسلم من هجماته المتكررة. وهذه ليست الحال تماما فى المجر فى عهد أوربان، الذى كان الأول بين قِلة من زعماء العالَم الذين أيدوا ترشح ترامب، أو فى بولندا تحت حكم كاتشينسكى. ففى حين قام ترامب بتسهيل الفساد من خلال إضعاف الحكومة، ركز أوربان وكاتشينسكى على فرض السيطرة، وتغيير القواعد، وتحويل مؤسسات الحكم إلى ملك خاص.
فى المجر، وُضِع الموالون لأوربان فى مناصب المسئولية عن العديد من هيئات مراقبة الحكومة المستقلة، كما تكدس القضاء بهم، الأمر الذى مكن أوربان من إعادة كتابة الدستور على النحو الذى رآه مناسبا. وفى ظل قِلة من القيود المؤسسية المتبقية، أنشأ أوربان ما وصفته مؤسسة فريدوم هاوس بأنه فساد «واسع النطاق دون أى خوف من عقاب».
عندما حقق حزب «فيدز» بقيادة أوربان نصرا حاسما فى عام 2010، أعلن أوربان ذلك اليوم «يوم ثورة» لأن الشعب المجرى «أطاح بحكم القِلة الذين أساءوا استخدام السلطة». ومع ذلك، أشرف أوربان على رعاية جيل جديد من القِلة الحاكمة، كما قام بالتنسيق مع ساسة مطلعين لاستغلال سلطة الدولة ومواردها لصالح أصدقاء شخصيين وحلفاء سياسيين.
تشير تقديرات منظمة الشفافية الدولية إلى أن 70% من المشتريات العامة فى المجر أصبحت الآن مصابة بعدوى الفساد، وربما تكلف البلاد ما قد يصل إلى 1% من الناتج المحلى الإجمالى. وإلى جانب موارد المجر، حَوَل أوربان لرفاقه المقربين مليارات اليورو من الاتحاد الأوروبى، الذى يطالب الآن بسداد جزئى على الأقل.
ولكن من منظور أوربان، كان الهدف دائما ضمان بقاء أصحاب السلطة والنفوذ فى المجر فى صفه. وكانت الخطة ناجحة. على سبيل المثال، نجحت القِلة المتصلة بأوربان فى تأمين «السيطرة الكاملة والهيمنة على سوق الصحف الإقليمية».
***
على نحو مماثل، شرع حزب القانون والعدالة الحاكم فى بولندا، بقيادة كاتشينسكى الذى لا يشغل أى منصب رسمى فى الحكومة، فى ضرب الحصار حول مؤسسات الحكومة. ومثله كمثل حزب فيدز، قدم حزب القانون والعدالة نفسه بوصفه ترياقا ضد الفساد، الأمر الذى ساعده فى تحقيق نصر انتخابى حاسم فى عام 2015. ولكن برغم أن الحكومة لاحقت بعض المبادرات الشرعية المناهضة للفساد، مثل الحملة ضد التهرب من الفساد، فإنها استغلت أيضا الاتهامات بالفساد كسلاح ضد المعارضين السياسيين، مما جعل قسما كبيرا من أجندتها فى مكافحة الفساد تبدو أشبه بخطة لاستيلاء حكومة سلطوية على السلطة.
من ناحية أخرى، حاول حزب القانون والعدالة تأكيد سيطرته على الخدمة المدنية، والسلطة القضائية، ووسائط الإعلام التى تسيطر عليها الدولة. كما عمل حزب القانون والعدالة على تغيير قانون الخدمة المدنية بحيث يسمح بإبعاد المهنيين المحترفين ووضع العديد من الموالين فى محلهم، فضلا عن استبدال العديد من رؤساء الشركات المملوكة للدولة.
والآن، يتخذ الموالون الذين يحظون بثقة كاتشينسكى قرارات مهمة فى بولندا، مع أقل قدر من المساءلة. وعلى هذه الخلفية، تشير الفضيحة المصرفية الحالية، التى تورط فيها مسئول تنظيمى كبير يبدو أنه طلب رشوة من مصرفى كبير، إلى تورط مؤسسى من قِبَل حزب القانون والعدالة ولاعبين مرتبطين بكاتشينسكى كما تؤكد على الضرر المؤسسى الذى أحدثوه.
ختاما يضيف الكاتب أنه على بُعد ستة آلاف ميل، نصبت البرازيل للتو بولسونارو، الذى حاكى هؤلاء القادة فى وعدهم بأن «الإدارات الحكومية لن يقودها أى شخص أدين بالفساد». ولكن إذا حكمنا من خلال تصرفات نظراء بولسونارو من الشعبويين فى أماكن أخرى، فلا ينبغى للبرازيليين أن ينتظروا أى خير.
النص الاصلى

التعليقات