القرارات الفوقية - امال قرامى - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 11:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

القرارات الفوقية

نشر فى : الإثنين 7 مارس 2016 - 10:15 م | آخر تحديث : الإثنين 7 مارس 2016 - 10:15 م
أثار قرار وزراء الداخلية العرب المجتمعين فى تونس بتصنيف حزب الله حزبا إرهابيا استياء أغلب التونسيين الذين لم يتخلفوا عند التعبير عن مشاعر الغضب والاستهجان والإحساس بالمهانة والاستياء من موافقة الحكومة التونسية على هذا القرار «المخجل». ولم تتخلف مكونات المجتمع المدنى عن إبداء مواقفها. فقد أصدر اتحاد الشغل بيانا دعا فيه الحكومة إلى «عدم الامتثال لهذا القرار» الذى يعد «خضوعا للابتزاز الصهيونى وضربا للمقاومة الوطنية» وشدد الاتحاد على «أن القرار الرسمى العربى ما زال وسيظل مرتهنا إلى أجندات أجنبية، كان على الحكومة التونسية ما بعد ثورة 17 ديسمبرــ14 جانفى أن تتحرر منه وأن تكون بوصلتها مصلحة البلاد وخدمة قضايا التحرر والدفاع على حق شعبنا فى فلسطين فى المقاومة من أجل دولة مستقلة ذات سيادة وعاصمتها القدس الشريف». كما عبر عدد من قيادى الأحزاب «حزب الشعب، وحزب المسار...» عن استنكارهم لموقف الحكومة. وفى السياق نفسه أصدر كل من حزب الغد والهيئة الوطنية لدعم المقاومة العربية ومناهضة التطبيع والصهيونية والرابطة التونسية للتسامح والملتقى الدولى للشباب المناهض للصهيونية والعنصرية والامبريالية والتجمع العربى الإسلامى لدعم خيار المقاومة ومنتدى شرق غرب بيانا نص على أن «حزب الله ساهم طيلة وجوده فى الدفاع عن فلسطين وفى دعم المقاومة الفلسطينية»، وهو الذى حرر رفات التونسيين الذين كانوا محتجزين لدى الكيان الصهيونى».

أما عميد المحامين محمد الفاضل محفوظ فقد أصدر بيانا عبر فيه عن رفضه لقرار تصنيف حزب الله منظمة إرهابية، ورأى أن انخراط الحكومة التونسية فى مثل هذا التوجه الخطير، يعد علامة على التنكر لثوابت الشعب التونسى فى الانتصار للمقاومة الوطنية والمشاركة فيها بأبطال وشهداء دافعوا عن القضية الفلسطينية وحرمة التراب اللبنانى ضد الكيان الصهيونى، وطالب محفوظ الحكومة بالالتزام بثوابت السياسة الخارجية التونسية.

والمتابع لمواقع التواصل الاجتماعى يتبين أن هذا الحدث شغل التونسيين الذين التقوا بعد طول اختلاف حول الرصيد المشترك الذى يجمعهم. فحزب الله من منظور أغلبهم، هو عنوان المقاومة والنضال لكونه لم يفرط فى الأرض ولا فى السيادة وهو الذى كسر شوكة المعتدى ومن ثمة انطلقت شعارات التأييد وبرزت صورة نصر الله باعتباره رمزا للمقاومة وتم تداول الأغانى الملتزمة المشيدة بالمقاومة.

***
وبالرجوع إلى طريقة تفاعل التونسيين مع هذا القرار نتبين مجموعة من الاستنتاجات نلخصها فى الآتى:

ــ مرة أخرى تبدو سياسة الدولة الخارجية مرتبكة إذ لم تتناغم المواقف بين وزير الداخلية ووزير الخارجة من جهة، ووزير الداخلية ورئيس الدولة من جهة أخرى. ففى حين اعتبر وزير الداخلية حزب الله حزبا إرهابيا رأى وزير الخارجية أن « تونس غير معنية بهذا الأمر. ولا تعتبر حزب الله جماعة إرهابية، وجاء رد رئيس الجمهورية ليؤكد هذا التوجه وليوضح أن تونس لا تتدخل فى شئون الدول. ولا يخفى أن الارتباك مخبر عن غياب التنسيق وتوحيد المواقف.

ــ حاول وزير الخارجية أن يجد مبررات للخروج من المأزق ولكنها بدت واهية وغير مقنعة ومرة أخرى يؤكد الوزير عدم تحمله للمسئولية واقتناعه بمبادئ فرضها التحول الديمقراطى كالحوكمة والشفافية والنزاهة والاعتذار عند ارتكاب الأخطاء.

ــ تنم ردود الفعل الشعبية عن استياء التونسيين من طريقة اتخاذ القرار إذ لم يفهم المسئولون أن عهد اتخاذ القرارات من فوق قد ولى وأن الديمقراطية التشاركية تقوم على مراعاة الرأى العام وضرورة تشريك مختلف مكونات المجتمع المدنى فى مثل هذه القرارات.

ــ صمتت أحزاب الائتلاف المشكل للأحزاب الحاكمة وتهرب قيادى وحزب النهضة عن مواجهة الموقف وهو أمر مثبت للإكراهات التى تتحكم فى المشهد السياسى.

ــ تثبت ردود الفعل المنددة بهذا القرار ميل التونسيين إلى تموقع تونس البورقيبية الذى كان يقوم على اتباع سياسة خارجية تحترم استقلالية القرار الوطنى وتمتنع عن الزج بتونس فى أى محور من محاور الصراع المذهبى أو الطائفى فى المنطقة.

ــ إن الجهات الداعية إلى الضغط على الحكومة حتى تتراجع عن موقفها تؤكد على رفضها للسياسة الخارجية «فى عهد الترويكا وفى عهد تحالف «النداء ـ النهضة». الخاضعة لإملاءات إقليمية ودولية، وهو ما يتطلب إثارة المسألة فى مجلس نواب الشعب ومناقشتها أمام الرأى العام.

قد نختلف حول أداء حزب الله وتوجهاته ومواقفه ولكننا مهما اختلفنا معه فإننا لا نملك أن نشكك فى وطنيته وإيمانه بالمقاومة قولا وفعلا وعلى هذا الأساس فلا يمكن أن تجارى الشعوب قرارات حكامها لأنها تتحمل مسئوليتها التاريخية.


أستاذة بالجامعة التونسية
التعليقات