رحلة مواطن في مصلحة حكومية - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 2:30 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

رحلة مواطن في مصلحة حكومية

نشر فى : الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 - 8:45 م | آخر تحديث : الثلاثاء 7 سبتمبر 2021 - 8:45 م
فى التاسعة من صباح الخميس الماضى، ذهبت إلى مقر شئون الطلاب والامتحانات بإحدى الإدارات التابعة لإدارة القاهرة التعليمية للتصديق على أوراق تخص نقل ابنتى نهال من الصف السادس الابتدائى إلى الصف الأول الإعدادى.
يفترض أن العمل يبدأ فى الثامنة صباحا، لكن المفاجأة أن المقر كان مغلقا، وعشرات المواطنين ينتظرون بفارغ الصبر، وصول الموظفين.
ظللت واقفا مع المنتظرين الذين يريدون إنهاء أوراق نقل أو تحويل أو تصديق على بيان نجاح أو أى من الأوراق، التى تخص العملية التعليمية، الانتظار استمر حتى العاشرة والربع، وصل الموظفون. وحينما تم فتح المكان، كان طبيعيا أن يندفع الناس، وكل منهم يريد أن ينهى معاملته، حتى يستكمل بقية الأوراق فى جهات أخرى.
كنت أعتقد أن طلبى سوف ينتهى فى هذا المكان بالتوقيع وختم النسر، ولكننى كنت متفائلا. بعد نقاشات وشد وجذب استطعت الوصول لأحد الموظفين، الذى طلب منى الذهاب إلى أقرب مكتب بريد لعمل حوالة مجمعة لـ ١٩٦ جنيها، وشراء أربعة طوابع بريد بـ ٤٠ جنيها، والعودة مرة أخرى للمكتب. ذهبت لمكتب البريد سيرا على الاقدام، لأن الوصول إليه بالسيارة شبه مستحيل. وهناك وقفت فى طابور وحصلت على طلبى بعد عشر دقائق.
عدت للإدارة التعليمية واستقبلنى مديرها بترحاب شديد، لكن الزحام كان قاتلا، وأعصاب الجميع مشدودة. إحدى الموظفات أخذت الطلب، وبدأت فى عملية مضاهاة درجات الطالبة المكتوبة فى الكشف، مع بيان النجاح المجمع الوارد من المدرسة واكتشفوا أن هناك خطأ يتمثل فى أن المدرسة تضع مثلا فى الكشف الورقى أن الطالبة حاصلة على ٣٥٫٥ درجة من أربعين، لكن الكشف الالكترونى يجبر الكسور لأعلى فيكتب الدرجة ٣٦ والمطلوب أن يتم توحيد الدرجات.
قالوا لى إن المفروض أن أعود للمدرسة لتصحيح هذا الخطأ، الذى ثبت أنه يخص كل طريقة احتساب الدرجات، اتصلت بمديرة المدرسة، فردت مشكورة، وتحدثت مع مدير الإدارة، فاتفقوا على تصحيح الوضع عبر رسائل متبادلة.
بعد انتظار استمر ساعة ونصف الساعة حصلت على الأوراق مختومة بخاتم الإدارة، ثم اكتشفت أننى ينبغى أن أذهب إلى الإدارة التعليمية الأعلى، وتقع فى نطاق حى شبرا. وصلت إلى هناك وكانت إحدى مواسير المياه مكسورة والوصول إلى داخل المدرسة يتطلب المرور فوق قوالب طوب تجنبا للخوض فى المياه!!
صعدت للموظفة وللأمانة كان استقبالهم محترما ومعاملتهم لطيفة، وحصلت على ختم النسر الشريف، واعتقدت أننى أنهيت الموضوع، لكن المفاجأة أنه كان مطلوبا منى أن أذهب بالأوراق إلى المدرسة المنتقلة إليها ابنتى، حتى يوقعوا على طلب التحويل. ذهبت إلى هناك، وحصلت على التوقيع، واعتقدت أنها النهاية، باعتبار أن هذه هى المدرسة التى يفترض أن تنتقل إليها ابنتى، لكن حينما وصلت إلى هنا؛ قالوا لى إنهم سيوقعون على الموافقة، لكن ينبغى علىَّ العودة للمدرسة الأصلية، وإعطاؤهم ملف الأوراق، ليقوموا بإرسالها هم بطريقة رسمية.
خرجت من المدرسة الجديدة، وعدت للمدرسة القديمة، ومن حسن حظى أنهما فى نفس المنطقة، وصلت إلى هناك فى اللحظات التى كان يفترض أن الموظفين يتهيأون للمغادرة، ونعلم جميعا خطورة إنهاء أوراق بعد ظهر يوم خميس، والجميع يسابق الزمن ويتعجل الوقت للمغادرة.
سلمت الموظفة الملف كاملا، وفى اللحظة التى قالت لى إن الموضوع انتهى نطقت الشهادتين، شكرا لله.
وحينما علم بعض أصدقائى أننى أنهيت كل الأوراق والمشاوير من العاشرة صباحا حتى الثانية إلا الثلث ظهرا، قالوا لى إن ذلك يعد معجزة.
أظن أننى كنت محظوظا، وأظن أن التعامل معى كان لطيفا جدا بسبب ذوق وتحضر الموظفين وربما بسبب أن البعض عرفنى لكثرة ظهورى التلفزيونى، لكن ما أريد التركيز عليه هو: هل هذا الواقع وهذا الأداء وهذا المستوى، يمكن أن يكون عنوانا للمرحلة المقبلة التى نتحدث فيها عن الرقمنة والحكومة الإلكترونية؟!
سؤال يحتاج إلى نقاش لاحق إن شاء الله.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي