انتخابات ساكتة.. - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 12:51 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

انتخابات ساكتة..

نشر فى : السبت 8 مايو 2010 - 10:14 ص | آخر تحديث : السبت 8 مايو 2010 - 10:14 ص

 ابتدعت مصر نظاما فريدا من نوعه فى إجراء الانتخابات، يجرى تطبيقه حاليا فى انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى. تمهيدا لتطبيقه فى انتخابات مجلس الشعب. فعلى الرغم من إعلان فتح باب الترشح قبل أيام، فإن جماهير الناخبين الذين يبلغ تعدادهم 30 مليونا لم يلحظوا شيئا عن وجود معركة انتخابية، فلا لافتات تحمل أسماء المرشحين عن الأحزاب أو المستقلين. باستثناءات قليلة جدا لا تكاد تلفت النظر. ولا برامج ولا شعارات ولا منافسات حقيقية.

وإنما يترقب الجميع ما سوف يعلنه الحزب الحاكم من أسماء وقع عليها الاختيار، هى التى سيكتب لها الفوز، بناء على ما تقرره وتختاره قيادات الحزب فى جلسات مغلقة بعد أخذ رأى أجهزة الأمن فيما يسمى بالمجمعات الانتخابية.. وذلك تجنبا لانشقاقات وخلافات داخل صفوف الحزب الذى يسيطر وحده على جميع الدوائر الانتخابية. وتتهمه أحزاب المعارضة باحتكار العملية الانتخابية وتزويرها.

وعلى الرغم من أن التجارب السابقة أثبتت أن النتائج فى غالبيتها ستكون بالتزكية فى انتخابات تكاد تكون مقصورة على الحزب الوطنى، فإن حزبى التجمع والوفد قد يجربان حظهما. وربما تكون مشاركتهما ولو بالاسم ثمنا لتعيين بعض أعضائهما فى الكوتة المخصصة للتعيينات التى يصدرها الرئيس.

وربما لهذا السبب يمكن أن يطلق عليها وصف الانتخابات الساكتة أو الصامتة، حيث لا يسمع أحد للمرشحين صوتا. ولا تعرف لأحد منهم اسما. وحيث لا يتوجه الحزب الوطنى الحاكم بخطابه السياسى إلى الشعب المصرى كله بل إلى كوادر الحزب وأتباعه.

ولا يترك الحزب فرصة لأى مرشح مستقل أو معارض. فهو يملك الأدوات والوسائل الكفيلة إما بإقصاء المعارضين وإخراجهم من المنافسة إلى السجن. وإما بإنزال هزيمة ساحقة بهم لو أفلت أحدهم من الحصار الأمنى الذى يمنع غير المرغوب فيهم من تقديم أوراق الترشح إلى مقار الانتخابات. وهى طريقة معروفة طبقت بنجاح باهر فى الانتخابات السابقة. ولا توجد ضمانات لمنع تكرارها.

تتجلى ظاهرة التفرقة فى الخطاب السياسى للحزب فى مناسبات مختلفة وليس فى الانتخابات وحدها.. حيث يتعامل الحزب الحاكم مع الجماهير معاملة الأحزاب الشيوعية مع أتباعها. فالمؤتمرات الشعبية التى يعقدها جمال مبارك أو أحمد عز أو غيرها من القيادات لا يسمح لأحد بحضورها من غير الأعضاء المؤتمنين من كوادر الحزب تحت إشراف أمنى دقيق.

ولا يكون الخطاب الموجه للحاضرين خطابا عاما قوميا بل خطابا حزبيا ضيق الأفق..وفى وقت من الأوقات كان الرئيس مبارك يلتقى برموز وشخصيات من أحزاب المعارضة ويستمع إليهم باعتباره رئيسا لكل المصريين متجاوزا صفته الحزبية كرئيس للحزب الوطنى.وقد اختفى هذا التقليد الذى كان عاملا مهما من عوامل إشاعة التسامح الوطنى والانفتاح السياسى.

ويبدو أن هذا الاتجاه يزداد انتشارا وتعمقا. فقد يكون لجمال مبارك العذر حين يلتقى فى مؤتمراته الصحفية برؤساء تحرير الصحف القومية التى يعين الحزب رؤساء تحريرها ويغفل وسائل الإعلام الأخرى.

ولكن حين يقدم أحمد نظيف على مثل هذا التصرف كرئيس لوزراء مصر، فلا يلتقى ولا يتحدث إلا للصحف القومية ورؤسائها متجاهلا أهم جزء فى صناعة الرأى العام من الصحف الحزبية ووسائل الإعلام المستقلة غير الحكومية، متحدثا وشارحا لقضايا عامة ومشكلات تهم شعب مصر كله، فإن هذا التصرف يعكس موقفا حزبيا متعصبا لا تجد له مثيلا فى أى دولة فى العالم. ولا غرابة حينئذ فى أن يدير الناس ظهورهم لكثير من السياسات الحكومية..وتظل الانتخابات نوعا من الممارسات العقيمة التى لا يأخذها أحد مأخذ الجد!!



سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات