على فيض الكريم - أميمة كمال - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 4:42 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على فيض الكريم

نشر فى : الأحد 9 مايو 2010 - 10:34 ص | آخر تحديث : الأحد 9 مايو 2010 - 10:34 ص

 الحقيقة أننى أحسد الدكتور عثمان محمد عثمان وزير التنمية الاقتصادية على جسارته فى مواجهة الناس بالرأى وعكسه بنفس الحماس، وذات الجرأة.

فهو قادر بمنتهى القوة أن يقول كل يوم عكس ما قاله فى اليوم السابق دون أن يكلف نفسه تقديم تفسير لذلك الاختلاف، حتى لو كان من باب تجنب إصابة المشاهدين لبرامجه الحوارية، أو القراء لأحاديثه الصحفية، أو المتابعين بشغف لتصريحاته الوزارية، تجنب إصابتهم «والعياذ بالله» بالغباء. ودون أن يخشى عليهم مما قد يتعرضون له من مخاطر التشكك فى قواهم العقلية، أو فقدان الثقة فى قدرتهم على التذكر.

والعينة بينة أكثر من أى شىء آخر. فالدكتور عثمان فى جريدة الأهرام، قبل أيام، قال إن المجلس القومى للأجور لا شأن له إطلاقا بتحديد الحد الأدنى للأجور، وإن كل دوره حسب قرار تشكيله هو تحديد العلاوة السنوية التى يمنحها القطاع الخاص للعمال، وبحث الشكاوى التى تأتى إليه من جراء عدم الالتزام بصرف العلاوة المقررة.

وهى التصريحات التى دفعت المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية (المركز الذى كان قد حصل على حكم من القضاء الإدارى يقضى بإلزام الحكومة بتحديد حد أدنى للأجور) دفعته ،فى اليوم التالى للتصريح المثير للعجب، إلى أن يرد ببيان يذكر فيه السيد الوزير بما ينص عليه كل من قانون العمل، وقرار رئيس الوزراء بتشكيل المجلس القومى للأجور. وفى محاولة تذكيره للوزير أكد المركز أن قرار تشكيل المجلس القومى للأجور ينص على أن دوره هو تحديد الحد الأدنى للأجور على المستوى القومى، وبمراعاة نفقات المعيشة. ليس هذا فقط ولكن «كمان» تحقيق التوازن بين الأجور. ونفس الشىء تنص عليه المادة 34 من قانون العمل.

ولم تمر أيام على الحديث الذى أدلى به السيد الوزير لجريدة الأهرام نافيا أن يكون للمجلس أى دور فى تحديد الحد الأدنى للأجور. إلا ويجرى الدكتور عثمان حوارا آخر مع الإعلامى عبد اللطيف المناوى فى التليفزيون المصرى يقول فيه كلاما عكس تماما ما تابعه قراء الأهرام، ربما مستندا لأبحاث «علمية دقيقة من إياها» تثبت أن من يقرأ الأهرام غير من يشاهد التليفزيون. ويقول السيد الوزير فى حواره إن المجلس القومى للأجور منوط به تحديد الحد الأدنى للأجور.

ولم يفت الوزير أن يقدم «أمارة» على هذا الدور بتشديده على أن المجلس كان قد اجتمع عام 2008 وحدد بالفعل حدا أدنى للأجور يعادل وقتها 250 جنيها للحاصلين على الشهادات المتوسطة، و300 جنيه لأصحاب المؤهلات العليا. «وأمارة الوزير» الأخرى هى أن المجلس سوف يجتمع قريبا ليحدد الحد الأدنى للأجور الذى يرجح الوزير أن يكون فى حدود 450 جنيها.

ومرة أخرى لم يستطع السيد الوزير أن يفسر لنا ما أعلنه مرة من أن الحد الأدنى للأجور لابد أن يتجاوز حد الفقر، وهو حد الكفاف أى يعنى الحد الذى يعيش عنده الناس على «فيض الكريم»، وهو طبقا لما أعلنه الوزير استنادا إلى البنك الدولى هو 165 جنيها للفرد. وبذلك يصبح الحد الأدنى للأسرة لكى تعيش على فيض الكريم هو (165×4 أفراد) =660 جنيها.

ولكنه فى مرة أخرى يشرح لنا بلغة «المدقق» أن البنك الدولى قدر حد (فيض الكريم) عند دولارين فى اليوم. والدولار الواحد تعادل قيمته الشرائية 170 قرشا، أى أن القيمة الشرائية للدولارين هى 340 قرشا. يعنى فى الشهر يكون حد الكفاف للفرد هو 102 جنيه، وبعد ضربها فى أربعة بنى آدمين يصبح الحد هو 408 جنيهات للأسرة.

ولكن لم يكتف السيد الوزير بهذا القدر من الإرباك للناس الذين يتابعونه، بل يزيد قائلا إننا نعتمد على أرقام الدخل والإنفاق للأسرة المصرية، والتى يعلن عنها جهاز التعبئة والإحصاء، والخاصة بحد الفقر دون أن يكشف عن الرقم الصحيح الذى سبق وأن أعلنه الجهاز فى حضور السيد الوزير نفسه وهو (205 جنيهات) للفرد فى الشهر، يعنى حد (فيض الكريم) للأسرة هو بلا فخر (820 جنيها).

ولا نعرف ماذا سيضيف لنا أكثر من ذلك الدكتور عثمان إذا ما طال الوقت قبل اجتماع المجلس القومى للأجور. وربما يكون التعجيل بعقد المجلس إنقاذا للصحة النفسية لهؤلاء المضطربين من أمثالى بين التصريح وعكسه. وإذا لم يكن هناك بد من تأجيل الاجتماع، فلتكتفِ بهذا القدر من تصريحاتك يا دكتور عثمان.. الله يخليك.

أميمة كمال كاتبة صحفية
التعليقات