شباب اليهود الأمريكيين يعيدون التفكير في دعمهم لإسرائيل - دوريات أجنبية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

شباب اليهود الأمريكيين يعيدون التفكير في دعمهم لإسرائيل

نشر فى : الثلاثاء 9 نوفمبر 2021 - 8:35 م | آخر تحديث : الثلاثاء 9 نوفمبر 2021 - 8:35 م

نشرت مجلة The New York Times مقالا للكاتب Marc Tracy، فسر فيه سبب تفكك ارتباط شباب اليهود الأمريكيين بإسرائيل.. نعرض منه ما يلى.

فى وقت مبكر من هذا العام، بدأ حوالى 20 طالبًا وطالبة فى كليات الدراسات اليهودية محادثة على تطبيق واتس آب أطلقوا على مجموعة المحادثة اسم «مستقبل رجال الدين». أصبح العديد منهم أصدقاء لأول مرة أثناء الدراسة والعمل فى مدينة القدس، عاصمة الأرض التى يعتبرها كل من التوراة وإسرائيل مكانًا «لتجمع المنفيين».
فى أبريل الماضى، اشتدت حدة الرسائل النصية بسبب الجهود طويلة الأمد التى تبذلها مجموعة يهودية يمينية لانتزاع ملكية منازل فلسطينية فى حى الشيخ جراح. وصفت حكومة إسرائيل القضية على أنها مجرد «نزاع عقارى»، لكنه استبعد التاريخ المتعرج لملكية المنازل كهدف صريح للمجموعة اليهودية يتمثل فى تغيير التركيبة السكانية للقدس الشرقية لتأمينها بشكل دائم لإسرائيل.
فى الأسبوع الثانى من شهر مايو، اجتمع عدد قليل من أعضاء الدردشة الجماعية على Zoom وصاغوا خطابًا مفتوحًا يدعو اليهود الأمريكيين إلى تعديل توجههم نحو إسرائيل. بحلول هذا الوقت، كان الصراع قد بدأ فى الاتساع: أطلقت حماس مئات الصواريخ على البلدات الإسرائيلية ردا على الاشتباكات فى الحرم القدسى. وردت إسرائيل بشن غارات جوية على حماس التى ردت بمزيد من الصواريخ. اندلع قتال فى الشوارع بين مدنيين يهود وعرب فى عدة مدن إسرائيلية. فى نهاية المطاف قُتل أكثر من 250 شخصا، من بينهم 12 مدنيا ومدنية فى إسرائيل وأكثر من 100 فى غزة.

بدأت المحادثة بـ «الدم يسيل فى شوارع الأرض المقدسة»، وحثوا اليهود على إعادة التفكير فى دعمهم للمساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل، والتى تبلغ حوالى 3.8 مليار دولار سنويًا. لكن الرسالة لم تشر فقط إلى أن الإجماع المؤيد لإسرائيل فى حالة تآكل، وهو ما كان واضحًا لفترة من الوقت، ولكن شيئًا آخر: أن السبب الرئيسى لهذا التآكل قد يكون تصرفات الحكومات الإسرائيلية أو استيعاب اليهود الأمريكيين. فى المقابل، يواجه جيل من اليهود التوتر بين المبادئ اليهودية العالمية وفكرة الخصوصية اليهودية ــ أن اليهود لديهم التزامات خاصة تجاه بعضهم البعض. فلسنوات، كان اليهود الأمريكيون ينظرون إلى إسرائيل كدولة صغيرة مليئة بالأشخاص المضطهدين منذ فترة طويلة ومحاطين بجيران معادين.
لكن الرسالة دخلت إلى منطقة محفوفة بالمخاطر عندما طُلب من اليهود الأمريكيين النظر إلى الصراع فى الشرق الأوسط هيكليًا، كمثال آخر على قيام مجموعة قوية بقمع المجموعة الأقل قوة. بعبارة أخرى، أن اليهود، بعد عشرين قرنًا من السلب والاضطهاد والنفى، لهم اليد العليا ويتحملون مسئولية التصرف على هذا النحو ضد الشعب الفلسطينى.
•••
معظم اليهود الأمريكيين الآن نشأوا فى وقت كان فيه الدعم القوى لإسرائيل حجر الزاوية فى المجتمع. وكان الإجماع المؤيد لإسرائيل يتجاوز السياسات الحزبية الأمريكية. وجد استطلاع مركز بيو للأبحاث، الذى صدر فى مايو الماضى، أن 82 فى المائة من اليهود الأمريكيين قالوا إن دعم إسرائيل ضرورى أو مهم.
ومع ذلك، وجد مركز بيو بين اليهود الذين تقل أعمارهم عن 30 عامًا ارتباطًا عاطفيًا أقل بإسرائيل، وموافقة أقل لنتنياهو ودعمًا أكبر لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات.
وتفسير سبب هذا الارتباط الأقل بإسرائيل بين تلك الفئة هو أنه إذا كان الشخص يبلغ من العمر 26 عامًا الآن، فمعنى هذا أنه لم يكن قد ولد عند توقيع أوسلو ويتذكر بقوة الانتفاضة الثانية. يمكن أن يكون انطباع هذه الفئة من الشباب عن إسرائيل أنها قوة محتلة وقلعة محمية بحواجز عسكرية ونظام الدفاع الصاروخى، القبة الحديدية، كما أنها دولة قوية ردت، خلال حرب 2014 فى غزة، على مقتل حماس لثلاثة مراهقين إسرائيليين وإطلاق الصواريخ على البلدات الإسرائيلية بغارات جوية وتوغلات برية أسفرت عن مقتل أكثر من ألفى فلسطينى وفلسطينية، من بينهم العديد من غير المقاتلين.
لا يتم تجسيد إسرائيل لهذه الفئة من الشباب إلا من خلال نتنياهو، الذى لم يشرف إلا على بناء المزيد من المستوطنات فى الضفة الغربية. وعلى الصعيدين الدينى والمدنى، حاول عرقلة المنظمات الليبرالية غير الحكومية، وانخرط فى الديماغوجية العرقية ضد الشعب الفلسطينى وتحالف مع الحزب الجمهورى، بما فى ذلك على وجه الخصوص دونالد ترامب.

شهد هذا البالغ من العمر 26 عامًا أيضًا أن الحكومة الإسرائيلية تحتضن صراحةً الإنجيليين الأمريكيين اليمينيين، الذين هم صهاينة مخلصون، بينما يحتقرون اليهود الأمريكيين.
من جانبها، بذلت العديد من الدراسات الأكاديمية على مدى العقد الماضى جهودا للبحث عن فك الارتباط مع إسرائيل بين الشباب اليهود. اعتمد دوف واكسمان، أستاذ الدراسات الإسرائيلية فى جامعة كاليفورنيا، على بيانات مركز بيو فى ورقة بحثية عام 2017 وجدت أن اليهود من جيل الألفية أكثر عرضة للتشكيك فى أفعال إسرائيل وسياساتها. قال واكسمان: «فى الماضى، كان الدعم حقًا غير مشروط ولا لبس فيه. يعتقد معظم اليهود الأمريكيين اليوم أنه من الممكن تمامًا أن يكونوا مؤيدين لإسرائيل وفى نفس الوقت ينتقدون العديد من سياسات الحكومة الإسرائيلية، وخاصة السياسات تجاه الشعب الفلسطينى».

ليا نوسباوم، البالغة من العمر 28، أحد الزملاء فى مركز إيزابيلا فريدمان اليهودى ريتريت وهو مزيج من الكيبوتس والمخيم الصيفى، قالت: «دولة إسرائيل هى دولة مثل أى دولة أخرى. لديها مشاكل مع التمييز والعنصرية. وما تقوم به لا يعكس القيم اليهودية بالرغم من أنها دولة يهودية. وأعتقد أنه يمكن أن تكون هناك دولة تعكس القيم والأخلاق اليهودية. يمكن لإسرائيل أن تفعل ما هو أفضل بكثير». تابعت نوسباوم: «أشعر أنه من القيم اليهودية أيضًا أن أدعم الشعب الفلسطينى».
•••
إن وجود اليسار اليهودى ليس بالأمر الجديد. ومثل أى طليعة يسارية، أيقظوا رد الفعل المعتدل. فى مايو الماضى، نشرت مجموعة تسمى المعهد اليهودى للقيم الليبرالية رسالة مفتوحة أطلق عليها اسم «خطاب هاربر اليهودى». ألقى هذا الخطاب الجديد باللوم على الأيديولوجية المناهضة للعنصرية لتشجيعها «المفاهيم الخبيثة لـ«الامتياز اليهودى»، وحتى توريط اليهود فى «التفوق الأبيض».
ماكس بوشدال، وهو طالب فى السنة الثانية يبلغ من العمر 25 عامًا فى المدرسة اللاهوتية اليهودية، نشأ فى أسرة يهودية محافظة وتعلم فى طفولته كيف يدعم إسرائيل دعما ثابتا وغير محدود. لكن بدأ تحول بوشدال خلال سنوات دراسته الجامعية فى جامعة تمبل. خلال حرب غزة عام 2014، قرأ المزيد عن تاريخ الصراع، ولا سيما عن حادثة حرب الاستقلال الإسرائيلية عام 1948ــ المعروفة للشعب الفلسطينى باسم النكبة، الكارثة ــ حيث قامت القوات الصهيونية بترحيل عشرات الآلاف منهم من اللد، المدينة التى أصبحت الآن موقع المطار الرئيسى فى إسرائيل. بعد التخرج من الجامعة، عمل بوشدال فى اللجنة اليهودية الأمريكية، وهى مؤسسة مؤيدة لإسرائيل، وقد انقطع بسبب دعمها غير المشروط للدولة اليهودية.

سافر بوشدال إلى القدس قبل عامين للدراسة فى مدرسة دينية هناك، معهد بارديس للدراسات اليهودية. على الفور وجد نفسه يقوم بأمرين لم يفعلهما من قبل: الانخراط فى نشاط التضامن الفلسطينى وإغلاق هاتفه يوم السبت. وبينما كان يقضى ليلة فى أحد الأحياء الفلسطينية فى القدس الشرقية، شهد مداهمة لأجهزة الأمن الإسرائيلية. وفى حادثة أخرى، هاجمه مستوطنون أثناء قيامه بالمساعدة فى قطف الزيتون فى بلدة بورين شمال الضفة الغربية. وقال: «أعتقد أن هناك افتراضًا بين اليهود الأمريكيين بأنه كلما زاد معرفة الناس بالصهيونية، كلما أصبحوا أكثر صهيونية. وأعتقد أن هذا خطأ».

بوشدال يعرف ما تقوله النصوص المقدسة اليهودية بالضبط. إنه يعرف أن الهدف فى النهاية كان أرض الموعد. إنه يعلم أن أقدام الملك داود كانت تسير فى سفوح تلال يهوذا فى العصور القديمة، وأن ابنه، الملك سليمان، بنى الهيكل فى القدس. لكن تقوى بوشدال هى بالضبط مصدر سياسته. قال: «لقد حدث التطرف الدينى والتطرف السياسى بشكل متزامن». وأضاف: «صحيح أن الأرض وُعدت لهم على أنهم من نسل إبراهيم. لكنهم انتهكوا شرائعه. لقد سفكوا الدماء». يسأل: «بعد كل هذا، أتتوقع أن يرثوا الأرض؟». واختتم بوشدال: «لقد طردنا من الأرض من قبل. ارتباطنا بالأرض له شروط».

إعداد: ياسمين عبداللطيف زرد
النص الأصلي هنا

التعليقات