نهاية فترة السماح - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 9:00 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

نهاية فترة السماح

نشر فى : الأربعاء 10 مارس 2010 - 9:59 ص | آخر تحديث : الأربعاء 10 مارس 2010 - 10:35 ص

 أسفت أسفا شديدا حين اضطرتني ظروف صحية لدخول المستشفى خلال الأيام التى احتفل فيها الشعب المصرى بالبرادعى، أو بما اعتبرته نخبة من القوى السياسية بارقة أمل للتغيير من خلال الآمال والطموحات التى أطلقتها حركته. وما جرى من مناقشات ومداولات بين قوى سياسية مختلفة، حول الطريق إلى التغيير. ولم يقتصر الأمر على أفراد أو تجمعات سياسية، بل حركته عددا من أحزاب المعارضة ومن الشباب والمرأة.. تحركوا طواعية فى اتجاه واحد أو اتجاهات متقاربة.

وكان طبيعيا أن تخرج بعض الطفيليات المحسوبة كأحزاب، وبعض العناصر المتلونة لتشوه البرادعى وتوجه اتهامات سخيفة بالعمالة إليه ولمن معه.. قليل من الذين شاركوا فى النقاش ممن تحفظوا على طروحات البرادعى أو حاولوا أن يقللوا من أهمية ما يطالب به، وإثارة الشكوك حول مدى اهتمام الشعب المصرى بالتغيير المطلوب، زعما بأن الأولويات التى تهم غالبية المصريين هى دخل أكبر، وتعليم أفضل وعلاج أضمن ومسكن أنظف.. أما تغيير مواد فى الدستور فلها وقتها وشروطها الاجتماعية والسياسية. وهو ليس هذا الوقت بالذات!

وبعض الذين تابعوا البرادعى إعلاميا، كان تركيزهم على أن المشكلة التى شغلته أساسا هى الترشح لمنصب الرياسة وضرورة تغيير المواد الدستورية والنظم الاجتماعية التى تضمن ذلك. وذهب أحدهم إلى القول بأن البرادعى طلب من مؤيديه فى «الجمعية الوطنية من أجل التغيير» ألا يرشح أحد منهم نفسه أمامه. وهو كلام ساذج يدل على تفكير قاصر يضع العربة أمام الحصان بحثا عن السلطة بأى ثمن!

غير أن هذا لا يمنع القول بإن طريق الإصلاح أمام البرادعى والجمعية الوطنية للتغيير سوف يكون طريقا وعرا وشاقا وطويلا. ولن يكون من السهل على الذين أدمنوا الحكم ثلاثين سنة أن يصابوا بزهد مفاجئ، ليستمعوا إلى صيحة التغيير بكل ما تعنيه من تعديل فى مواد الدستور وضمانات لنزاهة الانتخابات أو غيرها.. وحتى هذه اللحظة فقد مرت فترة السماح التى تساهل فيها النظام مع ظاهرة البرادعى، وبدأ يلوح بقبضته فى الهواء بتحذيرات قاطعة مانعة.. ضد أى تفكير فى تعديل الدستور وبالذات فى المادة 76.

وكان ذلك واضحا من إجابة الرئيس فى برلين عندما سئل عن ترشيح البرادعى. وسبقه جمال مبارك بنفس المعنى فى حواره مع الشباب فى الأقصر.

لقد تساءل البعض أين ذهب البرادعى، بما يوحى بأن الرجل هرب من الميدان.. وربما يكون هذا ما يتمناه أركان الحزب الحاكم.. الذى بدأ بالفعل مرحلة المقاومة ضد المطالبة بالتغيير. وأغلب الظن أن الرئيس مبارك سوف يعود من رحلة العلاج أكثر تصميما على أنه ليس فى الإمكان أحسن مما كان.

وسوف تزدادا محاولات التقرب من الطبقة الوسطى ومن الفلاحين والعمال، وخنق الاتجاهات الخارجة على الصف. ولا يمكن فى هذا الصدد التعويل على ضغوط أمريكية لفتح العملية السياسية نحو مزيد من المشاركة.. إذ ما لم تحدث تغييرات جذرية فى المجتمع تدفع بعملية التغيير إلى الأمام، فسوف تظل الدعوة إلى الاستقرار مبررا للجمود وبقاء الحال على ما هو عليه.

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات