المذيعة ذات الذراع الواحدة - حسام السكرى - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 10:06 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

المذيعة ذات الذراع الواحدة

نشر فى : الأحد 10 مايو 2015 - 9:05 ص | آخر تحديث : الأحد 10 مايو 2015 - 9:05 ص

أشعر منذ زمن بعيد بالرغبة فى الكتابة عن سيرى بيرنيل. عملت سيرى فى «بى. بى. سى» ولا تزال. لم نلتق يوما، ولكننى بصراحة، معجب بها!

عندما ظهرت سيرى على شاشة التليفزيون لأول مرة فى عام 2009 انهال على «بى. بى. سى» سيل من الاحتجاجات كلها يتساءل: «كيف تسمحون بأن تكون مقدمة البرنامج الرئيسى للأطفال امرأة بذراع واحدة؟ إنكم تخيفون أطفالنا. لقد بدأوا فى طرح أسئلة صعبة ومؤلمة».

ولدت سيرى بذراع واحدة. أما الأخرى فهى ناقصة قبل الكوع بقليل. وقد قررت منذ سن التاسعة، ألا تستعمل الذراع الصناعية التى اشتراها لها أبواها لترغم المجتمع على أن يقبلها كما ولدت.

انتقلت قصة سيرى وقتها من قسم الشكاوى فى «بى. بى. سى» إلى المجال العام، وتحولت الشكوى إلى حوار شارك فيه أصحاب الرأى والجمهور وجماعات الدفاع عن ذوى الاحتياجات. انتهى الحوار بانتصار للقيم الإنسانية وبدعم واسع لحقيقة أن الإعاقة البدنية ليست عيبا ولا نقيصة، واستمرت سيرى فى عملها.

قصة سيرى كانت مدخلا، تحدثت من خلاله عن مجتمعاتنا وعلاقتها بالإعلام فى افتتاح مؤتمر أقامه معهد الإعلام الأردنى فى عمان منذ أيام، تحت رعاية الأميرة ريم على الحسين. ومن خلال القصة حاولت أن أعرض لنموذج إعلامى يدرك أن نجاحه مرتبط بالقدرة على التعبير عن التنوع فى المجتمع.

حكيت قصة سيرى التى تعتبر من أنجح مقدمى برامج الأطفال البريطانيين، على أمل أن يكون هذا حافزا للتفكير فيما نقدمه على شاشاتنا، ومدى ارتباطه أو تمثيله لجمهورنا على تنوع أطيافه فى العالم العربى.

كم مرة رأينا فيها ذوى الاحتياجات الخاصة على شاشات التليفزيون؟ وهل حدث هذا فى أى سياق يخالف الحديث عن مشاكلهم باعتبارهم فئة خاصة؟ هل رأينا ضيفا منهم يتحدث فى قضية غير مشاكل الإعاقة وذوى الاحتياجات؟

كثيرون منهم تجاوزوا العقبات، ووصلوا لأرفع المستويات فى مجالات العلم والتكنولوجيا والاقتصاد. كم منهم رأيناه على شاشاتنا بين الخبراء والمحللين والاستراتيجيين؟

هل هناك ما يمنع من أن يكون بينهم مذيع أو مقدم برامج، يجلس على كرسيه المتحرك، ويحاور ضيوفه بمقدرة وسلاسة وإقناع؟

إعجابى ليس بالمذيعة سيرى وحدها، ولكن بمجتمع كامل يقدر التنوع والتعددية ويسمح لأفراده بالتعبير والإسهام والإبداع. البريطانيون لم يقبلوا بذات الذراع الواحدة كمذيعة أطفال فحسب، ولكنهم يحتفلون بها ككاتبة، وممثلة مسرحية، ومؤلفة قصص، لها أكثر من مجموعة للأطفال فى المكتبات.

هذا مجتمع سمح لأفراده بالتعبير عن قلقهم مما اعتبروه مشهدا يثير القلق أو الخوف، ولكن فيه من الحراك وآليات المراجعة، ما يسمح بضبط البوصلة على اتجاه أخلاقى وإنسانى، يدعم المساواة بين أفراده، ويحتضن أصحاب المواهب بصرف النظر عن اللون أو الشكل أو الجنس أو الهيئة.

من المعلوم أن هناك فرقا كبيرا بين ذوى الاحتياجات البدنية وذوى الاحتياجات العقلية. والمسئولية ستكون دائما على إعلام الدولة المملوك للناس فى كسر الحظر المفروض على المجموعة الأولى بما يدعم قيم المساواة والاحتضان والتمثيل الأوسع لفئات المجتمع. خاصة وأن الحظر قد رفع، على ما يبدو، عن أبناء الفئة الثانية، الذين يظهر عدد لا بأس به منهم على شاشات التليفزيون فى هذه الأيام.

التعليقات