خلطة مبارك - أشرف البربرى - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خلطة مبارك

نشر فى : الخميس 10 يوليه 2014 - 4:55 ص | آخر تحديث : الخميس 10 يوليه 2014 - 4:55 ص

لم يتحدث أحد من حكام مصر فى العصر الحديث عن الفقراء والانحياز إليهم والدفاع عن مصالحهم كما تحدث الرئيس المخلوع حسنى مبارك، وفى الوقت نفسه لم يجن على الفقراء نظام حكم كما جنى عليهم نظام مبارك بسياسات جعلت من ثروات البلاد ومقدراتها نهبا لطبقة متناهية الصغر من المتحلقين حول السلطة، وتركت باقى الشعب ينزلق إلى هاوية الفقر والحاجة.

وأخشى ما أخشاه أن تكون تجربة الرئيس عبدالفتاح السيسى استنساخا، سواء بوعى أو بدون وعى لتجربة مبارك البائسة، فيكون الفقراء هم من يدفعون ثمن أحلام الرئيس فى الإصلاح الاقتصادى والنهوض بالبلاد، لأن المصريين الذين احتاجوا 30 عاما لكى يثوروا على نظام مبارك ويسقطونه لم يحتاجوا إلى أكثر من عام، لكى يسقطوا خليفته محمد مرسى، ربما لن يحتاجوا إلا لشهور لتكرار التجربة إذا لم يثبت الرئيس السيسى انحيازا حقيقيا للفقراء وحرصا عليهم.

وإذا كنت أتمنى بالفعل أن تكون تجربة حكومة السيسى مختلفة عن تجربة مبارك، فإن الواقع بكل أسف يشير إلى العكس، فنحن أمام حكومة تتحرك كما لو كانت قد أخرجت كتالوج مبارك لتعمل به. يظهر هذا بوضوح عندما يخرج علينا الرئيس؛ ليؤكد فى كل مناسبة أن الفقراء هم «نور عينيه»، ويخرج رئيس وزرائه فيقول إن «الفقراء فى قلب وروح الحكومة»، ويخرج وزير ليقول إن قرارات رفع الأسعار تخدم الفقراء. وعندما تأتى قرارات رفع الأسعار من الكهرباء إلى الوقود لا تكلف الحكومة نفسها بوضع خطة واضحة للتعامل مع تداعيات هذه الخطوة واحتواء تداعياتها.

وبدلا من أن يتحدث الرئيس ورئيس وزرائه ووزراؤه عن إجراءات وخطط محددة تستهدف حماية الفقراء من تحمل فاتورة الإصلاح الاقتصادى، نراهم يتحدثون عن «الضمير الوطنى» و«الروح الوطنية»، وكأن ضمير الفاسدين من رجال الأعمال والتجار الذين انتهزوا كل فرصة لكى يضاعفوا أرباحهم يمكن أن يستيقظ فجأة فينحازون إلى الفقراء، وينتصر الخير فى النهاية ويعيش الجميع «فى تبات ونبات».

لقد دفع الفقراء المصريون ثمنا باهظا لتجربة إصلاح مماثلة فى عهد مبارك مطلع التسعينيات، ولما جاء آوان جنى ثمار هذه الإصلاحات المؤلمة، ظل الفقراء خارج حسابات الحكومة واستحوذت على الثمار مجموعة من المقربين من السلطة، فأصبح أصحاب المغامرين والمرتزقة فى بلاط السلطان من المليارديرات فى غمضة عين، ويسقط أكثر من 40% من المصريين فى براثن الفقر.

وإذا كانت المؤشرات تقول إن تصورات النظام الحالى لا تختلف كثيرا عن تصورات مبارك، فالواقع يقول أيضا إن الشعب سيكون مختلفا هذه المرة، ولن يقبل الفقراء بالتأكيد أن يتحملوا وحدهم ثمن الإصلاح، ناهيك عن أن يحرموا من ثماره مرة أخرى.

لذلك، على الرئيس السيسى التفكير أكثر من مرة فى كل خطوة، لأن المصريين الذين وثقوا فيه وأدركوا خطورة هذه المرحلة لن يقايضوا الأمن والاستقرار بالحياة الكريمة، التى يأملونها، ولن يمنعهم الخوف من «الفصيل الذى يريد دمار البلاد» ولا القلق من «المخاطر التى تعرضت لها دول شقيقة مجاورة» من الانتفاض مجددا، إذا ما تيقنوا أنهم أمام نظام يعيد استنساخ خلطة مبارك فى الحكم.

التعليقات