هل نفوز فعلا بالدعاء فقط؟!! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الثلاثاء 30 أبريل 2024 5:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هل نفوز فعلا بالدعاء فقط؟!!

نشر فى : الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 9:05 م | آخر تحديث : الثلاثاء 10 أكتوبر 2017 - 9:05 م
أعتقد أن كثيرين قد يختلفون معى، فى الكلمات والأفكار التالية، لأنها قد تشكل تشكيكا فى قناعات راسخة لديهم. وبالتالى فكل ما أرجوه، منهم، أن يفكروا بعقولهم فقط، وألا يستخدموا «الكليشهات الجاهزة والمحفوظة».

معظمنا أو جزء كبير منا يعتقد أننا فزنا على الكونغو مساء يوم الأحد الماضى، وتأهلنا إلى نهائيات كأس العالم فقط، بدعاء الوالدين، وابتهالات الناس الطيبين!!!. 

زوجتى نفسها تعتقد أن هدف صلاح القاتل تحقق لأنها دعت قبل ضربة الجزاء بثانية واحدة بقولها « يارب فرح ابنى ولا تخدله»، وأظن أن هذا حال الملايين من الشعب المصرى!!.

وأنا شخصيا كنت أفعل فى الماضى ما ألوم عليه البعض الآن. كانت قناعاتى «أن الله لا يريد لهذا الشعب الغلبان والمسكين أن يبات حزينا، وأنه يريد أن يفرحه بأى شىء حتى لو كان الفوز فى مباراة كرة قدم»!!!.

لكن ومنذ سنوات، سألنى شخص قارئ ومثقف ثقافة علمية موسوعية عدة أسئلة قائلا: إذا كان الله ينصر الشعب المصرى فى مباراة لكرة القدم، فهل معنى ذلك أنه غاضب وحانق على الفرق الأخرى التى نلاعبها ويتعامل معها باعتبارها خارجة من نطاق رحمته ورضاه؟!!.

السؤال الثانى: لنفترض أن الله سينصر الفريق المصرى «المسلم والمؤمن»، فإذا كان الفريق الذى نلاعبه هو المنتخب السعودى، أو أى منتخب مسلم آخر.. فلمن سينحاز الله فى هذه الحالة؟ هل للأكثر صلاة وتعبدا، أم للأكثر تدريبا ومهارة ولياقة بدنية؟!!

السؤال الثالث: إذا كان الله يستجيب لدعاء الجماهير، فهل معنى ذلك أنه كان غاضبا من كل المصريين طوال 28 سنة لم نصل فيها للمونديال، أو لنهائيات أمم إفريقيا، أو وصلنا وخسرنا فى النهائى أمام الكاميرون قبل شهور؟!!.

السؤال الرابع: إذا كان العامل الحاسم فى المباريات الرياضية هو الدعاء، فكيف نفسر أن بلدانا ليست مسلمة بالمرة مثل البرازيل والارجنتين وألمانيا وفرنسا وإسبانيا، هى التى تتصدر التصنيف العالمى وتفوز بمعظم البطولات، بل إن هناك دولا لا تؤمن بأى أديان سماوية مثل جنوب شرق آسيا تفوز على فرقنا المسلمة؟؟!

السؤال الخامس: إذا كان الدعاء هو الحاسم فى المسابقات الرياضية، أليس من المنطقى أن يكون أكثر حسما، فى الصراعات السياسية والعسكرية، وبالتالى كان من الأولى أن يستجيب الله لدعواتنا المستمرة بأن ينصرنا على العدو الغاصب فى فلسطين المحتلة؟!!.

بعد هذه الأسئلة بدأت أعيد النظر فى الامر، علما أننى كنت، وأنا صغير دائم الدعاء فى صلواتى أن ينصر الله الزمالك خصوصا عندما يواجه الأهلى، ومن الواضح طبقا للنتائج، فإن الدعوات لم تتحقق كثيرا !!!.

نحن شعب متدين فعلا مثل شعوب كثيرة، لكن جزءا كبيرا من تديننا شديد الشكلية. ونعتقد أننا حينما نطلق وصف الساجدين على منتخبنا، فإن ذلك يكفى للفوز!!.

وقبل شهور كتبت منتقدا أحد مدربى الزمالك، لأنه طالب اللاعبين بالإكثار من الصلاة وقراءة القرآن حتى يرضى الله عنهم وبالتالى يحققون الانتصارات!!.

للأسف الشديد، فإن ثقافة التدين الشكلى والاهتمام بالقشور من دون الجوهر، تغلغلت فى معظم مناحى حياتنا منذ منتصف السبعينيات من القرن الماضى. واليوم تدفع الأمة الإسلامية ثمنها فادحا فى صورة تنظيمات متطرفة اختطفت هذا الدين السمح وتاجرت به وشوهت صورته، من جماعة الإخوان وبعض الصوفيين نهاية بالدواعش والسلفيين على اختلاف اسمائهم، إلا من رحم ربى.

نحن لم ننهزم فى 1967 لأن عبدالناصر كان «علمانيا وصديقا للشيوعيين السوفيت»!!، ولم ننتصر فى 1973 لأن السادات كان «الرئيس المؤمن»، الذى طرد السوفيت، انهزمنا بسبب انعدام الكفاءة والشللية وإبعاد أهل الخبرة، وانتصرنا لأننا غيرنا الطريقة واستخدمنا العقل وأخذنا بالأسباب. 

نفس الأمر بالنسبة للكرة وسائر المسابقات الرياضية والفنية والعلمية، يفوز المستعد والمؤهل حتى لو كان ملحدا، وينهزم المسلم حتى لو كان ناسكا متعبدا، أما الحساب النهائى فموعده يوم القيامة.

عموما مبروك للمنتخب القومى التأهل، والمطلوب أن نبدأ فى الاستعداد والتدريب لمونديال روسيا، ولا مانع من الدعاء، شرط أن يقترن بالأخذ بالأسباب الدنيوية، وبالتوكل على الله حق توكله.

 

عماد الدين حسين  كاتب صحفي