أولويات التعليم فى مرحلة مضطربة - ايمان رسلان - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:04 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أولويات التعليم فى مرحلة مضطربة

نشر فى : الإثنين 12 مارس 2012 - 8:00 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 مارس 2012 - 8:00 ص

على مدار الأيام الماضية شهدت الساحة التعليمية فى بلادنا تطورات متزامنة تمثلت فى أطروحات من الوزراء الثلاثة المعنيين بملف التعليم فى الحكومة الحالية، من طرف واحد، وفى اتجاه واحد تمثل فى الرغبة الفورية لإجراء تعديلات على قوانين التعليم كل فى تخصصه.

 

ففى التربية والتعليم أعلن جمال العربى أن الوزارة فى سبيلها لتطوير الثانوية العامة وأنها تدرس فى هدوء التقدم لتعديل القوانين المنظمة لذلك. ووجه الاستغراب فى ذلك أن الهدوء المقصود تحول إلى السرية المطلقة رغم أهمية الثانوية العامة لكل بيت مصرى. ووجه الاستغراب الثانى هو استمرار اختزال قضية تطوير التعليم لدى كل وزير عند حدود هذه الشهادة المنكوبة لا سيما وأن هذه الشهادة تعرضت على مدار الخمسة عقود الماضية لإهانات بالغة تمثلت فى عمليات للفك والتركيب تستحق التأمل العميق. فشهدنا ذلك فى كل العصور بدءا من كمال الدين حسين مرورا بمصطفى كامل حلمى وفتحى سرور وحسين كامل وأحمد جمال ويسرى الجمل حتى د.الجنزورى نفسه تدخل فيها. والمتابع عن قرب لتاريخ هذه الشهادة المنكوبة سيجد أن عملية التطوير انحصرت فقط فى أمور الفك والتركيب من منطلق أن الاهتمام كان لحساب الدرجات التى سيحصل عليها الطالب فى الامتحان، أى أنها تغيرات شكلية فقط بينما لم يتعرض الغالبية منهم لمضمون هذه الشهادة والغرض منها وأهدافها.

 

ولكن خطورة التصريحات الحالية ليس فقط أنها تتعلق بالعودة إلى نظام السنة الواحدة للامتحان النهائى بدلا من نظام العامين المطبق حاليا، وإنما لأنها تحاول إحداث تغيير هيكلى فى هدف هذه الشهادة واعتبارها منتهية أى تساوى شهادة الدبلوم وتؤهل لسوق العمل مباشرة.

 

والمفارقة أن هذا المشروع ليس جديدا بل كان المشروع الرئيسى لحكومة د. نظيف ورفضه الرأى العام والمتخصصون فى التعليم لأنه كان سيزيد من حجم البطالة فى المجتمع المصرى وهو ما أكدته إحصائيات الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء فى نهاية عام 2010 حينما أوضحت أرقامها أن البطالة تزيد وبنسبة تصل إلى 80% فى فئة الحاصلين على الدبلوم (والغالبية منهم من الفقراء) بينما تنخفض لحملة المؤهلات العليا وبنسبة كبيرة تصل إلى 25%. والسؤال ما هى الأسباب وراء خروج هذا المشروع للنور مرة أخرى فى هذا التوقيت تحديدا ومسارعة عدد من أحزاب الأغلبية الآن للترحيب به؟

 

●●●

 

وإذا انتقلنا إلى وزارة التعليم العالى فسنجد تصريحات يومية عن قرب الانتهاء من تعديلات قانون تنظيم الجامعات، وقد لا تكون التعديلات التى قام بها المجلس الاستشارى سرية جدا مثلما هو الحال فى وزارة التربية والتعليم، ولكنها فى أغلبها تسير فى إطار الشكل دون المضمون. وأبرز ملامح التسريبات حول تعديل القانون تتلخص فى هدف رئيسى هو وضع جداول جديدة لمرتبات أعضاء هيئات التدريس تبدأ من 6 آلاف للمعيد وتنتهى بـ25 ألفا للأستاذ.

 

والمفارقة هنا أيضا أنه فى نفس أسبوع الإعلان عن هذه البشرى، كان هناك خطاب رسمى من وزارة المالية يطالب الجامعات الحكومية بضرورة خفض مرتبات أعضائها بنسبة 10%، وهى المرتبات المنخفضة أصلا فمرتب الأستاذ لا يتجاوز 5 آلاف جنيه، ولكن التعديلات المقترحة لم توضح كيفية تدبير الأموال اللازمة لهذه الطفرة المستحقة لمرتبات الأساتذة وحتى لا تنفذ تعليمات وزارة المالية مستقبلا.

 

الأكثر من ذلك تضمنت التسريبات كلاما يفهم منه أنه سيتم فتح الباب على مصراعيه أمام التعليم بمصروفات داخل الجامعات الحكومية، بجانب التوسع فى التعليم الخاص بالتأكيد لتمويل هذه الطفرة فى المرتبات. وبينما غاب عن المشروع الجديد حسم قضايا مهمة حول الآليات الدائمة لاختيار المناصب الجامعية، هل تكون بالانتخاب المباشر فقط دون ضوابط، أم بضوابط؟ وما هى تحديدا؟ كذلك لم يحسم المشروع كيفية العمل والتعيين لعضو هيئة التدريس هل عن طريق الإعلان أم بالتعيين؟ وما هى ضوابط ذلك؟ وما هى حريات مجالس الأقسام فى ذلك؟ كذلك غاب عن المشروع الحديث عن شكل الجامعة فى المستقبل؟

 

●●●

 

أما بالنسبة لوزارة البحث العلمى فالحديث فيها كان عن ضرورة تعديل القانون أيضا ولكن يتم ذلك بصوت خافت للغاية لا تعرف منه بالتحديد إجابات عن أسئلة مثل هل سيتضمن القانون مثلا نصا للإبقاء على وزارة منفصلة للبحث العلمى، أم سيترك ذلك لرؤية صاحب القرار السياسى فيلغى الوزارة فى شهر ويعيده بعد عدة شهور كما رأينا فى التطبيق العملى على مدار العقود الماضية. كذلك لم تفصح التعديلات عن وضع خريطة لمؤسسات البحث العلمى وكيفية التعامل معها هل سيكون ذلك تحت مظلة واحدة أم سيترك لكل مؤسسة حرية إنشاء مراكز البحوث؟ والأهم من ذلك كله ما هى نسبة موازنة البحث العلمى فى مصر حيث إن النسبة الحالية أقل من نصف فى المائة بينما الحد الأدنى عالميا 2.6% وكيف سيم تدبير هذه الموارد للبحث العلمى؟

 

قد تكون المصادفة وحدها وراء تزامن الإعلان عن أفكار السادة الوزراء ولكن هذا لا يمنعنا أن نتساءل عن حكم الاتفاق على سرعة التقدم بتشريعات جديدة فى هذا التوقيت، وعما إذا كانت تمثل الأولويات فى هذه المرحلة المضطربة؟

ايمان رسلان صحفية متخصصة في التعليم
التعليقات