أدبيات كورونا - جورج إسحق - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 9:02 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

أدبيات كورونا

نشر فى : الخميس 11 يونيو 2020 - 8:25 م | آخر تحديث : الخميس 11 يونيو 2020 - 8:25 م

فى حدث مهم مثل الجائحة التى تجتاح العالم تظهر بعض الألفاظ والحوارات غير المسبوقة مثل كلمة (جائحة)، التى تفرق بين الوباء الذى يظهر فى بعض الأماكن والجائحة التى تصيب العالم كله مثل كورونا، وفى نفس الوقت تظهر أفكار جديدة مثل (هل هى محنة أم منحة)؟ ويدور الحوار بين هاتين النقطتين بين كثير من مرتادى الفضاء الإلكترونى؛ حيث يراه بعض الناس أنها منحة لتأمل النفس ومراجعة ما حدث فى حياة بنى آدم، وتصحيح ما أصابهم فى حياتهم من أخطاء مع التزامهم بالبقاء فى المنزل، وبعض الناس يرونها أنها محنة سيكون لها آثار خطيرة على الاقتصاد والاجتماع والسياسة، ولذلك، حدث جدل بين القوى الحاكمة فى سباق متعاظم، هل الاقتصاد أهم من البشر أم البشر أهم من الاقتصاد؟ وظهرت مقولات مخيفة حول أهمية الاقتصاد عن البشر، صحيح أن معظم الذين نادوا بذلك مثل ترامب تراجعوا عن هذه المقولة، وظهرت أيضا من أدبيات الإعلانات السائدة التى تطلب وضع الأقنعة على الوجوه وغسل الأيدى والتباعد الاجتماعى، كل هذه الأدبيات لم نكن نعرفها قبل كورونا.
وفى نفس الوقت ظهرت دعوة للشباب للالتقاء وتنظيم محاولة مساعدة المصابين بكورونا، ورفعت شعارات احم نفسك احم بلدك، إلى جانب أدبيات تدعو إلى رجوع الجدعنة المصرية ومساعدة الناس فى الأزمات التى افتقدت خوفا من العدوى من كورونا، ومن نتائج الكورونا الأدبيات التى لم نكن نعرفها فى التعليم مثل استخدام اللاب توب والامتحانات عن بعد والتقييم أيضا عن بعد كل هذه الأمور لم نكن نعرفها من قبل، ولكن من آثار ذلك التباعد بين التلاميذ ومعلميهم وسوف يؤثر ذلك على مستقبل العلاقات فى الأيام القادمة.
وكذلك من الأدبيات الجديدة هى تجنب العادات التى يعرفها المصريون منذ القدم فى التباعد وعدم المصافحة وعدم تبادل القبلات، هل سوف تتغير هذه العادات بعد ارتفاع كورونا؟ أم سوف تكون من أدبيات ما بعد كورونا؟
ومن الأدبيات التى ظهرت أيضا نظم الإنذار المبكر والاهتمام بالإحصائيات التى تعد ضرورية للكشف عن التغيرات فى اتجاهات انتشار الأمراض والأوبئة.
وقامت منظمة الصحة العالمية بتطوير أنظمة الإنذار المبكر داخل الدول وكذلك الترصد الوبائى التى تعتمد على جمع المعلومات والبيانات الموثقة من الوحدات الصحية لمراقبة أعداد ناقلى المرض، وأيضا (الملاحظات البيئية) لتأثير عوامل الطقس والظواهر المناخية مثل رطوبة التربة، وهل حرارة الشمس تقتل الميكروب أم لا؟ ودارت حوارات حول هذا الموضوع.
***
ومن الأدبيات الجديدة (تحليل المخاطر) وانعكاس عناصر هذا التحليل على بناء سيناريوهات الاستجابة المستقبلية لدرء المخاطر، وكذلك أيضا التأهب لمجابهة احتياجات المجتمع وعدم استجابة المجتمعات لخطط الحكومة والتفاعل السلبى معها كما حدث فى مصر بعد إلزام المواطنين بلبس الكمامة وفرض عقوبات مادية على من لا يستخدمها.
ومن الإيجابيات أيضا فى الأدبيات فكرة الاتصال الفعال بالمواطنين وخاصة المعرضين للخطر ومطالبة المواطنين بالشفافية والمصداقية وإعادة الثقة، والاهتمام بتوصيل الرسائل العلمية بشكل دقيق ومن مصادر موثوقة، ومنع الذعر المفرط من الجائحة لأن هذا يؤثر على نفسية البشر.
***
وكشفت الأزمة أيضا عن فوضى التواصل الاجتماعى والفتاوى الطبية والعلاجات غير المطلوبة وهذا يقلل من ثقة الناس فيما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعى.
وهناك أصبح من الجديد فى الأمر وجود شبكة كبيرة فى أوروبا هدفها الوقاية من الأمراض ومكافحتها وابتكار التأهب للأوبئة ومكافحة الأوبئة ومجموعات عمل التنبؤ الفيروسى، كل هذا يؤدى إلى المطالبة بوقفة لإصلاح منظمة الصحة العالمية ومنظمات الصحة فى البلاد المختلفة لأنه ثبت باليقين أن معظم المنظمات الصحية فى العالم وخاصة فى الدول المتقدمة يجب إعادة النظر فيها مرة أخرى لأنها فشلت فى البداية فى مقاومة هذا الفيروس الخطير.
وإلى جانب الأدبيات الجديدة أيضا ظهور فيديوهات السخرية من الكورونا، وهذا جديد على مواقع التواصل الاجتماعى، وفيديوهات الأطفال التى أتقنوها بعد أن بقوا فى البيوت فترة طويلة، وهى فيديوهات مثيرة للتأمل والانبهار بعقلية هؤلاء الأطفال.
إلى جانب التواصل مع النفس ومراجعة الملحدين على سبيل المثال وتراجعهم عن فكرة التحرر من الدين، وفى هذه الجائحة ظهر من يحبك بالفعل ويتواصل معك للاطمئنان عليك ومن لا تربطك به أى صلة عمل، فظهر المعدن الحقيقى للأصدقاء، وكلما كنت محاطا بالموت يزداد التشبث بالحياة واهتمام الناس بمحاولة الاستمتاع بالدنيا والخوف من فكرة الموت، لأن الذى شاهدوه فى 10 سنوات لم يحدث فى خلال 100 سنة.
وفى ظل هذا الفزع من الوباء ولبس الكمامات عندما تعرض أحد أبناء السود فى أمريكا للاعتداء ثم الموت تنازل الناس عن الخوف من الموت وخلعوا الكمامات واسترجعوا إنسانيتهم مرة أخرى، هذا المشهد يجب أن يتعلمه الجميع من أن إيذاء النفس البشرية أهم من الاقتصاد وأهم من أى شىء فى العالم، وانتفضت كل الدول الحرة والمهتمة بالإنسان وحياته ضد هذا الحاكم الجاهل الذى لا يراعى إنسانية الناس وسوف يعاقب على فعلته الإجرامية هذه.
حمى الله مصر وكل ما يحيط بها من أخطار..

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات