حينما قال الرئيس للإعلاميين: «انتم ما تعرفونيش» - شريف عامر - بوابة الشروق
الأربعاء 1 مايو 2024 3:13 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حينما قال الرئيس للإعلاميين: «انتم ما تعرفونيش»

نشر فى : الإثنين 11 أغسطس 2014 - 8:15 ص | آخر تحديث : الإثنين 11 أغسطس 2014 - 8:15 ص

بدا واضحا من الترتيب والتوقيت، أنها جولة جديدة ضمن جولات متلاحقة فى الأسابيع والأيام القليلة الماضية لصنع حالة جديدة على المستوى العام.

اللقاء بدأ فى موعده تماما بعد أن اكتملت قائمة الحضور أيضا فى الموعد المحدد،

بدا واضحا أيضا أن ترتيب الجلوس الحر لم يمنع من تدخل مراسمى فى لحظة ما لمنع نقل صورة توحى بأن وجها بعينه او ممثلا لرؤية سياسية أقرب من الآخرين.

هذا لقاء الإعلاميين الأول مع «الرئيس» عبدالفتاح السيسى وليس «المرشح» أو «وزير الدفاع».

هو جاء برصيد خبرته السابق عسكريا أو مرشحا، أضاف إليه خلال نقاش الساعات الأربع عبء تحوله منذ أسابيع قليلة إلى الرجل رقم واحد رسميا.

فى ساعات أربع، رأيت لمحات متعددة لنفس الوجه بحكم الخبرات والأدوار.

وعلى الجانب الآخر كانت الوجوه عينة ممثلة للتيارات الإعلامية المختلفة، منهم من يظهر للمرة الأولى.

إشارة اكتملت بكلمات صريحة عند بداية اللقاء من رئيس الجمهورية: «التعدد والاختلاف طبيعة الحياة وضرورتها».

«حالة الخطر حقيقية، ولا نصطنعها لحشد مزيف».

رسالة أولى بدأت تأكيدا من الرئيس على فهمه لطبيعة المهنة والزمن، وأنه لم يعن بحديثه عن زمن ناصر والإعلام أن تعود ساعة الزمن للوراء.

نفس رسالة التعدد والاختلاف تكررت عبر موضوعات مختلفة وإن لم تصل لكثيرين.

«الناس التانية تعيش معانا من غير ما تأذينا».. نص كلمات رئيس الجمهورية عن الاختلاف وقواعده فى رسالة مكررة فى لقاء الإعلاميين، بعد لقاء مشروع قناة السويس الجديد.

توالت الملفات التى يطرحها رئيس الجمهورية. سواء تحديات المستقبل والإيقاع السريع الذى يلح به الرجل على أجهزة الدولة ومؤسساتها من الكهرباء للمياه، مع إصراره على إضافة كل مورد مالى ممكن:

«مشكلات كثير لازم تتحل النهارده، ما ينفعش نستنى».

«نظام رى حديث من الصعيد للدلتا»

«أنا بأحسب فلوس صندوق تحيا مصر لما تبقى الفلوس فى الحساب».

ولأن السياسة والاقتصاد مزيج واحد لا يمكن فصل عنصريه، كانت رسائل السياسة عن الانتخابات، وزيارات الساعات المقبلة للسعودية وروسيا.

«التعقيدات الإقليمية وأخطارها موجودة لكن ماحدش يخاف».

قالها السيسى بوجه الأدوار السابقة وزير سابق للدفاع، ومدير أسبق لإدارة المخابرات الحربية، مع تأكيد على مخارج الألفاظ والحروف.

وعندما اقترب الحديث من السياسة فى الداخل، كانت الأسئلة من نوع نعرفه جيدا فى صنعة الإعلام. الأسئلة الموحية الراغبة فى نقل وجهة نظر محددة، وتقود لإجابة دون غيرها يرغبها صاحب السؤال.

«هل نحن جاهزون للبرلمان القادم وأعضائه؟ كيف يمكن للرئيس أن يتعامل معه؟ الدستور منح البرلمان صلاحيات لم يكن من المستحب أن يحصل عليها من لا نعرفهم».

وكانت إجابة «الرئيس»:

«ما ينفعش الانتخابات تتأجل، إحنا حنعيش التجربة جميعا زى ما هى لآخرها»

ما سبق عينة منتقاة من حديث دار لأول مرة بين «الرئيس» عبدالفتاح السيسى، وبين وجوه المساء على الشاشات. أقر أنها نقاط منتقاة التزاما منى بأن بعض ما قيل كان فى سياق يعرفه أهل المهنة بأنه حديث يطلب صاحبه ألا يكون للنشر بقدر ما هو للفهم.

وهذه النقطة الأخيرة هى الأهم. فإجابات الرجل وأفكاره عبرت عن واقع مركب وشديد التعقيد فى كل قضية أو عنوان تم طرحه، وهو ما بدا ـ مع الأسف ـ لكثيرين من الحضور صعبا. منهم من جاء متحفزا ومتعطشا لمساحة التواجد اكثر منه للحصول على معلومة أو مناقشة رأى، أو استيعاب مدى التشابك بين المحلى والإقليمى والدولى.

تذكرت وأنا أنظر لوجه الرجل وهو يحاول تجاهل نزوع هذا البعض لتسطيح الأمور، تذكرت اول ما كتبه نجم السينما العبقرى مارلون براندو فى مذكراته:

«فى شبابى لم أر العالم الا لونى الابيض والأسود، وسرعان ما أدركت ان العالم ماهو إلا درجات من الرمادى».

بدا واضحا لدى مع انقضاء الساعات الأربع، أن الواقع متعدد الأوجه والأخطار، وأن جزءا من أزمتنا فى عقول لا ترغب إلا فى إجابات قطعية محددة، لا توفرها طبيعة العصر وتحدياته.

وبدا واضحا أيضا أن مسألة الإعلام وموضوعه قد تاهت رغم أهميتها الملحة، وأن هذا البعض غير القليل جزء من المشكلة ولن يكون جزءا من العلاج.

الأكيد فى ذهنى خلال مغادرة المكان:

يدرك «الرجل» عبدالفتاح السيسى أنه الرئيس الرابع من ٢٥ يناير ٢٠١١، وأنه الثانى من يونيو ٢٠١٣، وأن المصريين قد تغيروا للأبد.

لا يدرك كثر من الحاضرين هذه الحقائق، ومنها بالمناسبة ما أجاب «الرئيس» به على سؤال بالقول:

«انتم ما تعرفونيش».

عزيزى القارئ، لا تستسلم لمن يمنحك إجابة سهلة. حتى وإن امتلك شاشة أو مساحة عليها.

الواقع ليس كذلك. والعقول لم تدرك ذلك أيضا.

التعليقات