مبروك لتونس.. والسؤال كيف نلحق بهم؟ - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 12:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مبروك لتونس.. والسؤال كيف نلحق بهم؟

نشر فى : الأحد 11 أكتوبر 2015 - 7:40 ص | آخر تحديث : الأحد 11 أكتوبر 2015 - 7:40 ص

مبروك لرباعى الحوار التونسى فوزه بجائزة نوبل للسلام صباح الجمعة الماضى.
الجائزة التى فاز بها كل من «الاتحاد العام للشغل ورابطة حقوق الإنسان، ونقابة المحامين والاتحاد التونسى للصناعة والتجارة»، هى تقدير دولى معتبر للمجتمع المدنى فى تونس، وربما هى إشارة قوية أو جرس تنبيه لكل قوى المجتمع المدنى فى الوطن العربى بأنه لا حل لمشاكلنا المتعددة سوى بوجود مجتمع مدنى قوى وفاعل وحقيقى ومدنى وليس ظلاميا.
لكن كيف نستفيد نحن فى مصر من دروس هذا الخبر السعيد فى تونس؟!
هناك أكثر من طريقة بعيدا عن الألاعيب الصغيرة والمكايدات الصبيانية على طريقة الألتراس.
فاز رباعى تونس بالجائزة لوجود تراث طويل متراكم من العمل الجهد والعرق لهذا الرباعى خصوصا الاتحاد العام للشغل الذى دافع عن حقوق المواطنين طوال عشرات السنين، ولم يقبل على نفسه أن يتحول إلى أداة فى يد الحكومات المتعاقبة كما حدث عندنا فى مصر لنظيره اتحاد العمال.
هذا الفوز ينبغى ان يعى دروسه المدافعين عن نظام حسنى مبارك باعتباره حاصر بصورة منهجية المجتمع المدنى المصرى طوال ثلاثين عاما، فى حين ترك جماعة الإخوان وسائر قوى الظلام والتطرف تعيث فى الأرض فسادا، وتنمو وتكبر وتتعملق، حتى فوجئنا وفجعنا بأنها سيطرت على كل مناحى الحياة بداية من الأندية والنقابات والجمعيات الخيرية، ونهاية بالحكومة والبرلمان والرئاسة.
وبالتالى عندما تعقد المشهد ووقعت الواقعة، فؤجى الجميع تقريبا بأن جماعة الإخوان كانت الوحيدة فى الساحة، والنتيجة هذا التكويش والمغالبة التى رأيناها ودفعنا ثمنها غاليا.
مصر كانت التالية لتونس فى تحركات كثيرة منذ اندلاع ثورات الربيع العربى أواخر ٢٠١٠، لكن تونس ربما تكون مدينة لمصر، أنها أنارت لها الطريق إلى حد كبير فى ٣٠ يونيو، التى لولاها فإن جماعة الإخوان التونسية «حركة النهضة» كانت ستحاول ــ أغلب الظن ــ السيطرة أيضا على كل شىء لأن الفكر واحد فى النهاية.
ورغم ذلك فهناك فوارق كثيرة بين إخوان تونس وإخوان مصر، النموذج التونسى كان أكثر ذكاء وبراجماتية وفهما فى مراحل كثيرة، وعندما رأى ما حدث فى مصر، انحنى للعاصفة، وفضل أن ينزوى ويأخذ جانبا حتى لا يندهس تحت المد الثورى الشعبى الذى أعقب سقوط الإخوان فى مصر، وفشل تجربته فى تونس.
من حسن حظ تونس أن مجتمعها المدنى قوى وله تراث طويل رغم القمع الممنهج أيضا زمن زين العابدين بن على، ورغم ذلك فإن إرهاصات المجتمع المدنى فى مصر لم تستطع أن تفعل نفس ما فعله التونسيون، ليس فقط بسبب السلطة أو معسكر ٣٠ يونيو، لكن لأن إخوان مصر أيضا رفضوا كل الوساطات والنداءات والمناشدات للقبول بانتخابات رئاسية مبكرة، أو فض اعتصام رابعة سلما، بدلا من محاولة السعى للحصول على مذبحة ومحنة ومظلومية تاريخية تعطى «التنظيم» المزيد من العمر والثبات.
نعم نجح التونسيون بمهارة فاستحقوا الجائزة رغم الصعوبات الشديدة فى جميع المجالات التى تواجهها البلاد ومنها الإرهاب، وللأسف فشلت غالبية المجتمعات العربية فى بناء مجتمعاتها المدنية التى تحتاج توافقا وحدا أدنى من الحريات وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.
الرسالة التى يفترض أن تصل لكل الحكومات العربية وفى مقدمتها الحكومة المصرية هى أن بناء مجتمع مدنى قوى وحقيقى هو فى مصلحة هذه الحكومات، قبل أن يكون فى مصلحة الشعوب، لأنه ببساطة سيكون حائط الدفاع الأول لها إذا عاد لنا المتطرفون والظلاميون والفاسدون من الشباك بعد أن تم طردهم من الباب.. فهل من متعظ؟!

عماد الدين حسين  كاتب صحفي