حول انتفاضة شباب مصر المجيدة - محمود عبد الفضيل - بوابة الشروق
الإثنين 29 أبريل 2024 4:39 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حول انتفاضة شباب مصر المجيدة

نشر فى : السبت 12 فبراير 2011 - 11:39 ص | آخر تحديث : السبت 12 فبراير 2011 - 11:39 ص

 تجىء الانتفاضة الشبابية التى بدأت يوم 25 يناير 2011، والثورة الشعبية التى تلتها، كحلقة جديدة من حلقات الثورة الوطنية الديمقراطية فى مصر. بدءا من حركة عرابى ومرورا بثورة 1919، وثورة 23 يوليو 1952. وقد قامت تلك الانتفاضة بعد نحو 40 عاما من الموات والركود السياسى منذ انتفاضة الطلبة فى الجامعات المصرية فى يناير عام 1971. ولذا كانت تلك الانتفاضة بمثابة «عودة الروح» للشعب المصرى.

وكان شعار تلك الانتفاضة التى قادها جيل التسعينيات: «الحرية والعدالة» وهو شعار يلخص مطالب الشعب المصرى فى الحياة الحرة الكريمة، والعدالة فى توزيع الدخول والثروات. والجيل الذى قاد الانتفاضة هو جيل ليس له لون سياسى محدد وإنما تكون وترابط من خلال أدوات التواصل الحديثة: الإنترنت والفيس بوك (Face book) والتويتر (Twitter). وذلك الوعى الشبابى الجديد كان واضحا من خلال كتابات مجموعات كبيرة من المدونات فى الفضاء الإلكترونى، تلك المدونات التى تحمل الكثير من بذور التمرد والاحتجاج على النحو العنيف الذى شاهدناه.

وقد جاءت تلك الانتفاضة على خلفية الاحتقان الشديد الذى عاشه المجتمع المصرى غداة تزوير الانتخابات النيابية الأخيرة وإخراج برلمان خال من المعارضة، وبالتالى إغلاق كل السبل للانتقال السلمى للسلطة. وقد تصور حبيب العادلى ،وزير الداخلية السابق وأحمد عز (أمين التنظيم السابق بالحزب الوطنى) أن عملية تزوير إرادة الشعب المصرى يمكن أن تمر دون مُساءلة أو احتجاج بل تصور هؤلاء ومن حولهم المنتفعون والانتهازيون والفاسدون أنهم يستطيعون أن يمرحوا ويعيثوا فى الأرض فسادا لسنوات طويلة قادمة دون مساءلة. ومن هنا كانت الانتفاضة المجيدة لشباب مصر لتعبر عن حجم الغضب الذى يعتمل فى صدور الشباب، الذى أحس بإهانة لتاريخ هذا البلد.

وكان مما ساعد على تردى الأوضاع قبل الانتفاضة تلك المعادلة التى طبقها وزير الداخلية السابق «حبيب العادلى» القائمة على أن الأولوية للأمن السياسى وليس للأمن الجنائى. أى باختصار أن الأهم هو الحفاظ على أمن النظام على حساب أمن المواطن.

وقد نتج عن ذلك، عبر السنين، تنامى ما يمكن تسميته جيش البلطجية الاحتياطى الذى لعب دورا بارزا فى الأحداث الأخيرة.

ولعل من أهم نتائج الانتفاضة هو كسر حاجز الخوف لدى جميع فئات الشعب، تلك التى خرجت لتعبر عن نفسها فى المظاهرات الحاشدة فى طول البلاد وعرضها. ولم تعبأ بعربات الأمن المركزى الجرارة والقنابل المُسيلة للدموع والرصاص المطاطى، النحو الذى تبلور فى مواجهات يوم الجمعة 28 يناير. وذلك بعد أن ظل النظام يعتمد فى محاصرة أى تحرك ديمقراطى على الحلول الأمنية دون الاستماع لمطالب الناس وقواه السياسية ومحاولة معالجتها بأساليب سياسية وديمقراطية.

ولعل المجتمع المصرى كله كان شاهدا للإبداع التنظيمى للشباب الذى نجح فى خلق فضاء جديد للحرية فى ميدان التحرير بعد سنوات طويلة من الكبت السياسى. وقد تمثل ذلك الإبداع فى الطابع السلمى والحضارى للتظاهر. حيث تم توفير خدمات «إعاشة» وخدمات «إغاثة طبية» وإدارة إذاعة داخلية فى الميدان وإقامة لجان تفتيش على مداخل الميدان والحرص على نظافة المكان فى ظل مئات الألوف التى يغص بها الميدان.

وليس هناك من شك أن تلك الانتفاضة الشعبية قد حققت بعض الإنجازات:

ــ أسقطت دعاة الفكر الجديد المزيف.

2 ــ أسقطت مؤامرة «الفراغ الأمنى» من خلال اللجان الشعبية للدفاع عن الأحياء السكنية والممتلكات.

3 ــ فتحت الباب أمام إجراء تغييرات أساسية فى بنية السلطة وعلى رأسها كسر احتكار السلطة من جانب «الحزب الوطنى الديمقراطى».

كما فتحت الطريق أمام تغييرات دستورية وتشريعية أساسية مرورا بتحولات فى السياسات الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية، ووقف سريان مفعول قانون جريشام الشهير (الذى يعرفه الاقتصاديون جيدا) الذى مفاده أن «النقود الرديئة تطرد النقود الجيدة».

ولعل المدخل لكل هذا التحول الديمقراطى هو تعديلات دستورية جذرية لتحديد صلاحيات رئيس الجمهورية ومدة رئاسته حتى لا تتكرر ظاهرة الحاكم الفرد، وحتى تتوافر جميع الضمانات الديمقراطية، وحتى يتم تداول السلطة فى مصرنا الحبيبة فى سلاسة وأمن وسلام.

التعليقات