الصحة وتغير المناخ - علاء غنام - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:03 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الصحة وتغير المناخ

نشر فى : الخميس 12 مايو 2022 - 7:25 م | آخر تحديث : الخميس 12 مايو 2022 - 8:11 م
يؤثر التغير المناخى على المحددات الاجتماعية والبيئية للصحة؛ الهواء النقى، ومياه الشرب المأمونة، والغذاء الكافى، حيث يتوقع أن يسبب تغير المناخ، فى الفترة من عام 2030 إلى عام 2050، نحو 250 ألف وفاة كل عام بسبب سوء التغذية والملاريا والإسهال والإجهاد الحرارى. يقدر أن تتراوح التكاليف المباشرة للضرر على الصحة (أى دون احتساب التكاليف فى القطاعات المحددة للصحة مثل الزراعة والمياه وخدمات الصرف الصحى) بين 2 و4 مليارات دولار أمريكى / فى العام بحلول عام 2030.
هناك آثار مباشرة لتغير المناخ على الصحة وتشمل زيادة الإجهاد الحرارى، والفيضانات، والجفاف، وزيادة تواتر العواصف الشديدة، وهناك أيضا آثار غير مباشرة على صحة السكان من خلال التغيرات المعاكسة فى تلوث الهواء، وانتشار ناقلات الأمراض، وانعدام الأمن الغذائى، ونقص التغذية، واعتلال الصحة العقلية.
وفى هذا السياق، صدر فى مايو ٢٠١٩ عن جمعية الصحة العالمية الثانية والسبعين مسوّدة «الاستراتيجية العالمية الصادرة بشأن الصحة والبيئة وتغيّر المناخ: التحوّل اللازم إحداثه لتحسين حياة الناس وعافيتهم بشكل مستدام من خلال إيجاد بيئات صحية». وتهدف الاستراتيجية إلى طرح تصور ورؤية بشأن الكيفية التى يلزم بموجبها أن يستجيب النظام الصحى والدول لمخـاطر البيئـة علـى الصحة بشكل عام والتحديات التى تواجه النظم الصحية حتى ٢٠٣٠.
يتم تعريف مخاطر البيئة على الصحة فى إطار هذه الاستراتيجية بأنها العوامل الخارجية المتعلقة بالجوانب الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية وبجوانب العمل التى تؤثر على الشخص وما يرتبط بذلك من سلوكيات إجمالا.
وتتسبب المخاطر المعروفة، والتى يمكن تجنبها، فى حوالى ربع عدد الوفيات وأعباء المرض فى العالم، والتى قد تصل إلى 13 مليون حالة وفاة سنويا على الأقل.
• • •
تعد البيئة الصـحية أمرا حيويا لضمان صحة الإنسان ونموه. يسبب تلوث الهواء، على سبيل المثال، وحده سنويا وقوع سبعة ملايين حالة وفاة يمكن تجنبها. وتتركز تأثيرات التغير المناخى على الصحة العامة فى أكثر من محور:
أولا، الأمراض الحساسة للمناخ Climate- Sensitive Diseases، والأمراض المنقولة بالنواقل Vector- Borne Diseases، مثل الملاريا، وحمى الضنك، والليشمانيا، وغيرها من الأمراض المنتقلة بنواقل الأمراض كالبعوض؛ حيث تسببت التغيرات المناخية فى تغير البيئة الطبيعية وأماكن انتشار هذه النواقل، وبالتالى أحدثت تغيرات عالمية فى وبائيات تلك الأمراض.
ثانيا، الأمراض التنفسية والقلبية. من شأن تغيير جودة الهواء وزيادة الملوثات الناتجة عن ظاهرة التغيرات المناخية، التأثير على الجهاز التنفسى والدورى للإنسان، مما يؤدى إلى تفاقم الأمراض التنفسية، كأزمات الربو والحساسية، وأيضًا مضاعفة المشكلات القلبية لدى الفئات الأكثر عرضة للخطر، كمرضى الأمراض المزمنة وكبار السن.
ثالثا، تداعيات الإنهاك الحرارى. قد يؤدى الارتفاع الشديد فى درجات الحرارة إلى الإنهاك الحرارى بمضاعفاته المختلفة، والتى قد يؤدى إلى الوفاة (إذا لم يتم التعامل معه بشكل طارئ)، خصوصًا لدى الفئات الأكثر عرضة للخطر كالمسنين والأطفال، بالإضافة إلى أن الإنهاك الحرارى بشكل عام يقلل من إنتاجية الأفراد.
رابعا، الصحة النفسية. التغير فى جودة الهواء من شأنه التأثير سلبًا على الصحة النفسية للأفراد، وبالتالى التأثير على جميع جوانب حياتهم، سواء على المستوى الشخصى والاجتماعى.
خامسا، الحروق والإصابات.
سادسا، الأمن الغذائى والتسممات الغذائية. بسبب تداعيات التغيرات المناخية شهد العالم تطورات خطيرة فيما يتعلق بجودة وكميات المحاصيل والإنتاج الزراعى، بما يؤثر سلبًا على توافر الطعام، ولا سيما لدى الفئات الأكثر فقرًا. إن التغيرات المتوالية فى درجات الحرارة أصبحت تشكل خطرًا على سلامة الغذاء المتداول بين الأفراد فى مراحله المختلفة، وذلك لتسارع نمو الكائنات الدقيقة المسببة لعدد كبير من الأمراض المعدية فى درجات الحرارة المرتفعة، مثل التسممات الغذائية.
• • •
وبالتالى، كيف يمكن التعامل مع تداعيات التغير المناخى على الصحة العامة؟
أولا، الاستثمار فى برامج المراقبة والبحث لفهم أعمق لتأثير تغير المناخ على الصحة العامة، ولفهم احتياجات التكيف والفوائد الصحية المشتركة المحتملة للتخفيف من آثار تغير المناخ على المستوى المحلى والوطنى.
ثانيا، العمل على توسيع نطاق النظم الصحية المرنة القادرة على التكيف مع المناخ فى جميع أنحاء العالم. إن الدول المانحة (المسئولة عن التغير المناخى) لديها مسئولية تدبير الدعم الفنى والمالى التى تقلل من آثار تغير المناخ على صحة الإنسان من خلال تعزيز النظم الصحية فى الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
ثالثا، التخلص التدريجى السريع من الفحم سيكون مانعا سريعا للأمراض المرتبطة بالقلب والأوعية الدموية والجهاز التنفسى.
• • •
يجب أن يكون استضافة مصر لقمة المناخ كوب ــ 27 فرصة لفتح النقاش عن قطاع الصحة وعلاقته بالتغير المناخى والتدهور البيئى، وخصوصا فى افتقار دول الجنوب العالمى للبنية التحتية المرنة والقوية فى مجال الصحة، والحصول على مساعدة من أجل التأهب والاستجابة.
علاء غنام مسئول الحق فى الصحة فى المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وخبير فى إصلاح القطاع الصحى
التعليقات