إضافة إلى مبادرة الشيخ الأزهرى - معتمر أمين - بوابة الشروق
الخميس 25 أبريل 2024 8:42 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إضافة إلى مبادرة الشيخ الأزهرى

نشر فى : الأحد 12 سبتمبر 2021 - 7:10 م | آخر تحديث : الأحد 12 سبتمبر 2021 - 7:10 م

الكثيرون يشجعون الكرة والقليلون يلاحظون المخاطر التى قد تهدد السلم الاجتماعى من عمق ظاهرة انقسام الجمهور وتحزبهم فى تشجيع الأندية. ولذلك، نحيى المبادرة الاجتماعية التى أطلقها الشيخ أسامة الأزهرى. فهو باختصار يريد جمع المسئولين واللاعبين من أكبر ناديين فى مصر، الأهلى والزمالك فى مسجد الفتاح العليم من أجل لم شمل الناديين ووقف حالة التراشق والشكاوى القانونية بين الجانبين والتى يسفر عنها مزيد من تهيج المشاعر لدى الجمهور المنقسم أصلا. وهى مبادرة جيدة قد تصلح لنقطة بداية. فقد تجد الفكرة بعض الصدى لدى الناديين ويتم تحرك ما بشأنها. وحتى يحدث ذلك نضيف بعدا آخر للمبادرة لعلها تحدث أثرا طويل المدى يصمد أمام تقلبات المنافسة الكروية والتى عادت تصل لمشاحنات على الشاشات، وعبر الصحف، وبين الأصدقاء، وأحيانا داخل البيوت. والإضافة فى سطور قليلة، لا يجب الانتظار حتى تستجيب إدارة كل نادٍ، بل يجب تحويل المبادرة إلى حملة، تواكب الدورى القادم وجميع البطولات. ولتكن البداية بجمع عدد من الشخصيات التى لها تأثير ثقافى وقريبة من جمهور الرياضة، ثم ترتيب زيارات ميدانية للقاء أعضاء مجالس إدارة الأندية الرياضية، لاسيما كبار المتنافسين، من أجل ترويج فكرة الروح الرياضية واحترام المنافسين والبعد عن التجاوزات فى حق أى نادٍ، أو لاعب، أو مسئول. وليكن هذا ميثاقا للشرف، لا يتطلب موافقة النوادى، ولكن يتطلب تبنى الفكرة ذاتيا من كل نادٍ.

ولكى تكتمل المبادرة التى أطلقها الشيخ الأزهرى عبر الإعلام، فلا بأس من عمل زيارات ميدانية لبعض المحطات الإعلامية، والصحف، ثم مكاتب المنصات الإلكترونية الشهيرة التى تتابع أخبار الرياضة، لاسيما الكرة وتنشرها. والغرض من الزيارة الترويج لفكرة النقل الإيجابى لما يدور فى الملاعب وبين اللاعبين وبين الأندية والمسئولين. ولا يعنى هذا تزويق الصورة بحيث تبدو أجمل من الواقع، كما لا يعنى أيضا تحول المنصات الإعلامية إلى مرشد أو موجه أخلاقى يملى على أطراف اللعبة السلوك الذى يجب أن يتبعوه من أجل تخفيف حدة التشاحن بين الجماهير. ولكن المعنى المطلوب توصيله للإعلام هو أن يساهم فى ترويض المشاحنات، بحيث تعود فكرة الروح الرياضية، والمنافسة الشريفة، كمعيار أساسى فى تقييم مدى تقدم الرياضة من عدمه. فلا يكفى أن يكون المكسب هو كل شىء والخسارة هى ضياع كل شىء، بل يجب أن تكون طريقة الفوز بنفس أهمية الفوز نفسه. كما يجب أن تتوسع معانى الفوز لتشمل من استطاع العودة بعد الإخفاق، ومن استطاع الصعود بعد الهبوط. بمعنى آخر، معايير المكسب والخسارة يكمن فيما يبذله الفريق الرياضى من كفاح من أجل التقدم، وليس فقط حصد البطولات. وبهذا تعود الرياضة إلى محفز للناس على مواصلة الكفاح فى الحياة من أجل التقدم الشريف، وتلهم قصص التوافق بين اللاعبين والأندية والمسئولين حماس الجماهير من أجل غد أفضل.
***
وأهم طرف فى هذه المبادرة هم الجماهير أنفسهم، فهم مقياس النجاح. وتوجد مؤشرات عدة يمكن لأى مسئول رياضى أن يتابعها لكى نرصد التغيير الإيجابى فى سلوك الجماهير. ومن هذه المؤشرات عدم إيذاء اللاعبين بالنيل منهم ونقدهم نقدا هادما. فالجماهير كتلة مشاعر تفرح بك طالما كان الأداء جيدا، ولكن مع التعثر تتحول إلى عبء نفسى رهيب على اللاعبين والأندية واللعبة عموما. وما يطلق عليه الحس الجماهيرى هذا قد لا يدرك الصعوبات التى يمر بها اللاعبون أنفسهم. ناهيك أن ما تنشره الصحافة أو الإعلام قد لا يعكس عمق ما يدور فى نفسية اللاعبين أو الظروف التى يمرون بها. ولنستحضر ما قام به رئيس الوزراء البريطانى، والعديد من الساسة البريطانيين، وأعضاء فى الأسرة الملكية البريطانية نفسها بعد خسارة إنجلترا على أراضيها المباراة النهائية فى كأس الأمم الأوروبية. ضاعت ضربتا جزاء أو أكثر من لاعبين من أصحاب البشرة السمراء، ومنهم لاعب لم يلعب المباراة كلها ونزل للمعلب وقت ضربات الترجيح ولم يسدد. وكان رد فعل بعض الجماهير هو عمل جرافيتى نال منه ومن زملائه السمر فى المنتخب وحملوهم الخسارة بالإضافة إلى مدرب الفريق. لم ينتظر رئيس الوزراء والمسئولين تفشى الظاهرة، لأنهم يدركون إلى أين يقود هذا النوع من التعصب، والذى يهدد السلم الاجتماعى وينذر بعواقب لا يريدها أى مسئول فى مجتمعه، وبلده. وكان هذا تصرفا حكيما، حيث هدأت موجة الانتقادات وخفتت أهميتها حتى انتهت، وكان على الإعلام دور هام فى التصدى لهذه الموجة. ولم يسمح مسئولو القنوات الإعلامية الخاصة لتحويل محطاتهم إلى منصات تروج لمشاعر الكراهية والانتقام ولكن بوابات تقييم بموضوعية أسباب الخسارة وتشرح ما هو المطلوب فى الفترة التالية.
***
لذلك نؤيد مبادرة الشيخ الأزهرى الاجتماعية، ونضيف عليها اقتراحا بتحويلها إلى حملة موسمية تنطلق مع الدورى، لتروج بين الأندية، واللاعبين، والمسئولين، والإعلاميين، تبنى معايير أخلاقية فى الحكم على المكسب والخسارة، وتعلى من شأن الكفاح والروح الرياضية، وتدعو لعودة الرياضة إلى ما كانت عليه، من تحفيز للناس على الممارسة، وإلهام للناس عبر النماذج الطيبة التى يرونها أمامهم، من لاعبين ولاعبات لم يكن يتوقع أحد نجاحهم ثم ملأت أسماؤهم الدنيا بكرم وفضل من الله على ما حققوه من نجاح. نريد أن تصبح الرياضة نموذجا ملهما ومحفزا يستفيد منه المجتمع الذى يشجع ولا يمارس الرياضة، لكى يمارس الرياضة. وهذا أهم مؤشر على نجاح الحملة. نريد أن يرى الناس نماذج يستطيعون اقتباسها فى حياتهم. ولنذكر مثلا تواضع وإيثار لاعب مثل محمد صلاح تنازل عن لعب ضربة جزاء وآثر أن يلعبها زميله لكى يحقق زميله حلمه. هذا هو مؤشر النجاح الذى عندما ينتقل إلى الجماهير، من بين الأهل وبين الأصدقاء، عندها تكون الرياضة قد نجحت فى تحقيق الهدف المرجو منها، وتصبح نموذجا يحفز الناس على الممارسة، ويلهم المجتمع للكفاح، والإيثار، والاعتداد بالطريق الشريف للفوز، فالغاية السليمة لا يحققها إلا الطريقة السليمة. وكما نطرح فى هذا المقال، ليس المطلوب عمل ميثاق شرف أو ميثاق مبادئ توقع عليه الأندية ومختلف الأطراف، ولكن المطلوب أن يلزم كل نادٍ نفسه بإعلاء الأخلاق، فلا أحد فوق الجميع، ولا القرن حكر على أحد. بل لكل مجتهد نصيب. هذا النوع من تغيير المفاهيم لا يأتى بالأمر أو عبر القضاء أو من خلال المحاضر القانونية، ولكن ينبع داخليا عندما ترى الناس الأمور بطريقة مختلفة.

معتمر أمين باحث في مجال السياسة والعلاقات الدولية
التعليقات