خيال كلينت ايستوود ينعش انتفاضة دى كابريو الرائعة - خالد محمود - بوابة الشروق
الخميس 18 أبريل 2024 3:04 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

خيال كلينت ايستوود ينعش انتفاضة دى كابريو الرائعة

نشر فى : الإثنين 12 ديسمبر 2011 - 9:50 ص | آخر تحديث : الإثنين 12 ديسمبر 2011 - 9:50 ص

أعترف أننى من فيلم إلى آخر يزداد إعجابى بإصرار النجم والمخرج المخضرم كلينت ايستوود على كشفه لحكايات وقصص من وراء ستار النظام الأمريكى وساسته ورغم أن أبطال هذه الحكايات دائما ما تكون حياتهم قاسية الملامح ومؤثرة القدرات، وسريعة الإيقاع ويشوب تحركاتها الغموض، إلا أن إيستوود ينجح دائما فى أن يغلفها بطابع إنسانى حتى يقترب المشاهد شيئا فشيئا من عالمها المدهش.

 

وإعجابى أيضا بايستوود كونه يجرب فى أسلوبه الإخراجى دوما، وقد نضج المخرج الذى أشعر عبر كل فيلم أشاهده له بلهثة من أجل إرضاء نفسه أولا أقصد كفنان ثم باقى البشر من الجمهور.

 

وعلى شاشة مهرجان دبى السينمائى الدولى وعبر قسم سينما العالم قدم إيستوود فيلم «جى. إدجار» الذى يرصد سيرة ذاتية خاصة لرحلة رجل الأمن الشهير جى إدجار هوفر الذى قضى أكثر من ثلثى عمره رئيسا لمكتب التحقيقات الفيدرالية، حتى أصبح الرجل الأقوى فى أمريكا، كما أنه عاصر 8 رؤساء وعاش 3 حروب، كان داخل هوفر عزيمة قوية لحماية بلاده من أى خطر، وكان يرى أن الخطر من أيديولوجيات السياسة فى الداخل لم تقل خطرا عن عدو الخارج، وطوال الرحلة لم يستطع أحد أن يخترق المنظومة الأمنية التى شيدها حول طريقة عمله وحياته الخاصة فيما عدا سكرتيرته التى وقع فى غرامها، لكنها ترفض الزواج اسمها هيلين غاندى، وأمه التى تعتبر المثل الأعلى فى حياته، وصديقه المحامى الداهية كلايدتولسون رفيقه الدائم، وفى الفيلم نرى هوفر هو من يقوم برواية الأحداث، ونجد أن رجل تحقيق العدالة الصادق هو كان أيضا يشوه بعض الحقائق بسهولة، ويرى أن ذلك كان للصالح العام طبعا من وجهة نظره.

 

فى الفيلم نجد عدة أشياء مدهشة، وربما ستدخل العمل السينمائى وأبطاله التاريخ، رغم أنه يميل بعض الشىء لأسلوب سرد العمل التليفزيونى، لكن أول هذه الأشياء هى الأداء التمثيلى الرائع لبطل العمل ليوناردو دى كابريو الذى بذل جهدا نفسيا وبدنيا كبيرا ليصل لدرجة من تقمص حقيقى لشخصية هوفر، وكان التنوع فى طبيعة نمو أحلام هوفر نفسه طريقا ممهدا لأن يتألق دى كابريو من تعبير إلى آخر أمام الكاميرا، وكان له أكثر من مشهد وصل فيه لمرحلة تؤهل للرهان على الفوز بأفضل ممثل العام، خاصة عندما جمعته تلك اللقطة مع أمه.. هو كاد أن يشعر بالضعف وأن حلم السيطرة على الأمن بات أن يذهب هباء وهنا هى تقول له «لا تذبل مثل زهرة صغيرة.. كن قويا يا إدجار.. وستكون أهم مواطن فى أمريكا».

 

كانت الجملة بمثابة المطر الذى أنعش هوفر من لحظة ضعفه وقد رأى أن يبقى الأقوى وأن يأخذ صلاحيات أكبر من الرئيس الأمريكى ومجلس الشيوخ.

 

فى مسألة الأداء نجد الرائع جودى دنش الذى جسد شخصية كلايدتولسون رفيق درب هوفر، فكم تفوق على نفسه فى أكثر من مشهد، خاصة وهو يحتضر إثر معاناته من مرض لعين، ولم ننس مشهد جمع بين الصديقين هوفر وكلايد.. أبدى فيه حقا حينما كشفا الستار عن علاقتهما الشاذة، وعن علاقتهما المقدسة فى ضغط الأسرار والصداقة.

 

الشىء الآخر كانت الموسيقى المؤثرة التى عبرت بحق عن مشاعر كل شخصية ووقفت توطد من واقعية الصورة والحدث، وفى كل لحظة تكتشف الدور الهام للمونتاج الذكى وخاصة حينما كان يذهب بنا إدجار هوفر إلى سنوات حياة ثم يعود لعمر الشيخوخة، المونتاج قدمه جويل كوكسى ونجارى دى ريشى، ووسط النجمين دى كابريو وجودى وقفت ناعومى واتسى صامدة الأداء ومخلصة للشخصية الدرامية، وأيضا حينما أوفت بعهدها، وقامت بحرق كل الملفات الخاصة فى مكتب إدجار بناء على وصيته قبل رحيله.

 

كلينت إيستوود ودى كابريو لديهما الإصرار على البقاء فى التاريخ السينمائى رغم الفارق بين الاثنين عمريا وخبره فـ«دى كابريو» يحاول أن يغير من جلده ويتنوع ويتألق وكأنه يريد أن يقدم كل الشخصيات الموجودة على سطح الأرض وتتميز بالاختلاف ومواصفات خاصة ولن ننسى دوره الأخير فى فيلم «البداية» ومن ثم «جى إدجار» فمازال حلم دى كابريو ينتفض ومازال خيال إيستوود ينبض بإيقاعات ولوحات سينمائية حية ومخلصة لفن كبير.

 

النقطة الأخيرة، هى أن صناع السينما فى أمريكا باتوا يؤمنون بإعادة طرح شخصياتكم المؤثرة فى السياسة والمجتمع من جديد، باتوا يعيدون النظر فى قرارات هامة لأمريكا والعالم.. باتوا يكتشفون نوايا أخفت وراءها أهدافا أخرى تتميز بالشر والأنانية والحقد والجشع والدمار تحت شعار «حماية أمن المجتمع الأمريكى وحماية العالم أيضا». وكمحاولة أخيرة للتطهر.

 

 

جميل راتب

 

منح الفنان جميل راتب درسا كبيرا فى نظرته المتفاءلة بالجيل الجديد من الفنانين وقال «نحن لدينا ممثلون شبان يمكنهم أن يصلوا إلى العالمية ويشتركوا فى أعمال كبيرة تنضح مع الوقت». منح راتب الثقة لشباب النجوم وطمأنهم بأن المسألة هى مجرد وقت وجد وعزيمة ولكن فى الوقت نفسه هى دراية بقيمة العمل مهما كان حجم الدور، فدور صغير فى عمل يعيش فى ذاكرة التاريخ أفضل من دور بطولة فالعمل فى ذاكرة النسيان، وأنا مثلا معروف عالميا بالأدوار الثانوية.

 

وقال راتب: لقد أردت أن أشترك فى فيلم مثل «البرىء» لأنه يعيش بفضل موضوعه وبفضل قيمة مخرجه رغم حجم الدور، وأشار إلى أن الحظ يلعب دورا فى الوصول للمشاهد عبر العالم وأنه أكد فى الوقت نفسه أن الأدوار التى قدمها فى السينما العربية أهم بالنسبة له من الأعمال العالمية.

 

وأضاف راتب الحائز على جائزة الإنجاز فى مهرجان دبى أن المهرجان اختار فيلما فرنسيا لعرضه فى تكريمه وليس مصريا لأنه أحدث أعماله واعترف أن علاقة الفنان بالسياسة هى علاقة مواطن بالسياسية وهو واحد من الجمهور، ويجب أن يكون للفنان فكر ورأى سياسى حتى لا ينفصل أو ينعزل.

 

أدار الندوة السينمائى عرفان رشيد رئيسى برامج الأفلام العربى بالمهرجان والذى منح راتب الفرصة كاملة ليتحاور مع جمهوره الذى جاء خصيصا ليبدى إعجابه بالنجم المخضرم. بينما قال الناقد السينمائى محمود قاسم الذى قدم بالمهرجان كتابا عن جميل راتب أنه أحد عظماء ممثلى التقمص، وطرح أهمية عودة راتب لأدوار بطولة كما كانت بداية الرحلة.

خالد محمود كاتب صحفي وناقد سينمائي
التعليقات