عمران خان «يتقاعد» بأمر من الجيش.. وبايدن! - مواقع عربية - بوابة الشروق
الجمعة 19 أبريل 2024 4:54 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عمران خان «يتقاعد» بأمر من الجيش.. وبايدن!

نشر فى : الأربعاء 13 أبريل 2022 - 9:30 م | آخر تحديث : الأربعاء 13 أبريل 2022 - 9:30 م

نشر موقع 180 مقالا بتاريخ 11 أبريل للكاتب أمين قمورية، شرح فيه سياسات رئيس الوزراء الباكستانى عمران خان لاسيما مع الصين، وكيف أثارت هذه السياسات غضب الجيش وأمريكا مما دفعهما إلى التركيز على الإطاحة بعمران خان.. نعرض من المقال ما يلى.

لعبة الكراسى الموسيقية تدور دورتها مرة جديدة فى باكستان. هذه المرة سقط رئيس الوزراء عمران خان بعد سحب الثقة منه فى مجلس النواب وحلّ محله زعيم المعارضة شهباز شريف عقب أزمة دستورية استمرت أسبوعا.
هكذا هى اللعبة فى «الأرض الطاهرة» منذ انفصالها عن الهند عام 1947، إذ قلما تمكن رئيس للحكومة من إكمال ولايته فى بلد مضطرب تقاسم فيه الجانبان العسكرى والمدنى الحكم على مدى تاريخه القصير.. ولأمريكا اليد الطولى فى تقرير سياساته الخارجية.

وعادة يسارع الرئيس المخلوع أو المُقال إلى رمى التهم وإحالة المسئولية إلى «المؤامرة الخارجية»، لكن لاعب الكريكيت العالمى كان وحده من بين أسلافه المخلوعين الذى تجرأ على إلقاء التهمة على أمريكا مباشرة، وتسمية المعارضة بأنها «عميلة للأمريكان». ربما لأنه أكثر شجاعة من الذين سبقوه على هذا الدرب، وربما أيضا لأنه طارئ على العمل السياسى ولا يتقن ألاعيبه ومناوراته وخطورة توجيه اتهام كهذا، أقله بالنسبة إلى الجيش الباكستانى، صاحب القوة النووية التاسعة فى العالم، وهو «المؤسسة» و«الدولة داخل الدولة»، والمُدرك أكثر من غيره خطورة اللعب بالنار مع الأمريكى، والانحياز إلى معسكر معادٍ لواشنطن فى مرحلة استثنائية يمر بها العالم اليوم. فكيف وهو الذى لا يزال جنرالاته الكبار يعيشون ارتدادات احداث 11 سبتمبر 2001، والتى كادت ترمى بباكستان إلى مصير مشابه لمصير أفغانستان والعراق، لو لم يتداركوا، ولا يزالون، خطورة الموقف فى اللحظات الحاسمة.
•••
ما كان عمران خان ليصل إلى رأس السلطة لولا دعم الجيش، فى مواجهة عتاة السياسة الباكستانيين المتجذرين فى المال والسلطة والمجتمع. لكن الجيش الذى بدا أنه على الحياد فى الأزمة الدستورية، حتى الأمس القريب، كان غاضبا ضمنا على رئيس الحكومة المخلوع منذ أن مدّد لقائد الجيش الباكستانى الحالى من دون الرجوع إليه كما تقتضى البروتوكولات المتعارف عليها، الأمر الذى أعطى إشارة إلى أن خان يريد أن يكون مستقلا عن الجيش، وضاعف الغضب دعمه الواضح والصريح لحركة «طالبان»، ورفضه توظيف قدرات باكستان العسكرية والأمنية فى محاربة طالبان، ورده على التهديدات الأمريكية بوقف المساعدات لبلاده بالاندفاع أكثر نحو الصين الدولة الحارقة للأعصاب الأمريكية.

للصين قصة كاملة مع عمران خان، وهى أكثر ما يقلق الجيش الباكستانى، لأن تطوير العلاقة بين إسلام آباد وبيجينج هى بمثابة «خط أحمر أمريكى». ولعل من أبرز ملامح هذا «الخط» رفض الرئيس الأمريكى جو بايدن المتكرر الرد على المكالمات الهاتفية للمسئول الباكستانى عمران خان والتواصل معه، مع كل ما يعنيه ذلك من تداعيات سلبية على الاقتصاد الباكستانى الضعيف والمتهالك والذى يحتاج بشدة إلى دعم غير متاح حاليا إلا من الغرب ومن أمريكا خصوصا، بحسب أوساط الجيش والمعارضة الباكستانيين. وبالفعل فإن التضخم وارتفاع أسعار المواد الأساسية وانهيار سعر صرف «الروبية» الباكستانية كانت الشعارات الرئيسية التى رفعتها المعارضة بمختلف أطيافها لتطيير عمران خان وحكومته.

وكانت حكومة «حركة الإنصاف» بزعامة عمران خان، خطت خطوات كبيرة اقتصاديا باتجاه الصين، على عكس رغبة الجيش الذى يسعى إلى السير على خط مشدود بين واشنطن وبيجينج، والموازنة بدقة بين الطرفين، فمن جهة، يريد مواصلة التحالف التقليدى مع الصين فى مواجهة جارته اللدودة الهند، ومن جهة أخرى، يدرك الحاجة إلى التكنولوجيا والمساعدة الاقتصادية والتدريب النوعى الذى يعتمد فيه على الغرب. وفى كلتا الحالتين يحاذر السقوط فى فخ الانحياز للمحور المناهض لواشنطن وإغضاب الأميركى الذى قدم لإسلام آباد نحو 33 مليار دولار من المساعدات على مدى نحو عقدين.
لكن درة التاج فى التعاون الباكستانى الصينى، كان مشروع بناء ميناء غودار ومدينته على السواحل الباكستانية لبحر العرب، وهو ليس فقط منافسا قويا للموانئ الإماراتية والهندية والإيرانية، بل العقدة الأساس فى مشروع «الحزام والطريق» الصينى. ومن شأنه أن يعجل من حيازة الصين وتربعها على عرش أكبر قوة اقتصادية عالمية، ويعتبر ضربة قوية للنفوذ الأمريكى فى المنطقة ونقلة قوية للنفوذ الصينى.
من هنا فإن هذا المشروع أشعل الصراع الإقليمى بوقوف الولايات المتحدة فى صف الهند والإمارات، فيما تدخل غريمها الروسى ليدعم كلًا من الصين وباكستان. لذا ليس مستغربا أن تتركز الأنظار الأمريكية على الراعى الباكستانى للمشروع ومحاولة إطاحته بأدوات محلية على أمل إجهاض ميناء غودار قبل استكمال بنائه وتوسيعه.
•••
وعدا عن مواقف عمران خان المؤيدة للقضية الفلسطينية ورفض استضافة قواعد عسكرية أمريكية، فإن ما سرّع فى عملية إطاحته، تلك الصورة الشهيرة التى جمعته بالرئيس الروسى فلاديمير بوتين يوم إطلاق موسكو عمليتها العسكرية الواسعة فى أوكرانيا، والتى أبرزت إسلام آباد فى موقع الحليف والمشجع لروسيا فى تناقض واضح مع رغبة الجيش الباكستانى من جهة وواشنطن طبعا من جهة أخرى.
وللقيادة العسكرية الباكستانية سجل تاريخى حافل ومتبادل مع الجيش الروسى منذ الاحتلال السوفياتى لأفغانستان ودعم إسلام آباد للمجاهدين المناهضين لهذا الاحتلال فى سبعينيات وثمانينيات القرن الماضى. كذلك لا يمكن للجيش الباكستانى أن يتغاضى عن الصفقات العسكرية الضخمة التى أبرمتها موسكو مع خصمه الجيش الهندى. وهذا ما دفع بقائد الجيش النافذ الجنرال قمر جاويد باجوا إلى الخروج عن صمته إزاء مواقف رئيس الوزراء، فقد انتقد الهجوم الروسى على أوكرانيا فى خطابٍ أمام حوار أمنى دولى بإسلام آباد، ووصفه بأنه «مأساة كبيرة»، قبل أن يؤكد على علاقات بلاده الطيبة مع واشنطن.
وما يُقلق أوساطا عسكرية وسياسية باكستانية هو أن تُفضى سياسة عمران خان إلى القطع مع الغرب، والتوجه شرقا وشمالا والارتماء فى أحضان التحالف الروسى ــ الصينى، وهو ما تترتب عليه تحولات عميقة فى مختلف المجالات الحياة السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية الباكستانية.

لذا لا ينفك مناهضو عمران خان عن التذكير بأن الاقتصاد الباكستانى يعتمد بشكل كبير على الدعم من المؤسسات المالية الدولية التى تهيمن عليها هذه القوى الغربية ولا سيما الولايات المتحدة، فيما يذهب القسم الأكبر من الصادرات الباكستانية إلى أسواق الولايات المتحدة (20 فى المائة)، والاتحاد الأوروبى (28 فى المائة) والمملكة المتحدة (حوالى 8 فى المائة). فى المقابل، لا تزال حصة الصين من الصادرات أقل من 10 فى المائة، بينما تستوعب الأسواق الروسية ما يقرب من 1 فى المائة فقط من الصادرات الباكستانية.
النص الأصلى: هنا

التعليقات