مكونات الطاقة المستقبلية - صحافة عربية - بوابة الشروق
الثلاثاء 16 أبريل 2024 4:50 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مكونات الطاقة المستقبلية

نشر فى : الإثنين 14 يناير 2019 - 8:55 م | آخر تحديث : الإثنين 14 يناير 2019 - 8:55 م

نشر الموقع الالكترونى لجريدة الحياة اللندنية مقالا للكاتب «وليد خدورى» ــ الكاتب العراقى المتخصص فى شئون الطاقة ــ يتناول فيه التحول المحتمل فى مصادر الطاقة فى المستقبل واستخدام التقدم العلمى فى إيجاد بدائل متعددة للطاقة. ونتيجة ذلك التغيرات المحتملة على استهلاك المنتجات النفطية.
تمر صناعة الطاقة خلال القرن الـ21 بفترة انتقالية، على عكس القرن الـ20، حين هيمن الوقود الأحفورى (الفحم الحجرى والغاز الطبيعى والنفط الخام) من دون منازع على قطاع الطاقة العالمى.
أما ميزة القرن الحالى، فهى استخدام التقدم العلمى لإيجاد بدائل طاقة متعددة، المستدامة منها (الشمسية والرياح)، أو اختراع وسائل النقل التى تستخدم الطاقة الكهربائية أو طاقات هجينة متعددة (الهيدروجين والكهرباء والشمسية والبطاريات التى تستعمل الليثيوم والبنزين أو الديزل). وأصبح الوقود المفضل لتوليد الكهرباء الغاز الطبيعى بدلا من الفحم الحجرى أو المنتجات البترولية المتعددة.
وبدأت فى الربع الأخير من القرن الـ20 البحوث العلمية لكثير من التجارب الحالية، إلا أن هناك اندفاعا قويا فى القرن الحالى لتكثيف هذه البحوث والاستثمارات فيها، كما أصبح من المعتاد فى بداية القرن الـ21 الاستعمال التجارى لبعض هذه المنتجات الحديثة التى تتفادى استعمال الطاقات الهيدروكربونية بسبب تزايد الشكاوى والاحتجاجات العالمية لظاهرة التغير المناخى.
وتنوعت الأسباب لتهميش استهلاك الوقود الهيدروكربونى، منها محاولة تحقيق الاستقلال الطاقوى الذاتى للدول الكبرى لتقليص الاعتماد على النفط المستورد، كما هو الأمر فى الولايات المتحدة التى بدأت تنادى علنا منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضى لتقليص الاستيراد والاعتماد الطاقوى على بترول الشرق الأوسط بعد الحصار الذى أعلنه وزراء النفط العرب عام 1973 إثر المساعدات الأمريكية لإسرائيل فى حرب أكتوبر واندلاع الثورة الإيرانية عام 1979 وتقلص الإنتاج النفطى من 6 ملايين برميل يوميا إلى بليونى برميل، والارتفاع السريع لأسعار النفط إثر هذين الحدثين من نحو دولار أو دولارين للبرميل فى أوائل السبعينيات إلى ما بين 30 و40 دولارا للبرميل خلال النصف الأول من الثمانينيات.
وهناك ظاهرة مكافحة التغير المناخى الناتجة عن انبعاثات ثانى أكسيد الكربون، التى تلاقى تأييدا واسعا من الرأى العام العالمى ومجموعات كبيرة من الحكومات. وبما أن الكثير من البحوث لا تزال فى مرحلة التجارب أو محاولة تقليص التكاليف لتصبح منافسة اقتصاديا لمكونات الطاقة الحالية من الوقود الهيدروكربونى، أو محاولة اكتشاف كميات وافية من الليثيوم للاستعمال فى وسائل الطاقة البديلة، فإن الاستبدال الواسع النطاق للوقود الهيدروكربونى سيستمر يشكل نسبة مهمة من الوقود العالمى حتى نهاية القرن الحالى على الاقل، وإلى حين تنافس البدائل الجديدة أسعار الطاقات الحالية.
ويبقى السؤال الأبرز، ما تأثير هذه التحولات على الطلب على النفط؟
استعرضت وكالة الطاقة الدولية أخيرا دراسة للباحث كيم تاى يون عن النتائج المترتبة على التغيرات المتوقعة فى استهلاك المنتجات البترولية. وركزت على التغيرات المتوقعة على أنواع محددة من المنتجات البترولية، بدلا من النظر على مجمل الطلب النفطى المستقبلى عموما، كما يجرى عادة فى البحوث. والاستنتاج المهم للباحث تاى يون، يتمثل فى أن النظر فى التطورات المتوقعة لمنتجات بترولية محددة تعطى صورة مختلفة عن النظر فى مستقبل النفط عموما.
ومن استنتاجات الدراسة المذكورة، ازدياد الطلب على النفط عموما لعقود عديدة من دون انقطاع ليصل إلى نحو 99 مليون برميل يوميا ويعبر حاجز الـ100 مليون برميل يوميا نهاية العام الحالى. وتزامن هذا الارتفاع فى الطلب النفطى المستمر بظاهرة مختلفة كليا عن الطلب على بعض المنتجات النفطية، فالطلب على الفيول أويل الثقيل فى انخفاض مستمر منذ الثمانينيات، بينما الطلب يتزايد على المنتجات الخفيفة، مثل الإيثان وبترول الغاز المسال والنافثا. وارتفع الطلب على هذه المنتجات الخفيفة ثلاث مرات أكثر مقارنة بالطلب على النفط الخام عموما. وتشير توقعات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الطلب على «البنكر فيول»، أى الوقود المُستخدم فى البواخر والذى يحتوى على نسبة عالية من الكبريت، سينخفض بشكل كبير نتيجة قرار منظمة النقل البحرى الدولية بمنع استعماله ابتداء من عام 2020 بسبب مضاره البيئية. ويتوقع أن يصل الطلب على البنزين ذروته بحلول العقد المقبل نظرا إلى سرعة تطوير السيارات، وللمنافسة التدريجية التى تشكلها السيارة الكهربائية أو الهجينة على الطلب على النفط. ولكن يُتوقع فى الوقت ذاته، ألا تؤثر التحسينات على توليد الكهرباء فى الطلب على النفط. ففى قطاع الكهرباء، التغيير هو من استعمال الفحم إلى الغاز أو الطاقة الشمسية، وانحسر استعمال المنتجات البترولية لتوليد الكهرباء منذ الثمانينيات.
وسيزداد الطلب على الإيثان، أى غاز البترول المسال والنافثا (أو ما يعرف بالوقود فى أعلى البرميل)، بسرعة أكبر من زيادة الطلب على النفط الخام. فهذه المنتجات تشكل اللقيم للصناعة البتروكيماوية التى تشهد توسعا كبيرا، فنسبة هذه المنتجات الخفيفة من إجمالى الاستهلاك النفطى البالغ اليوم 19 فى المائة، يتوقع بحسب وكالة الطاقة الدولية، يتوقع أن يرتفع إلى 23 فى المائة بحلول عام 2040، بينما يتوقع أن تنخفض نسبة البنزين والفيول أويل الثقيل من 33 إلى 28 فى المائة من إجمالى استهلاك النفط الخام.
وفى حال ارتفاع استعمال الطاقات المستدامة من شمسية ورياح، لأجل تنويع مصادر الطاقة وتقليص الاعتماد على استيراد الوقود البترولى، وبهدف تنفيذ اتفاق باريس لتحسين المناخ، فإن الطلب على وقود المواصلات (البرية والبحرية والجوية) سينخفض بنسبة عالية، بينما ستزداد نسبة المنتجات الخفيفة من إجمالى الاستهلاك النفطى، نظرا إلى توقعات بزيادة الطلب على المنتجات البتروكيماوية فى الدول الناشئة.
***
ويستنتج الباحث أن القوانين والأنظمة المتوقعة خلال العقود المقبلة سينتج عنها تغيرات أساسية فى أنماط استهلاك المنتجات البترولية، إذ يتوقع انخفاض استهلاك وقود البنزين نحو 50 فى المائة والديزل نحو 35 فى المائة بحلول عام 2040، واستهلاك الكيروسين والفيول أويل. ولكن فى الوقت ذاته، من المتوقع ازدياد استهلاك الإيثان والنافثا وغاز البترول المسال نحو 25 فى المائة. ويتوقع أن تزداد نسبة المنتجات البترولية الخفيفة نحو 30 فى المائة من إجمالى الاستهلاك البترولى بحلول عام 2040، أى فى الفترة التى يبدأ فيها شيوع الطاقات المستدامة. ومن الواضح أن هذه المتغيرات فى صناعة الطاقة سينتج عنها تحديات مهمة للمصافى النفطية، إذ سيتوجب التركيز على إنتاج المنتجات البترولية الخفيفة للاستجابة إلى أنماط الطلب المستقبلية.

الحياة ــ لندن

التعليقات