الطريق إلى الرياض وأبوظبى والقاهرة تمر فى رام الله - من الصحافة الإسرائيلية - بوابة الشروق
الأربعاء 24 أبريل 2024 3:09 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الطريق إلى الرياض وأبوظبى والقاهرة تمر فى رام الله

نشر فى : الأربعاء 15 أكتوبر 2014 - 7:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 15 أكتوبر 2014 - 7:55 ص

يعتبر الخطاب الذى ألقاه الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى فى افتتاح مؤتمر إعمار غزة فى القاهرة، من أهم الخطابات التى ألقاها زعيم عربى فى السنوات الأخيرة. فقد توجّه السيسى فى خطابه قبل كل شىء إلى الجمهور الإسرائيلى ومن بعده إلى حكومة نتنياهو، ودعا إلى تبنى المبادرة العربية للسلام والدفع قدما نحو قيام دولة فلسطينية من أجل إنهاء النزاع قائلا: «السلام هو الذى سيحقق الاستقرار والازدهار». لقد أظهر السيسى تحسّسا ومعرفة بشكوك الإسرائيلى العادى إزاء عملية السلام، لكنه أيضا ذكّر هؤلاء الإسرائيليين بمبادرة السلام العربية التى امتنعت حكومات إسرائيل عن التعاطى معها بجدية وبطريقة ايجابية منذ صدورها سنة 2002 «خلال القمة العربية التى عُقدت فى بيروت». أما الرسالة التى بعث بها الرئيس السيسى إلى الجمهور الإسرائيلى فهى أن هناك شريكا للسلام، وأن التقدم نحو دولة فلسطينية يحمل معه اتفاقات سلام وعلاقات دبلوماسية وتطبيعا مع جزء كبير من العالم العربى.

بيد أن خطاب السيسى كان أيضا رسالة موجهة إلى بنيامين نتنياهو وأفيجدور ليبرمان وآخرين فى حكومة إسرائيل الذين يحلمون بعملية سلام من دون الفلسطينيين ومن دون تنازلات، سلام يسمح للإسرائيلى والسعودى والكويتى والمغربى بأن يجلسوا معا ويقيموا علاقات وأعمالا تجارية مع استمرار الوضع القائم فى الضفة الغربية والاحتلال والاستيطان.

لقد ذكّر السيسى رئيس حكومة إسرائيل بأن لا شىء من دون مقابل فى عملية السلام. وإذا كان نتنياهو يريد أن تكون لإسرائيل علاقات مع السعودية واتحاد الإمارات ومصر والأردن من تحت الطاولة بواسطة الجنرال عاموس جلعاد من وزارة الدفاع أو من خلال الدبلوماسيين ظاهريا التابعين لشعبة العلاقات الخارجية فى الموساد والاستخبارات وعبر مهمات خاصة مثلما يفعل اليوم،

فلا مشكلة فى ذلك. لكن إذا كان يريد علاقات طبيعية، فإن عليه أن يفهم أن الطريق إلى الرياض وأبوظبى والقاهرة تمرّ فى رام الله. لا يملك السيسى حلفاء كثيرين فى الائتلاف الحكومى الحالى فى إسرائيل. وقد شرحت وزيرة العدل تسيبى ليفنى لكل من يرغب فى أن يسمع، أن عدم دعوة إسرائيل لحضور مؤتمر إعمار غزة هو دليل على وضعها السياسى السيئ.

وقالت: «هم ببساطة لا يرغبون بوجودنا، وهو مؤتمر يتحدث عن دولة إسرائيل من دون حضورها، وهذا سيئ جدا».

ووجهت ليفنى انتقادها مباشرة نحو رئيس الحكومة نتنياهو قائلة: «أوجه كلامى هذا إلى الذين يتحدثون أمامنا عن أهمية التعاون مع الدول العربية لكنهم غير مستعدين للقيام بالخطوة المطلوبة من أجل عملية السلام». وشددت على أنه «من دون مفاوضات جدية مع الفلسطينيين، فلن يكون هناك تعاون كامل وحقيقى مع الدول العربية». ولا تكمن أهمية خطاب السيسى فى ما ورد فيه فقط، بل فى صدوره عنه، فالسيسى هو الزعيم العربى الأكثر قبولا وشعبية بالنسبة لحكومة إسرائيل وشعبها منذ أنور السادات والملك حسين. وفى نظر العديد من الإسرائيليين، فإن وصوله إلى السلطة عبر انقلاب عسكرى وعدم احترامه للقيم الديمقراطية لا يضيرانه.

وفى نظر العديد من الإسرائيليين، فإن السيسى ليس محمود عباس الذى يتحدث عن إبادة شعب وجرائم حرب ترتكبها إسرائيل فى غزة. وهو ليس أردوغان الذى يدعى أن ما تقوم به إسرائيل فى غزة أفظع مما قام به هتلر خلال المحرقة، وهو ليس الملك عبدالله ملك الأردن الذى كل بضعة أشهر يعبّر وزراء وضباط رفيعو المستوى عن مخاوفهم حيال استقرار نظامه.

وفى اليمين والوسط وأغلبية اليسار الإسرائيلى بدءا من السياسيين رفيعى المستوى فى الجهاز السياسى ــ الأمنى، وصولا إلى المواطن العادى فى الشارع، يُعتبر السيسى حليفا موثوقا به لإسرائيل يمكن التعامل معه بناء على مصالح مشتركة. كما يرى فيه الإسرائيليون زعيما قويا قادرا على فرض النظام فى مصر وعلى إعادة الاستقرار إليها، وعلى المحافظة على اتفاق السلام، وهو رجل الأمن الذى حارب «حماس» فى غزة والإخوان المسلمين فى القاهرة من دون محكمة العدل العليا ومن دون بتسليم.

لذا عندما يتحدث السيسى، فإن الإسرائيليين ــ داخل الحكومة وفى الكنيست وأولئك الذين يشاهدونه فى منازلهم ــ يصغون إليه ويهتمون بما يقوله.

والسؤال المطروح هل سيحاول الرئيس المصرى الدفع قدما بالسياسة التى تحدث عنها فى خطابه فى القاهرة بصورة فعالة، أم أن ما قاله سيبقى حدثا منفردا؟ الرئيس الذى سبقه فى هذا المنصب حسنى مبارك، زار إسرائيل مرة واحدة خلال الأعوام الثلاثين التى قضاها فى الحكم من أجل المشاركة فى جنازة رئيس الحكومة إسحق رابين. فهل من أجل الدفع بعملية السلام إلى الأمام سيستجمع السيسى شجاعته ويقوم بزيارة القدس؟ من الصعب معرفة ذلك.

باراك رابيد

محلل سياسى

هاآرتس

نشرة مؤسسة الدراسات الفلسطينية

التعليقات