حماقات بايدن وجونسون فى الأزمة الأوكرانية - مواقع عربية - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 2:16 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حماقات بايدن وجونسون فى الأزمة الأوكرانية

نشر فى : الأربعاء 16 فبراير 2022 - 10:35 م | آخر تحديث : الأربعاء 16 فبراير 2022 - 10:35 م
نشر موقع 180 عرضا لمقال جوزيف ناثان المنشور على موقع آسيا تايمز أعدته الكاتبة منى فرح. تناول المقال مصالح الرئيس الأمريكى ورئيس الوزراء البريطانى من إشعال حرب بين روسيا وأوكرانيا وذلك للفت الأنظار بعيدا عن المشاكل التى يواجهانها بالداخل، إلا أن هذه الحرب لو اشتعلت ستزيد من أزمات الولايات المتحدة وأوروبا... نعرض المقال فيما يلى.
إن محاولة كل من الرئيس الأمريكى جو بايدن، ورئيس وزراء بريطانيا بوريس جونسون، تعويض تراجع شعبيتهما فى الداخل عبر خيار إثارة مناخات الحرب الباردة، والضغط باتجاه تأجيج الأزمة الأوكرانية، هو خيار غير استراتيجى، يجعلهما كمن يطلق النار على نفسه، بحسب ما يشرح جوزيف ناثان فى «آسيا تايمز».
تبدو تحذيرات الولايات المتحدة من أن روسيا عازمة على غزو أوكرانيا وكأنها تكرارٌ للخطاب المثير الداعى للحرب، الذى سبق واستخدمته إدارة جورج دبليو بوش للإطاحة بكل من صدام حسين ومعمر القذافى من السلطة، لامتلاكهما أسلحة دمار شامل، وهى مزاعم تبين أن لا أساس لها من الصحة.
ومن أجل تجنب الانجرار إلى حرب أخرى بقيادة الولايات المتحدة، ومن أجل تفادى استخدام الحرب كأداة سياسية بيد الأمريكيين، عقد الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى مؤتمرا صحفيا، فى 29 يناير، ليعلن على الملأ أن المشاكل التى تمر بها بلاده فى الوقت الحالى «جاءت من الغرب وليس من الشرق»، متهما وسائل الإعلام بإثارة الذعر والتضليل.
وقال زيلينسكى فى مؤتمره الصحفى إن زعزعة الاستقرار داخل أوكرانيا هو التهديد الحقيقى وليس روسيا، وهذا يشير إلى التحديات التى تواجهها الحكومة المركزية فى الحفاظ على أوكرانيا كجمهورية موحدة.
بدوره، شكَّك وزير الخارجية الأوكرانى، دميترو كوليبا، فى تقييم الولايات المتحدة لـ«التهديد» الذى تمثله روسيا. وبلهجة تصعيدية، حثَّ الناس على عدم تصديق «التوقعات الأمريكية المروعة»، وشدَّد على أن أوكرانيا لديها جيش قوى ودعم دولى غير مسبوق.
• • •
ببساطة، تكافح أوكرانيا من أجل معالجة المخاوف المتزايدة بشأن الانفصاليين، بينما تبحث واشنطن ولندن عن كيفية جنى بعض المزايا من الوضع الراهن والمواقف السائدة.
ومع ذلك، فإن البحث عن مزايا لا يُفسر لماذا تتوق واشنطن وحلفاؤها فى حلف شمال الأطلسى إلى الضغط باتجاه حرب أخرى، والدفع بأرتال من القوات العسكرية إلى المنطقة، فيما لم يمض وقت طويل على انسحاب الولايات المتحدة من حرب استمرت 20 عاما فى أفغانستان، كما أنها؛ ومنذ الحرب العالمية الثانية؛ لم تنتصر فى أى حرب بشكل حاسم!.
فى الصراع الدائر حول أوكرانيا، اختارت واشنطن ولندن ومعهما حلف «الناتو»؛ بطريقة ما؛ تجاهل أنه قبل تفكك الاتحاد السوفيتى، كانت القوى العظمى المعنية، وفى مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، قد قدمت العديد من الضمانات والمذكرات الأمنية التى تؤكد أن «الناتو» لن يتوسع شرقا نحو روسيا أو أوكرانيا، وتمنع القيام بأى تصرف أو سلوك قد يهدّد أو يضر بمصالحهما الأمنية كدول ذات سيادة.
ونظرا لأن روسيا تقوم حاليا بتزويد دول أوروبا بأكثر من ثلث حاجتها من الغاز الطبيعى، فإن الدول المتعطشة للطاقة فى الاتحاد الأوروبى لديها مصالح راسخة فى السعى إلى إقامة علاقات أوثق مع أوكرانيا، وجعلها عضوا فى حلف «الناتو» أو الاتحاد الأوروبى، وفى هذا الكثير من المنطق الاقتصادى والأمنى بالنسبة لتلك الدول.
• • •
أما بالنسبة للولايات المتحدة، فمصلحتها الخاصة تكمن فى استخدام أوكرانيا كأداة سياسية لضمان ألا تصبح روسيا؛ خصمها القديم فى الحرب الباردة؛ قوة اقتصادية منافسة تهدد قيادتها العالمية، مثلما تفعل الصين الآن.
إن الولايات المتحدة، المُثقلة بديون تفوق الـ30 تريليون دولار، ليس لديها الكثير من الخيارات المالية لكى تتحدى الصين على أساس «الدولار ــ مقابل ــ الدولار». وإذا ما أرادت سدّ الفجوة الاقتصادية الشاسعة مع الصين، فهى بالتأكيد تحتاج إلى استخدام مواردها المالية المحدودة بشكل استراتيجى.
ومع ذلك، فإن مشاركتها الأخيرة فى الصراع الأوكرانى ليس له أى معنى استراتيجى، لأن أى تصعيد للأزمة سيؤدى إلى ارتفاع أسعار النفط، ما سيؤدى حتما إلى زيادة التضخم على مستوى العالم. وهذا بالطبع سيضر بالاستقرار المالى للولايات المتحدة، خاصة عندما تتضاعف التكلفة الإجمالية للاقتراض.
مع المعاناة الداخلية التى يعيشها الرئيس الأمريكى جو بايدن، نتيجة تدنى مستوى التأييد له خلال عام واحد فقط من توليه المنصب، من المفهوم أن إدارته تحاول جاهدة إيجاد طرق من أجل تعزيز شعبيته. لكن مع خيار الحشد من أجل حرب أخرى، تكون إدارة بايدن مثل الذى يطلق النار على نفسه.
الحقيقة هى أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة مُحطمة، وأن هوسها بمحاولة احتواء الصين باستخدام عقلية الحرب الباردة القديمة لن يؤدى إلَّا إلى تسريع سقوطها كقوة عظمى عالمية. بالإضافة إلى أن ذلك سوف يدفع العديد من حلفائها إلى أحضان بكين.
من أجل «إعادة البناء بشكل أفضل»، تحتاج الولايات المتحدة إلى العودة إلى جذورها التى جعلتها متفوقة، وهذا يكمن فى قدرتها على متابعة الابتكارات التكنولوجية بدلا من شن الحروب واتباع سياسة الخداع.
ولكى تظل مقبولة، يجب على الولايات المتحدة أن تبدأ فى إعادة اختراع نفسها. وأولى أولوياتها إصلاح سياستها الخارجية المكسورة. فمن أجل ضمان إعادة تخصيص مواردها المتضائلة بشكل صحيح، عليها الاستثمار فى شعبها وبنيتها التحتية، بدلا من قطاعها الدفاعى المُدَمَّر.
بالضغط من أجل الحرب، تُخاطر الولايات المتحدة بالوقوع فى براثن الروس والصينيين إذا ما قرروا بدء هجماتهم الخاصة فى الوقت نفسه. وبالتالى يجب عليها التحلى بمزيد من ضبط النفس والتخلى عن خيار الحرب، وتجنب أى تدخل عسكرى فى أى أزمة.
• • •
لربما تشعر إدارة بايدن ببعض الارتياح لأن تصنيف شعبيتها لا يزال أعلى بكثير من تلك التى يحظى بها رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون، الذى تراجعت شعبيته وانخفض تصنيفه إلى 24٪ فى الأيام الأخيرة، وهو أدنى مستوى يصله منذ توليه منصبه.
ومع مطالبة المشرعين من حزب المحافظين (خصومه السياسيين) له بالاستقالة، والتهديد بإطاحته بسبب فضيحة «بارتيجيت» (انتهاك قواعد التعامل مع جائحة كورونا بإقامة حفلة فى مقر رئاسة الحكومة)، يمكن القول إن جونسون اليوم رجل يائس، مثير للشفقة ويبحث عن وسيلة لتعويض أى انتقاص.
أضف إلى ذلك أنه من المُفاجئ والمستغرب؛ أن يسمح له قادة الاتحاد الأوروبى بالتدخل بالفعل فى شئون الأوكرانيين، فى حين أن المطلوب هو العمل مع «الاتحاد» لحل العديد من القضايا التى لا تزال عالقة بينهم نتيجة خروج بريطانيا من العضوية، مثل الحدود والتجارة والاستثمار.
فبريطانيا، ومنذ صفقة «البريكست»، تسعى إلى تحويل نفسها كقوة عُظمى ثانوية. ولكن مع تدخل جونسون فى شئون البلدان التى تمر بأزمة بدلا من مساعدة بلاده فى تجاوز تداعيات «البريكست»، سيستمر الاقتصاد البريطانى فى التدهور، وهذا سيجلب المزيد من الصعوبات إلى شعبه.
على هذا النحو، من غير المُرجح أن يقبل السياسيون فى بريطانيا؛ بمن فيهم أعضاء ومؤيدو حزبه؛ بقاء جونسون فى منصبه لفترة أطول، وقد يتعرض للطرد خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
• • •
باستثناء بريطانيا، لا توجد دولة فى أوروبا تريد تصعيد الصراع فى أوكرانيا، وبالتالى لا أحد يريد أى حرب هناك. فالحرب تعنى أن روسيا مضطرة إلى وقف إمداداتها من الغاز الطبيعى، الأمر الذى سيؤدى بدوره إلى تكبد العديد من العائلات فى أوروبا معاناة كبيرة بلا أى داعٍ.
وفى حين أن روسيا وأوكرانيا ليستا ملائكيتين فى هذا الصراع، فإن السبيل من أجل خفض التصعيد هو أن يقوم جميع أصحاب المصلحة بمعالجة المخاوف المشروعة لدى الروس والأوكرانيين، وإيجاد حلٍ ودى للتعايش السلمى والمشترك، بحيث لا يتعرض الأمن فى المنطقة للخطر من قبل أى طموح توسعى لحلف شمال الأطلسى أو أى دولة تسعى لاستغلال الموارد خارج جمهورية أوكرانيا.
على المدى القصير، يمكن لجميع الأطراف التعايش سلميا، والبقاء فى حوار مستمر أمر حيوى أيضا للمنطقة عندما تتقدم أوكرانيا رسميا بطلب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبى فى عام 2024.
إذا كانت الولايات المتحدة فقط قد اتخذت المبادرة للعمل كوسيط قوى فى هذا الصراع، ولتأكيد نفوذها بشكل أكثر استراتيجية، لكان هذا الصراع فرصة عظيمة لها لإظهار أهميتها كقوة عظمى فى العالم وفتح العديد من الفرص لأعمالها فى المنطقة.
النص الأصلى

التعليقات