«تشعرنى بالسلام والروحانية»... سوريات يحلمن بارتداء التنورة - صحافة عربية - بوابة الشروق
السبت 14 ديسمبر 2024 9:47 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«تشعرنى بالسلام والروحانية»... سوريات يحلمن بارتداء التنورة

نشر فى : الثلاثاء 16 يونيو 2020 - 8:25 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 يونيو 2020 - 8:25 م

نشر موقع «رصيف 22» مقالا للكاتبة «سهى كامل»، تحدثت فيه عن حلم الفتيات السوريات بارتداء التنورة وتعرض آراء بعض الفتيات ــ اللاتى ارتديْن بالفعل التنورة ــ حول نظرة المجتمع لهن!!.... جاء فيه ما يلى:
تصل صرخات الموضة النسائية بأشكالها المختلفة إلى الأسواق فى سوريا، بداية من سراويل الجينز الواسعة، إلى الضيقة والممزقة، إلا أنه نادرا ما تلامس أجساد النساء التنّورة، سواء الضيقة جدا، الفضفاضة، الواسعة، الكلوش وغيرها.
«وين رايحة»
ترى سارة برغوث (20 عاما)، أن لجسدها كامرأة، علاقة أشبه بالروحانية مع التنورة، تقول: «التنورة تصدر هالة من الطاقة الإيجابية، تتحرك فى مسار الفتاة الطاقى، وتمنحها شعورا بالنشاط، طاقة الدوائر دائما إيجابية، لكن رغم ذلك لا أرتدى التنورة، أعتمد على الجينز دائما».
تغمض سارة عينيها، وتبتسم قائلة: «الشبان عندما يرون ساقى فتاة مكشوفتين، تتحرك بداخلهم مشاعر من نوع آخر، لذلك لا أرتدى التنورة، رغم الرغبة التى تراودنى دائما أن أسير بتنورة قصيرة دون أن تلاحقنى نظرات المجتمع، إننى أتوق لممارسة حريتى الشخصية».
وبخلاف سارة التى تسكن فى حى يصنّف ضمن الأحياء الراقية فى مدينة اللاذقية، تتحدى رنيم صقور، مدرّسة لغة إنجليزية، نظرات أهالى الحى الشعبى الذى تقطنه، وتخرج بتنورة قصيرة كما تحب، رغم أن أذنها تسمع همسات شباب الحى: «أبصر وين رايحة؟».
تشرح رنيم، التى بلغت الـ33 عاما من عمرها، مشاعرها وهى مرتدية التنورة فى الشارع: «أشعر خلال الدقائق الثلاث التى أمشى فيها من منزلى إلى باص العمل وأنا ألبس التنورة، بنظرات الجميع تلاحقنى».
لا تهتم رنيم لكل هذه النظرات، بل تزيدها إصرارا على القيام بما يرضيها ويرضى جسدها، ومع كثرة المضايقات، باتت تصنفها إلى قسمين، الأول: «النظرة الغرائزية المترافقة مع كلمات مسيئة، فيقولون: لماذا الحلو كاشف عن ساقيه».
والقسم الثانى: «من يلقون بنظرات غرائزية متخفية تحت غطاء الدين والعيب والحرام، نظرة رافضة لكل امرأة تكشف ساقيها».
استمعت رنيم للعديد من النصائح، أصدقاء كثر بينهم نساء حاولوا ردعها عن ارتداء التنورة، تضع رنيم راحة يدها على وجهها، وتقول: «نصائح مثل: لماذا تكشفين جسدك للغرباء؟ سمعة المرأة أهم شىء فى حياتها، جسدك ملك لزوجك فقط!».
لكن رنيم لم تصغ لكل هذه النصائح، تقول: «أرفض وصف المرأة بالحرمة أو العورة، بل أرى جسدى عندما أرتدى ما يعجبنى، سواء تنورة أو فستان أو سروال جينز، ممدودا إلى ما لا نهاية، ممتلئا ومسكونا بالطبيعة بأكملها».
«التنورة خطر»
فى إحدى المقاهى الثقافية فى مدينة اللاذقية، اعتادت هبة ملوك أن تجلس، تظهر علامات التاتو على يديها وأكتافها، تعمل فى مجال الترجمة، ورسم التاتو، وتصف نمط حياتها بالعصرى، ولكنها تخضع فى زيها مثل أخريات لـ«قوانين المجتمع الصارمة»، على حد وصفها.
وعن علاقة هبة بالتنورة، تحكى: «أرتدى التنورة فقط إذا كنت سأستقل سيارة، وفى الحفلات والمناسبات، وفى المقاهى، أما أن أسير بها فى الشارع، فأجده أمرا خطيرا جدا».
تقول هبة: «تعرضت للتحرش، والكلمات المسيئة، والنظرات التى تشعرنى كأننى سارقة أو مجرمة عندما أرتدى تنورة، يصلنى إحساس كأنهم يقولون: أى فتاة ترتدى تنورة هى مُتاحة لأى شاب، رخيصة تسلّم جسدها لمن يريد».
«تشعرنى التنورة أننى أنثى، نعم أستطيع أن أحس بجسدى حرا، ومنسابا، وممتلئا، أتحرك بحريتى، لا يلتصق الجينز بساقىّ، أحس عندما أرتديها أننى أمتلك طاقة حب للكون بأسره، عندما تتصالح المرأة مع جسدها تصبح قادرة على العطاء والاستمرار، جميعنا جئنا من أنثى، إنها الحقيقة التى لا يمكن تغييرها»، تضيف رنيم.
تنّورة طويلة وداكنة
أما فى دمشق فالوضع مختلف، فالعاصمة غالبا لا تتقبل فتاة ترتدى تنورة تسير فيها وسط الشارع، عدا بعض المناطق، بحسب آية العلى.
تقول آية: «فى دمشق يصعب على الفتاة ارتداء تنورة أو فستان، فكرة أن تكشف المرأة عن ساقيها صعبة المنال، باستثناء بعض المناطق، كباب شرقى فى دمشق القديمة، وربما مشروع دمر، حيث نمط الحياة مختلف قليلا».
آية التى تعمل كمضيفة طيران، تحب ارتداء التنورة بتشجيع من عائلتها، تقول: «والداى لم يكن لديهما أى مشكلة، تركوا لنا الحرية الكاملة فيما يخص حياتنا، إنها مساحتى الشخصية التى لا أسمح لأحد أن يخترقها، أرى أن الفصل بين جسد المرأة وشرفها مهمة شاقة، لا يمكن تحقيقها إلا عندما ننشئ جيلا من النساء الأمهات اللواتى يدركن حريتهن، ليستطعن تعليم أولادهن احترام حرية الآخرين».
وتختلف طبيعة المجتمع فى حلب عن دمشق واللاذقية، المجتمع الحلبى لا يقبل التنورة القصيرة، لكن يترك مساحة للفتاة لارتداء التنورة الطويلة، مع المحافظة على اختيار الألوان الداكنة «التى لا تثير غرائز الذكور فى الشارع»، بحسب ديانا عثمان.
تقول ديانا عثمان: «خلال الحرب، تغير الناس بشكل كبير فى حلب، أصبحنا نرى طبقة غنية جدا، وفى المقابل طبقة فقيرة جدا، وأيضا فئة منفتحة على الحياة وتتقبل الآخر مقابل فئة متزمتة ومتعصبة، بينما اختفت تماما الفئة التى تقف على الخط الوسط».
ورغم ذلك، يظل ارتداء التنورة القصيرة غير مقبول، خاصة فى وسائل النقل العامة، تشرح ديانا التى تعمل فى قسم الموارد البشرية فى منظمة التعاون الدولى الإيطالية الناشطة فى حلب: «أتعرّض فى حلب للتحرش يوميا فى وسائط النقل العامة دون أن أرتدى تنورة، كيف إن خرجت بها؟».
تستذكر ديانا صورة لوالدتها مع صديقاتها فى ثمانينيات القرن الماضى، مجموعة من الفتيات جمعتهم صورة بالأبيض والأسود، وجميعهن يرتدين التنورة القصيرة، «كانت موضة فى زمن كان متسامحا مع التنورة، إنها ثقافة مجتمع اختلفت مع مرور الزمن».
الناشطة الاجتماعية والصحفية نوارة رحمون، تحكى قصة تحرش تعرضت لها فى شارع السبيل فى حلب: «أذكر مرة لبست تنورة وخرجت بها، تعرّضت للتحرش من شاب قال لى كلمات مسيئة، فذهبت إليه وسألته هل من الممكن أن تدلنى على الطريق إننى تائهة؟ ما زلت أذكر ملامح الخوف التى ظهرت على وجهه».
وترى رحمون أن «الحل» لا يكون إلا بيد المرأة، تقول: «لابد للمرأة أن تثور على نفسها فى البداية قبل ثورتها على المجتمع، أن تكسر حاجز الخوف وتقبل جسدها، هذا هو الحل من وجهة نظرى».
وتضيف رحمون: «التنورة القصيرة مرفوضة فى حلب، حتى من النساء بشكل عام، يجدن أن إظهار أجزاء من جسد النساء ينشر الفتنة فى المجتمع، لكن هناك مناطق أصبحت أكثر تقبلا بعض الشىء، كالشهباء، الموكامبو، الفرقان وشارع النيل».
«جسد المرأة فن متقن»
أما لمياء الزين، طالبة فى كلية الفنون الجميلة فى جامعة تشرين فى مدينة اللاذقية، مشكلتها ليست فقط فى رفض المجتمع للتنورة وإظهار ساقيها، إنما أيضا بوزنها الزائد الذى ترى أنه يمنعها من اتخاذ خطوة كهذه.
تقول لمياء «لدى كيلو غرامات زائدة ستظهر إن ارتديت تنورة لذلك أفضل الجينز عليها، وأيضا لطبيعة عملى فى المرسم الذى أقضى فيه أوقاتا طويلة، أتحرك كثيرا وأقوم بنقل اللوحات، لذا الجينز يناسبنى».
ورغم أنها لا تلبس تنورة، تتساءل لمياء: «لماذا عندما يخرج الشبان بالشورت ويكشفون عن أجزاء من جسدهم لا يحاسبهم المجتمع؟ يقولون إن صورة فتاة بتنورة قصيرة تشعل غرائزهم الجنسية، أليس لدى الفتاة أيضا ذات الغرائز والشهوات؟».
ترى لمياء أن المرأة «ليست مجرد جسد، إنها مستضعفة فى ظل مجتمع ذكورى يلاحق جسدها بسيف الشرف والعيب والحرام، وينتظر منها أى خطأ ليرمى بسيفه المسلط عليها».
وتنهى لمياء حديثها قائلة: «جسد المرأة فن متقن بكل تفاصيله، سواء لبست تنورة أو سروال جينز أو فستان، يجب علينا احترام جسدها وإعطاءه حريته التى من خلالها نستطيع أن نطور نظرة المجتمع، ليس فقط تجاه ارتداء التنورة، بل تجاه المرأة بكل تجلياتها».

النص الأصلى

 

التعليقات