من يحمى الفلول؟ - سلامة أحمد سلامة - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:30 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من يحمى الفلول؟

نشر فى : الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 9:00 ص | آخر تحديث : الأربعاء 16 نوفمبر 2011 - 9:00 ص

كان ثمة إجماع منذ البداية على أن القوى التى شاركت فى النظام البائد، ولعبت دورا فى إفساد الحياة السياسية فى مصر، لابد من إزاحتها عن مواقعها وعدم تمكينها من العودة إلى قلب النظام قبل خمس سنوات على الأقل.. يكون النظام الجديد خلالها قد تخلص من السموم والعلل التى ورثها عن النظام السابق، ونشأت طبقة جديدة أكثر إيمانا بمبادئ الثورة، وأنظف يدا، وأكثر تمسكا بالمصالح القومية العليا..

 

ولذلك جاء قرار المحكمة الإدارية العليا بحل الحزب الوطنى تطورا طبيعيا ومنطقيا لشعب يسعى إلى تجديد طاقاته وإعداد البلاد لحكم رشيد. وكان المفروض أن يستخلص المجلس العسكرى والحكومة من هذا القرار بحل الحزب الوطنى النتائج التى تترتب عليه، من استبعاد فلوله من المناصب الرئيسية. ولكن أحدا لم ينتبه إلى أن ثمة تسلسلا منطقيا للأمور من شأنه أن يضع قيودا على حركة الفلول فى مؤسسات المجتمع من الناحية السياسية، ويمنع نشاطها السياسى ويقدم من يثبت فساده المالى والسياسى للمحاكمة.. واكتفى المجلس العسكرى بإزاحة رأس النظام والذين كانوا قريبين منه أو معه. بينما تركت الدولة عشرات الآلاف من ذوى الذمم الخربة وأنصاف اللصوص والوسطاء والمتربحين من الذين باعوا واشتروا وأثروا فى مقاعد مجلسى الشعب والشورى، واحتلوا مناصب رئيسية فى الإدارات المحلية.. دون حساب!

 

المهم أن مسألة الفلول هذه لم تحظ بالانتباه الكافى، وظلت معلقة طوال الشهور الماضية، إما كموضوع للتندر والسخرية، وإما كمجال لمحاولات عقيمة غير جادة لإصدار تشريعات لم تصدر أبدا للغدر أو العزل أو إبعاد أعضاء الوطنى.. وهو ما استندت إليه المحكمة الإدارية العليا أمس لتبرير وقف تنفيذ حكم استبعاد الفلول أى رفض ترشح أعضاء الوطنى المنحل فى انتخابات الشعب والشورى، إلا بمقتضى تشريع.

 

وكالعادة كان لابد أن تهمل المشكلة حتى تتفجر أمام أعيننا فى الانتخابات. فلا يعرف الناخب على وجه التحديد من له حق الترشح ومن ليس له.. حتى شهدت المحاكم موجة واسعة من الطعون الانتخابية ضد عشرات من أعضاء الحزب الوطنى المنحل. وبين قرار من المنصورة باستبعاد الفلول وقرار من الإسكندرية باستمرارهم، ورفض الطعون بوقف تنفيذ الأحكام.. أصبح على الناخب أن يضرب أخماسا فى أسداس، حتى يخرج من هذه المتاهة الانتخابية التى لم يكن أحد يحسب حسابها.

 

فى ضوء هذه الأجواء الغامضة، يبدو من الصعوبة بمكان التنبؤ بما يمكن أن تئول إليه المراحل الثلاث من العملية الانتخابية. وأيا كان القرار النهائى الذى سيحدد مصير الفلول، فإن حجم المشاكل والخلافات التى بدأت بالفعل فى المدن والقرى وسط حالة بالغة السوء من الانفلات الأمنى وضعف جهاز الشرطة وإحجام السلطة العسكرية عن الدخول فى صدام مع الأهالى.. مما خلق حالة حرب مجتمعية لأهون الأسباب!

 

لا يحتاج المرء إلى كثير من التفكير لكى يدرك أن غياب الأجواء الانتخابية الملائمة لمنافسة نزيهة تتم لأول مرة فى ظل أوضاع جديدة تختفى فيها الرشوة والتزوير وشراء الأصوات، كان الأحرى بها فعلا أن تخلو من السجالات والخلافات حول قضايا يمكن أن تؤجل إلى ما بعد الانتخابات.

 

فالجدل الذى يدور الآن حول «وثيقة السلمى» وما تنطوى عليه من خلافات فرعية يمكن تسويتها والوصول إلى حل وسط بشأنها، مثل الوضع الخاص بالمؤسسة العسكرية، والوضع الخاص للمؤسسة القضائية.. قد أضاف إلى حالة التوتر الانتخابى والمنافسة الحادة التى اتسمت خلال الشهور الأخيرة بالعنف.. مشاعر من القلق وعدم الارتياح لمستقبل الانتخابات يضاعف منها الضغط بسحب «وثيقة السلمى» بعد مهلة محددة.

 

الأمر المؤكد أن الإسراع بإجراء مراحل الانتخاب الثلاث، وإنجاز حل حاسم لمشكلة الفلول يستند إلى حكم قضائى، وتأجيل القضايا الفرعية حول الاتفاق على وثيقة المبادئ الدستورية، وأسلوب تشكيل اللجنة المنوط بها وضع الدستور.. سوف يقطع رءوس كثير من الثعابين التى تعيث فسادا فى كل مكان!

سلامة أحمد سلامة صحفي وكاتب مصري كبير وصاحب آراء ليبرالية قوية وجريئة وبناءة في مسيرة الصحافة العربية. يشغل منصبي رئيس مجلس تحرير جريدة الشروق ورئيس مجلس تحرير مجلة وجهات نظر. هو صاحب العمود اليومي من قريب في جريدة الشروق وكان في السابق نائبا لرئيس تحرير الأهرام.
التعليقات