ميثاق طاقة جديد من أجل أفريقيا - مواقع عالمية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 1:48 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ميثاق طاقة جديد من أجل أفريقيا

نشر فى : الإثنين 17 يوليه 2023 - 8:25 م | آخر تحديث : الإثنين 17 يوليه 2023 - 8:25 م
نشر موقع Project Syndicate مقالا للكاتبين وليام روتو وفاتح بيرول، يدعوان فيه إلى إبرام ميثاق طاقة جديد فى قمة العمل المناخى الأفريقى ــ التى تستضيفها نيروبى فى سبتمبر من العام الحالى ــ يهدف إلى تعزيز التعاون بين الدول الأفريقية وشركائها الدوليين لتمويل وتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة فى القارة السمراء، لضمان التحاقها بركب الطاقة النظيفة، فإنجاز مثل هذا الميثاق يعود بالنفع على العالم بأسره لا القارة الأفريقية فقط... نعرض من المقال ما يلى.
يربط كثيرون بين تكنولوجيات مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والجهود المبذولة فى التصدى لتغير المناخ. لكن هذه التكنولوجيات، من منظور أغلب الفئات السكانية الأكثر ضعفا وعُرضة للمخاطر فى العالم، أكبر كثيرا من مجرد حلول للطاقة النظيفة. فهى، من خلال خلق الوظائف، وتحسين الصحة، وزيادة الحراك الاجتماعى والمساواة بين النوعين الاجتماعيين، تشق طريقا إلى مستقبل أكثر ازدهارا.
يصدق هذا بصورة خاصة فى أفريقيا. ذلك أن القارة، عندما نتحدث عن مصادر الطاقة، تتمتع بإمكانيات هائلة غير مستغلة إلى حد كبير. على سبيل المثال، على الرغم من كونها موطنا لنحو 60% من موارد الطاقة الشمسية على مستوى العالَم، تملك أفريقيا ما يقرب من ذات قدرة الطاقة الشمسية الفوتوفلطية المثبتة فى بلجيكا، وهى دولة صغيرة غير معروفة بأنها مُـشرِقة بأشعة الشمس. تتمتع أيضا دول أفريقية عديدة بإمكانات عظيمة فى توليد الطاقة المائية، وطاقة الرياح، والطاقة الحرارية الأرضية، ومن الممكن أن تلعب مصادر الطاقة هذه دورا بالغ الأهمية فى تنويع وتأمين إمدادات الكهرباء. ولا شك أن استغلال ثروات القارة الطبيعية بطريقة مسئولة ضرورة أساسية لتنميتها.
إن الطاقة المتجددة قادرة على تحقيق فوائد اقتصادية واجتماعية ضخمة. فى مختلف أنحاء أفريقيا، لا يزال مئات الملايين من البشر يفتقرون إلى القدرة على الوصول إلى الكهرباء ــ وهو عائق رئيسى يحول دون اكتساب التعليم، وإيجاد فرص عمل منتظمة، والمساهمة فى اقتصاد مُنتِج. وقد أدت أزمة الطاقة العالمية إلى تفاقم هذا الوضع، فى حين تسببت مشكلات الديون والارتفاعات السريعة فى الأسعار فى زيادة صعوبة تحقيق هدف الأمم المتحدة المتمثل فى تمكين الوصول الشامل إلى الطاقة بحلول عام 2030. تعتبر مصادر الطاقة المتجددة شديدة الأهمية فى معالجة هذا الوضع، حيث من المنتظر أن تصبح الطاقة الشمسية على وجه الخصوص المصدر الأرخص للكهرباء فى كل مكان تقريبا فى أفريقيا بحلول عام 2030.
الكهرباء ليست مصدر القلق الوحيد فى القارة عندما يتعلق الأمر بالطاقة. فلا يزال أربعة من كل خمسة أشخاص فى منطقة جنوب الصحراء الكبرى فى أفريقيا يطهون طعامهم باستخدام الحطب والكتلة الحيوية، والتى عند إحراقها تنتج أدخنة ضارة. الواقع أن ما يقرب من نصف مليون حالة وفاة مبكرة سنويا فى منطقة جنوب الصحراء الكبرى ترجع إلى تلوث الهواء المنزلى الناتج عن الافتقار إلى القدرة على الوصول إلى معدات الطهى النظيفة. يؤثر هذا بشكل غير متناسب على النساء والأطفال، ليس فقط فى ما يتصل بالصحة بل وأيضا الوقت المُهدَر والافتقار إلى الفرصة. إن حلول الطهى النظيف قد تعنى زيادة عدد الأطفال فى المدارس، بدلا من عملهم فى جمع حطب الوقود، وزيادة عدد النساء اللاتى يملكن الوقت الكافى للبحث عن عمل أو بدء عمل تجارى خاص، وهذا من شأنه أن يوفر طريقا للاستقلال المالى. كما يقلل استخدام وقود الطهى النظيف من الانبعاثات الغازية المسببة للاحتباس الحرارى الكوكبى.
• • •
يستلزم التصدى لتحديات الطاقة فى أفريقيا استثمارات حقيقية من كل من القطاعين العام والخاص. فى الوقت الحالى، يُـنَـفَّـذ ما يقرب من 3% فقط من استثمارات الطاقة فى مختلف أرجاء العالَـم فى أفريقيا، حتى برغم أن القارة تؤوى 17% من سكان العالم (أكثر من 1.2 مليار نسمة) ــ ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم فى السنوات الثلاثين المقبلة. ينبغى للمؤسسات المالية الدولية أن تكثف جهودها لحشد رأس المال الخاص، فتعمل كمحرك أول لاستيعاب المخاطر وحماية الاستثمارات. وبهذا تساعد فى الترويج للمشاريع التى تدعم الفئات السكانية المستضعفة، وترسى الأساس للنمو الاقتصادى المستدام، وتضمن تحول أفريقيا إلى مقصد جاذب للاستثمار.
تشكل الاستثمارات فى شبكات الطاقة المرنة الفَعّالة عاملا بالغ الأهمية فى تلبية احتياجات الطاقة المتنامية فى المراكز الحضرية المكتظة بالسكان والصناعات المتنامية. من ناحية أخرى، عملت الأنظمة خارج الشبكة التى تعمل بالطاقة الشمسية والبطاريات على إحداث ثورة بالفعل فى طريقة حصول المدن النائية على الكهرباء. وسوف تشكل أنظمة الطاقة المركزية واللامركزية على حد سواء أهمية كبرى لتوسيع قدرة جميع الأفارقة على الوصول إلى الطاقة.
من الممكن أيضا أن يساعد بناء أنظمة الطاقة الحديثة الجديرة بالثقة أفريقيا على تطوير قاعدتها الصناعية وقدرتها التصنيعية، بما فى ذلك تصنيع تكنولوجيات الطاقة النظيفة، التى من المنتظر أن تسجل سوقها نموا سريعا خلال هذا العقد. الواقع أن القارة تُعَد بالفعل لاعبا رئيسيا فى إنتاج المواد الخام اللازمة لتصنيع تكنولوجيات الطاقة النظيفة، وهى موطن لأكثر من 40% من الاحتياطيات العالمية من الكوبالت، والمنجنيز، والبلاتين ــ المعادن الرئيسية الداخلة فى تصنيع البطاريات وخلايا الوقود الهيدروجينية. هذه الموارد يجب استخراجها واستخدامها على النحو الذى يعود بالفائدة على السكان المحليين ويحترم المعايير البيئية والاجتماعية. إلى جانب التعدين، يتعين على المجتمعات الأفريقية أن تركز على تعزيز قدرتها فى قطاعات التكرير والتصنيع، وكذا على تشييد بنيتها الأساسية فى مجال التصدير. وهذا يتطلب توفر قوة عاملة جيدة التجهيز من المهندسين والفنيين والعلماء المُدَرَّبين.
• • •
من المعروف أن أفريقيا ساهمت بأقل قدر من الانبعاثات الغازية المسببة للانحباس الحرارى الكوكبى، لكنها مع ذلك تعانى من أسوأ التأثيرات المترتبة على تغير المناخ. وللمساعدة فى ضمان حصولها على الفرصة للاضطلاع بدور مركزى فى اقتصاد الطاقة النظيفة الناشئ، ندعو إلى إبرام ميثاق طاقة جديد فى قمة العمل المناخى الأفريقى التى تستضيفها نيروبى فى سبتمبر من عامنا هذا قبيل انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة المعنى بتغير المناخ (مؤتمر الأطراف 28) الذى تستضيفه دبى فى وقت لاحق من العام.
الهدف من هذا الميثاق يتلخص فى تعزيز أواصر التعاون العميق بين البلدان الأفريقية وشركائها الدوليين لتسريع تقدم القارة البطىء بدرجة غير مقبولة نحو الوصول الشامل إلى الطاقة؛ وزيادة الاستثمارات فى مشاريع الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة فى أفريقيا؛ وإرساء الأساس لتمكين البلدان الأفريقية من المساهمة فى سلاسل توريد الطاقة النظيفة الناشئة. يتطلب تحقيق النجاح أن تعمل الحكومات الأفريقية مع الشركاء الدوليين على تطوير خطط أكثر طموحا لتمويل وتنفيذ مشاريع الطاقة فى أفريقيا، ومعالجة قضايا ومشكلات الحوكمة والبيئة والعمل فى ذات الوقت.
إن إنجاز ميثاق الطاقة الجديد، إذا تم على الوجه الصحيح، كفيل بتوليد فوائد دائمة لأفريقيا، مثل زيادة أمن الطاقة وتحسين مستويات المعيشة، ومساعدة العالم على تحقيق أهداف المناخ. أما إذا تُرِكَت أفريقيا خارج مستقبل الطاقة النظيفة، فسوف يعانى الكوكب بأسره.

النص الأصلي

التعليقات