الحوار مع المستقبل قبل الحوار مع الآخرين - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الثلاثاء 23 أبريل 2024 1:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحوار مع المستقبل قبل الحوار مع الآخرين

نشر فى : الإثنين 17 نوفمبر 2014 - 8:30 ص | آخر تحديث : الإثنين 17 نوفمبر 2014 - 8:30 ص

دعا الرئيس عبدالفتاح السيسى جريدة «الشروق» إلى تنظيم مؤتمر وإجراء حوار مجتمعى تحت رعايته، والسؤال هو: هل هنالك أهمية لمثل هذا الحوار خاصة والأحزاب المصرية ليست فاعلة فى الشارع، وأن ثورتى 25 يناير، 30 يونيو قام الشعب بهما بصورة تلقائية فلم يقودهما حزب أو فئة اجتماعية وإن كان البعض قد ركب الثورة بعد نجاحها. وبالطبع فى دعوة مثل هذه تظهر تكهنات كثيرة ومحاولات لفهم ما وراء الدعوة، وكأن الدعوة فى حد ذاتها مؤامرة يريد البعض الاستفادة من ورائها، والبعض يتحدث عن كيف يجرى الحوار فى جو مشحون بهذه الصورة فلابد من اتخاذ إجراءات ما للتهدئة.

الحقيقة أنه لم يوجد وقت ما فى أى دولة من الدول فى زمن من الأزمان انتظر الحوار فيها حتى تهيأ له الجو لنجاحه بل بالعكس فإن عظمة الحوار وأهميته هو أن يتم فى جو يتطلع إلى المستقبل ولا ينظر لحلول جزئية لمشكلات الحاضر. ولاشك أن جريدة «الشروق» قامت باختيار مجموعة من الفاعلين من داخل وخارج الجريدة للترتيب والإعداد لمثل هذا الحوار ثم الإشراف عليه، وأخيرا تقييمه موضوعيا.

أضع أمام هذه المجموعة اقتراحا بأن يكون الحوار على مرحلتين، الحوار مع المستقبل ثم الحوار مع الآخرين، فى المرحلة الأولى تطلب المجموعة المنظمة من المشاركين فى الحوار « أحزاب ــ نخب ــ هيئات ــ أفراد.. إلخ» أن يكتب كل طرف مشارك فى الحوار «رؤيته لمستقبل مصر»، ولا سيما لو صممت المجموعة استمارة تحتوى على بنود مثل الرؤية ــ الأهداف الاستراتيجية ــ الأهداف الفرعية ــ الوسائل... إلخ. «لتسهيل ملئها، وذلك حتى لا يكون الحوار عبارة عن ترديد شعارات قديمة «والله زمان يا سلاحى» و«أحلف بسماها وبترابها» و«قلنا هانبنى وآدى احنا بنينا» و«سمينا وصلينا»... إلخ.

فالمستقبل كائن حى متحرك، صاحب اليد العليا وصاحب القرار فهو الذى يختار الدول والأفراد الذين سوف يصحبهم ويصحبونه، وأيضا هو الذى يختار أولئك الذين يتركهم من خلفه، لذلك على هذه المجموعة أن تطلب رؤى مستقبلية خلاقة مبدعة غير مسبوقة وليست تقليدية. بعد ما حدث فى 11 سبتمبر بأمريكا خرجت مقولة نسبت إلى هيلارى كلينتون unthinkable to think the، وأقرب ترجمة للعربية هى التفكير خارج الصندوق، والصندوق هنا يعبر عن أسلوب التفكير العادى.

بعد تلقى المجموعة لحوار المرحلة الأولى: الحوار مع المستقبل يأتى دور المرحلة الثانية الحوار عن المستقبل الذى يتخيلونه مع الآخرين حيث توضع الرؤى متجاوره بعد تصفيتها من المجموعة المنظمة وتحديد المشترك بينها والمختلف، وذلك حتى يكون الوقت الذى يقضونه فى الحوار مهدفا واضحا للتوافق حول المستقبل الذى نتمناه ونريده، ويكون عنوان الحوار «الدولة التى نرجوها ونريدها».

واقترح بعض الموضوعات المهمة التى ترسل للمشاركين ليأتوا برؤيتهم فيها من خلال الرؤية العامة:

الإنسان المصرى الذى نريده «الهوية ــ الكرامة»

إن أهم الموضوعات التى يجب التحاور حولها هو الإنسان المصرى الذى يعانى من الجهل فنسبة الأمية 40% بالإضافة إلى أمية المتعلمين، والفقر حيث ارتفعت نسبة البطالة بين الشباب هذا فضلا عن تدهور العناية الصحية مما أدى إلى إضعاف الانتماء الوطنى والقومى وصار فريسة للتطرف الدينى، وقد انتشرت العشوائيات فى كل مكان وانتشرت المخدرات والإلحاد فاهتزت هويته كمصرى نتيجة فقدانه لكرامته واعتزازه بنفسه وبلده.

سؤال التقدم من جديد: كيف ومن أين نبدأ؟

وهذا السؤال فى منتهى الأهمية لأنه يحدد نقطة الانطلاق للتقدم من جديد، وسوف تكون هناك عدة نقاط يصلح أن تنطلق منها مصر من جديد لكن توافر المعلومات سيكون الفيصل فى الاختيار. فلابد أن تتوافر فى تلك النقطه احتياج أساسى يراد علاجه وأن علاجه لا يستهلك وقتا طويلا وأن امكانات ونسبة نجاحه مرتفعة حتى إذ أنجز يعطى دفعة قوية للاستمرار بقوة واستكمال الخطة.

كيفية نضوج الوعى الديمقراطى

هناك معوقات كثيرة تعوق نضوج الوعى الديمقراطى للانسان المصرى من بينها الجهل والفقر والقبلية فضلا عن الإعلام الذى كثيرا ما لا يقدم رسائل عكسية للوعى الديمقراطى.

نور المعرفة وحجاب السلطة

ليس من الضرورة أن تتضمن السلطة معنى الدولة أو يقتصر مبنى ومعنى السلطة على الهيمنة السياسية وفى إطارها ذلك لأن السلطة أكثر شمولية من تلك المعانى أنها العلاقة الأكثر جدية وجدلية بين الحدود الخاصة للفرد فى إطار الدولة والمجتمع وبين الحدود العامة للمساحة المشتركة التى تتضمن الحياة الاجتماعية للجماعة البشرية ككل بتنظيماتها السياسية الدولية والاجتماعية.

العدالة الانتقالية بين التسامح والعقوبة

عادة بعد الثورات والكوارث والحروب تحتاج الشعوب إلى ما يسمى بالعدالة الانتقالية، ذلك لأن العدالة العادية تحتاج إلى وقت ولا يمكنها أن تحكم عدالتها على قتل جماعى عنصرى مثلا كما حدث فى جنوب افريقيا، أو جرائم تتم فى الزحام الشديد مثلما حدث فى التحرير، أو ضد فئات معينة من البشر مثل النساء والأقليات، لذلك لابد من مناقشة العدالة الانتقالية لتهدأ النفوس.

الميتافيزيقا السياسية وخطف المسائل إلى المركز المقدس

ما من مسألة سياسية أو علمية أو أدبية سواء كانت أساسية أم فرعية إلا وخطفت إلى الدائرة الدينية ليتم تصنيفها بعدا وقربا من الله وقياسا به، وهنا تخرج علينا فتاوى متناقضة غير منطقية مثل قضية المرأة والخروج على الحاكم.

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات